google.com, pub-7749502846098785, DIRECT, f08c47fec0942fa0
أدب الطفل العربي -->
النجباء النجباء
random
جاري التحميل ...
random

أدب الطفل العربي




 أدب الطفل العربي





المقدمة


إن بيئة الطفل قد تكون بيئة مساندة تعمل على الكشف عن طاقاته الإبداعية ورعايتها، وقد تكون بيئة غير مساندة، تعمل على تجاهل هذه الطاقات وتدميرها أيضاً.  وما نقصده هنا بالبيئة البيت والمدرسة بشكل خاص.
 والأدب أحد المجالات التي تسعى التربية الإبداعية إلى توجيه الطفل نحوها إذا ما لوحظ وجود ميول أدبية لديه مثل: كتابة القصة والشعر وغيرهما.  وللأدب تأثير كبير على لغة الأطفال وتفكيرهم وسماتهم النفسية والشخصية.
 ومن الأهمية بمكان أن يتعرض الطفل منذ الطفولة المبكرة للنماذج الأدبية المختلفة؛ لكي يتشكل لديه الحس والذوق الأدبي الفني.  ففي البداية يسمع الطفل الأنشودة والقصة من الوالدين ومعلمة الروضة، وبعد أن يتعلم القراءة، يقرأ بنفسه ما يختار من القصص والأناشيد والمجلات وغيرها.
وتلعب المدرسة بما فيها من إدارة ومعلمين ومرشدين تربويين ونفسيين دوراً مهماً في الكشف عن طاقات الطفل الإبداعية، وتشكيلها، وتنميتها، ويمكننا أن نقول في هذا السياق إن الإبداع من أنواع السلوك التي يمكن أن يتعلمها الفرد.  وهنا يجب أن نؤكد أهمية وجود المعلم المبدع (أو على الأقل المقدر للإبداع)، فإذا لم يكن المعلم نفسه مفكراً مبدعاً مجدداً، فكيف نتأمل منه الكشف عن الطلاب المبدعين ورعايتهم؟
 ويقول بياجيه: "إن الهدف الأساسي من التربية هو خلق رجال قادرين على صنع أشياء جديدة، ولا يقومون فقط بتكرار ما صنعته الأجيال السابقة، رجال مبدعين، مبتكرين، ومكتشفين .[1]
إن  الطفل اليوم هو مؤسس بناء حضارة الغد، فيجب أن ننتقي له الجوانب الإيجابية من الحضارات السالفة، فتلتقي الحضارات الفكرية في ذهن الطفل مبسطة، يحاورها عقله، ويستقي منها ما يمهد له طريق قدراته وميوله، وهكذا ينمو فكره بآخر أفكار الحضارات الأخرى السالفة، تنقل هذه الأفكار للطفل الخبرات الحياتية من السابقين، وتنمي قدراته لتؤسس لفكر تقدمي، فيكمل الطفل مشوار الأجداد، ويعلو بالصروح الفكرية، هذا إن كانت الأفكار تحمل خبرات سوية، أما إن كانت تحتوي على تراث مغلوط به شوائب فكرية، هنا يكون هذا الفكر محذوراً، ويجب إبعاده عن الأطفال.
إن أدب الطفل هو المسئول عن تنشئة المجتمع المثالي، فطفل اليوم هو نصف الحاضر وكل المستقبل، والدولة المتقدمة هي التي تؤسس لمجتمع الغد، فالطفل هو حامل مشعل التنوير في الغد، ونظراً لأهمية دور الإبداع القصصي في تنشئته، حيث أن للقصص دوراً مهماً في التربية، سواء من ناحية توجيه السلوك، أو تنمية الخيال، وترقية اللغة وليس لمجرد التسلية واللهو كما يعتقد البعض، نظراً لكل هذا.
وأدب الطفل من الآداب الموجهة، أي المحدد سلفاً لمن سيوجه، وأرى أن كل الآداب المعروفة موجهة توجيهاً تربوياً، كآداب الطفل، أو فكرياً يحمل في طياته وخزات فكرية، توجه المتلقي إلى تيارات فكرية أو سياسية أو دينية أو خلقية.
وإن كان التوجيه الفكري للطفل يحمل التوجيه التربوي البحت، الكاتب يكتب القصة أو القصيدة أو المقال، ويضع في اعتباره المتلقي المعني بالخطاب، فإن كان يخاطب عامة الشعب، عليه أن يجمع بين البساطة والمبالغة..شمولية الفكرة وتقعيرها بالإضافة إلى بساطة اللغة، وتعميق دلالاتها، ورغم ذلك يلعب بكل أدواته ويطلق العنان لإبداعاته وقدراته.
ولكن أدب الطفل هو الوحيد الذي يلتصق اسم نوعه باسم متلقيه، وعلى الكاتب أن ينطلق من خلال المستويات الفكرية والمعرفية لمتلقيه، لا من خلال مستوياته الفكرية والمعرفية هو، من البداية هو يدرك أن المتلقي الذي ينتظره في نهاية بحر الإبداع طفل، إذن عليه أن يحدد قاموسه المعرفي واللغوي وتركيبه الفسيولوجي والبيولوجي، لتحديد ميوله الفكرية، والانطباعية للفكر الذي يتلقاه يستعيد ذاكرته وغرائزه الطفولية بفكر واع لكاتب مبدع.
وفي هذا البحث المتواضع نقوم بفضل الله بالتعرف على مفهوم أدب الطفل ومراحله الزمنية وخصائصه وأنواعه ، ومن ثم أهميته والتحديات التي تواجهه . ثم نختتم بحثنا بخاتمة وتوصيات .





المبحث الأول

مفهوم أدب الأطفال



يحاول النقاد الآن، تمحيص أدب جديد على الأدب، هو أدب الأطفال، سواء في طبيعته أو مصادره أو غاياته، مما يساهم في وضع حدود لهذا الأدب الناهض، وتتنازع مسؤوليته المؤسسات والأفراد، ويتحمل أعباءه الأدباء والمربون ورجال الإعلام.
وهو جزء من الأدب بشكل عام، وينطبق عليه ما ينطبق على الأدب من تعريفات، إلا أنه يتخصص في مخاطبة فئة معينة من المجتمع، وهي فئة الأطفال، وقد يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار تبعاً لاختلاف العقول والإدراكات، ولاختلاف الخبرات نوعاً وكماَ. ولكن الذي لا خلاف فيه أن المادة الأدبية لقصص الأطفال الفولكلورية والتقليدية، والتي ظلت تحكى لأطفال شعب من الشعوب، على مر الأجيال من آلاف السنين فتستحوذ على عواطفهم وخيالاتهم، لم تكن منعزلة عن التيار العام للخيال والصور أو التفكير في هذا الشعب، بل كانت قصص الأطفال تعبيرات أدبية خالصة صنعها الكبار.
مفهوم أدب الأطفال :
لقد عرَّف بعضهم أدب الأطفال، بقوله: (إذا أردنا بأدب الأطفال كل ما يقال للأطفال بقصد توجيههم، فإنه قديم قد التاريخ البشري، حيث يلتزم بضوابط نفسية واجتماعية وتربوية، ويستعين بوسائل الثقافة الحديثة، في الوصول إلى الأطفال، فإنه في هذه الحالة ما يزال من أحدث الفنون الأدبية) ، ومع عمومية هذا الرأي وانتشاره، ثمة تأكيد على أن هذا الفن ابتدأ منظماً ومضبوطاً بقواعد وأصول، في أوروبا عموماً، وفي فرنسا على الأخص، ومنها عمت بقية دول العالم، حتى بات أدب الأطفال يشكل ظاهرة ثقافية واجتماعية واقتصادية، من حيث تنوع موضوعاته وأحجامه وأصنافه، وعم تقريباً كل مكان في العالم.
ولأدب الأطفال نوعان من الممارسة، الأول : منتوج أدب الأطفال، الذي يصنعه الكبار غالباً، وتقتصر مشاركة الأطفال فيه على التقليد، أو إبداء الإعجاب، والثاني: نشاط الطفل الأدبي والفني، ويعتمد هذا المنتوج على إظهار الموهبة المبكرة، أو على ما يصنعه الأطفال خلال أداء المناشط الأدبية.
وأدب الأطفال قديم قدم قدرة الإنسان على التعبير، وحديث حداثة القصة أو الأغنية التي تسمع اليوم في برامج الأطفال بالإذاعة المسموعة والمرئية، أو تخرج من أفواه المعلمين في قاعات الدراسة، أو يحكيها الرواة في النوادي، ينسجون أدباً يستمتع به الأطفال ويصلهم بالحياة.
وبذلك فإن أدب الأطفال لا يمكن أن يكون له تعريف مستقل، بل يندرج في إطار الأدب العام، وهو مرتبط بالكتاب والقارئ، فالأدب يمكن أن يعرف بأنه تجربة القارئ حين يتفاعل مع النفس طبقاً لمعانيه الخاصة ومقاصده ودلالاته .
وبشكل متخصص أكثر فإن أدب الأطفال يعد تشكيلاً لغوياً ينتمي لنوع الأدب سواء أكان قصة أو شعراً أو مسرحية يقدمه كاتب تقديماً جيداً في إطار متصل بطبيعة الأدب ووظيفته اتصالاً وثيقاً ويتفق مع عالم الطفولة اتفاقاً عميقاً , ويجب أن يراعي أدب الأطفال خصائص مراحل الطفولة ويتدرج بها إلى الكمال وذلك عن طريق إشباع احتياجاتهم في إطار المثل والانطباعات السليمة .
وعليه فإن أدب الأطفال في مجموعة الآثار الفنية التي تصور أفكار وإحساسات وأخيلة تتفق ومدارك الطفل وتتخذ أشكال القصة والشعر المسرحي والمقالة والأغنية وغيرها وأدب الأطفال ليس مجرد وسيلة للمتعة بل وسيلة للتنمية الدينية و الخلفية والثقافية والارتقاء بالمشاعر والأحاسيس . وإذا كان الأدب نافذة نطل من خلالها على أنفسنا و عالمنا فلابد أن تكون تلك الإطلالة بالنسبة للطفل إطلالة ترتقي به وتوجهه وتعلمه وتحقق له نوعاً من التوافق النفسي والتكامل الاجتماعي
ورغم أن أدب الأطفال يتميز بالبساطة والسهولة إلا أنه لا يعد تصغيراً لأدب الراشدين لأن لأدب الأطفال خصائصه التي تسبغها طبيعة الأطفال أنفسهم فالطفل ليس مجرد رجل صغير كما كان يشاع من قبل , حيث أن حاجات الأطفال وقدراتهم وخصائصهم الأخرى تختلف في اتجاهاتهم عما يميز الراشدين فهناك صفات معينة تختص بها الطفولة وحدها وهي تزول أو تنسى عندما يشب أو ائل الأطفال , لذا الزاد الثقافي أدبياً كان أو غير أدبي هو زاد متميز مادامت الطفولة مرحلة نمو متميزة وهذا الزاد لا يشكل بالضرورة تصغيراً أو تبسيطاً لزاد الراشدين الثقافي .‏
وقد يبدو أدب الأطفال سهلاً لكنه في الحقيقة على درجة عالية من الحساسية والأهمية بما ينبغي ترجمة الأفكار إلى مواضيع ذات صبغة طفولية بفهمها الأطفال وذلك من أجل ايصال هدف معين لهم , فالأطفال يمتلكون مساحة ضيقة من الانتباه وغالباً ما تكون قدرتهم اللغوية ضعيفة لذا ينبغي مراعاة المستويات والحاجات والخصائص الطفولية من خلال الانتاجات الادبية المقدمة لهؤلاء الأطفال لذا يتوجب على الكاتب في أدب الأطفال استخدام الاسلوب المحبب لاسيما أن هذا الأدب من الفنون الصعبة ويجب أن يتسم بالبساطة في الكتابة واللفظ والمعنى .‏
ويمكن تعريف أدب الأطفال بأنه:
خبرة لغوية في شكل فني، يبدعه الفنان، وبخاصة للأطفال فيما بين الثانية والثانية عشرة أو أكثر قليلاً، يعيشونه ويتفاعلون معه، فيمنحهم المتعة والتسلية، ويدخل على قلوبهم البهجة والمرح، وينمي فيهم الإحساس بالجمال وتذوقه، ويقوي تقديرهم للخير ومحبته، ويطلق العنان لخيالاتهم وطاقاتهم الإبداعية، ويبني فيهم الإنسان.
كما يعرف أدب الأطفال بأنه شكل من أشكال التعبير الأدبي، له قواعده ومناهجه، سواء منها ما يتصل بلغته وتوافقها مع قاموسه الطفل، ومع الحصيلة الأسلوبية للسن التي يؤلف لها، أم ما يتصل بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة من مراحل الطفولة، أم يتصل بقضايا الذوق وطرائق التكنيك في صوغ القصة، أو في فن الحكاية للقصة المسموعة [2]  .
 ويعرف أدب الأطفال بأنه في مجموعه هو: "الآثار الفنية التي تصور أفكاراً وأحاسيس وأخيلة تتفق ومدارك الأطفال وتتخذ أشكال القصة والمسرحية والمقالة والأغنية" .[3]
والقول عن الأدب بأنه "الآثار الفنية التي تصور أفكاراً وأحاسيس وأخيلة" قد ينطبق على الأدب عامة - الموجه للصغار والكبار على السواء - ولكن قول الهيتي بوجوب ملاءمة تلك الآثار الفنية لمدارك الأطفال، أو ضرورة ملاءمة مضامين تلك الآثار مع "قدرات الأطفال العقلية والخيالية والعاطفية"، هذا التحديد يشير إلى اختلاف أدب الأطفال وتميزه عن أدب الكبار بسبب اختلاف جمهور المتلقين الصغار وخصائصهم.
 وكما أن هنالك اختلافاً في تحديد مفهوم أدب الأطفال، فإن هنالك أيضاً اختلافاً حول تحديد مرحلة الطفولة، وحول تقسيماتها المختلفة، فمن الباحثين من ينتهي بها عند الثانية عشرة، ومنهم من يمتد بها حتى سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة، ومنهم من يصل بها إلى أكثر من ذلك.
ويرى بعض الباحثين، أهمية التمييز بين النتاج الفكري عن الطفولة والنتاج الأدبي الموجه لهم.  وينادون بإعادة النظر بين هذين النتاجين.  ويرون أن أدب الأطفال له آثاره الإيجابية في تكوينهم، وبناء شخصياتهم وإعدادهم ليكونوا رواد الحياة.  والطفل هو الإنسان في أدق مراحله وأخطر أطواره، ومن ثم فإن الاهتمام بالجانب الوجداني من حياة الطفل يتعين ألا يعلوه أي اهتمام آخر، ويقوم أدب الطفل بوظائف التربية الجمالية والأخلاقية والنمو اللغوي ... الخ " [4]
ويمكن القول إن غالبية الأدباء والباحثين الذين تطرقوا لقضية اللغة والأسلوب في أدب الأطفال، يجمعون على ضرورة مراعاة لغة الطفل وقاموسه حسب مراحل العمر والنمو، مع محاولة الارتقاء التدريجي لهذه اللغة، وهذا بدوره ينعكس في الأمور التالية:
على صعيد الألفاظ والتراكيب اللغوية – الدعوة لاستخدام الألفاظ والتراكيب السهلة، وتجنب الغريبة غير المألوفة منها، والإقلال من المفردات والتراكيب المجازية إلا ما جاء منها عفو الخاطر، واللجوء إلى التكرار في الألفاظ والتعابير.
وعلى صعيد الجملة، تركيبها ونحوها – استخدام الجمل القصيرة أو المتوسطة الطول، وتجنب الجمل الطويلة المعقدة.  استخدام الجمل والألفاظ الدالة على المعاني الحسية وتجنب المجرد المعنوي.
وعلى صعيد الأساليب – تحري الوضوح والجمال والدقة وتجنب الإسراف في الزركشة والزخرف والثراء اللغوي المتكلف، وتجنب أسلوب التلميح والمجازات الغامضة الصعبة، والاقتراب من خصائص "لغة الكلام" والاستفادة من أسلوب الراوي في الحكاية الشعبية الشفهية" .[5]
ويعتقد البعض أن الكتابة للأطفال أكثر مشقة من الكتابة للكبار، بسبب الاشتراطات التربوية والثقافية التي يلتزم بها كاتب الأطفال، وبسبب مراعاته للمستوى العقلي والنفسي للمتلقين.
ويمكن القول إن أدب الأطفال قد يكون كل عمل أدبي يكتب ابتداءً وخصيصاً للأطفال، وقد يكون كذلك كل عملٍ أدبي يكتب ثم يقرأه الأطفال فيستسيغونه، ويجدونه مادة أدبية مشوقة ومحببة لهم حتى ولو لم يقصد مؤلف ذلك العمل توجيهه أصلاً للأطفال.[6]

ونحن نميل الى تعريف أدب الأطفال بأنه الكلام الجيد الذي يحدث في نفوس الأطفال فنه سواء أكان شعراً أم نثراً، وسواء كان تعبيراً شفهياً أم تحريرياً، ويدخل في هذا المفهوم قصص الأطفال ومسرحياتهم وأناشيدهم ويقول آخرون أن أدب الأطفال هو كل خبرة لغوية ممتعة وسارة لها شكل فني يمر بها الطفل ويتفاعل معها فتساعد على إرهاف حسه الفني ويعمل على السمو بذوقه، ونموه المتكامل وتساهم في بناء شخصيته، وتحديد هويته، وتعليمه فن الحياة.
وفي ضوء النظرية الأدبية الحديثة نستطيع أن نقدم تعريفاً اقرب لطبيعة الأدب ووظيفته فنقول : إنه تشكيل لغوي فني ينتمي لنوع أدب سواء أكان قصة أم شعراً مسرحياً أم شعراً غنائياً يقدمه كاتب تقديماً جيداً في إطار متصل بطبيعة الأدب ووظيفته اتصالاً وثيقاً ويتفق وعالم الطفولة اتفاقاً عميقاً.
والأدب بهذا المفهوم يجب أن يراعي خصائص الطفولة ويتدرج بها إلى الكمال عن طريق إشباع احتياجاتهم في إطار المثل والقيم والنماذج والانطباعات السليمة، وعليه فإن " أدب الأطفال " في مجموعه هو الآثار الفنية التي تصور أفكاراً واحساسات وأخيلة تتفق ومدارك الأطفال، وتتخذ أشكالاً متعددة، كالقصة، والشعر المسرحي، والمقالة، والأغنية وغيرها وتكون قائمة على معايير أخلاقية، ودينية، واجتماعية، لا تنفصل عن المعايير الفنية، لأن الأدب هو التعبير عن حضارة الإنسان، والحضارة التي لا تقوم على قيم دينية وأخلاقية، حضارة عرجاء تحكم على نفسها بالإنهيار مهما بلغت من الرقي المادي.









المبحث الثاني :

أهمية أدب الأطفال ووسائل تشجيعه


تعد الأسرة أول مكان يتولى تثقيف الطفل وذلك عن طريق احتكاكه وعلاقاته الاجتماعية مع من يحيطون به من الكبار حيث يأخذ منهم طريقة التفكير ويكتسب أسلوبهم في التعبير ومن هذا المكان يتلقى الدروس الأولى في الصواب والخطأ والحسن والقبيح وما لايجوز ونظراً لأهمية الأسرة الاجتماعية فكان لابد من أن تحاط بسياج منيع يحميها من التفكك وذلك الرابط هو المحبة بين الأفراد ومعرفة كل فرد فيها ودوره والقيام بذلك الدور الكبير بكل مسؤولية.[7]
ويعد أدب الأطفال ضرورة وطنية وقومية وشرط لازم من شروط التنمية الثقافية المنشورة في عقدها الدولي بل إن إي تنمية ثقافية تتجاهل أدب الأطفال أو تهمله ناقصة وتفتقر لجذورها وذلك لأسباب تتعلق بطبيعة التكوين المعرفي والتربوي للإنسان .
وأدب الأطفال سبيل لا غنى عنه لتسريع عملية التنمية الثقافية والاجتماعية مما يتطلب المزيد من الجهد لتأهيل أدب الأطفال وتدعيمه في التربية والمجتمع في مختلف المؤسسات ولا تتوقف هذه الجهود عند نشر كتاب أو بث برنامج اذاعي بل تحتاج إلى تخطيط قومي شامل في صلب التخطيط القومي للثقافة العربية يراعى خصوصاً أدب الأطفال وينهض بمسؤولية على أنه ادخار في كسب الحياة العربية .
ولأدب الأطفال طابعه التربوي والقومي والشعري والإيديولوجي لمواجهة الغزو الثقافي والإعلامي الاستعماري ولهذا وبرغم الحديث عن الضرورة الوطنية والقومية لأدب الأطفال فقد اغفلت أهمية أدب الأطفال في الوطن العربي ومازال الكثير منهم يتعرفون عن مخاطبة الناشئة في أدب يساعد على إنماء جماهير الأطفال الواسعة تمليه اعتبارات هذه المخاطبة التربوية والفنية بل إن كثيرين يرون خيراً في ممارسة هذا الخطاب .‏
وإن كنا نلاحظ اهتماماً بأدب الأطفال في بعض الأقطار العربية وفي بعض أجناسه وفي الكتابة له وعنه فإن الحاجة لهذا الأدب ضرورة تستند عليها إدارة الإنسان العربي بالدرجة الأولى ناهيك عن الوظائف الكبرى التي يضطلع بها أدب الأطفال في عمليات التنمية الثقافية والاجتماعية والسياسية وإن ثمة تحديات تواجه الثقافة العربية على وجه العموم والتربية العربية منها على وجه الخصوص ازاء تطوير أدب الأطفال وانتشاره إلى ملايين الأطفال الذين هم أحوج ما يكونون إليه في ظروف التحول الاجتماعي الخطيرة التي تهدها المنطقة العربية ولعل من أول الصعوبات ذلك التغيير الهائل في وسائط الاتصال الحديثة إذ تبدلت كثيراً وسائط الثقافة وتنوعت تقنيات مخاطبة الأطفال , كما ازدادت تشابكاً وتعقيداً وكاد يمحى الدور التقليدي للأسرة ولاسيما الجدة والأم والمدارس والتجمعات واللقاءات الشعبية وحلت محلها وسائل الاتصال الحديثة والتقنيات المتطورة الهائلة في نقل الأدب للأطفال ولقد اجمع أدباء الأطفال في العالم على خطورة وضع العالم الراهن ويشكل أدب الأطفال دعامة رئيسية في تكوين شخصيات الأطفال عن طريق إسهامه في نموهم العقلي والنفسي والاجتماعي العاطفي واللغوي وتطوير مداركهم وإغناء حياتهم بالثقافة التي نسميها ثقافة الطفل وتوسيع نظرتهم إلى الحياة وارهاق احساسهم واطلاق خيالاتهم المنشئة و هو ليس أداة بحد ذاته بقدر ما هو أداة للنصوص به وبالمجتمع كله ولأدب الأطفال دور ثقافي في حيث يقود لاكتساب الأطفال والقيم واللغة والاتجاهات وعناصر الثقافة الأخرى إضافة إلى حاله دور معرفي من خلال قدرته على تنمية قدرات الطفل المعرفية المتمثلة بالتفكير والتخيل والتذكر .
وسائل تشجيع أدب الأطفال :
الأسرة : وهي التي يقع عليها العبء في بناء شخصية الطفل وتربيته التربية الإسلامية الصحيحة، حيث أنها تنفرد بهذا العبء فترة من الزمن قبل أن تشاركها في هذا الدور رياض الأطفال أو المدارس أو وسائل الإعلام وقبل أن يتعلم الطفل القراءة والكتابة يستمع من أسرته إلى كثير من القصص والأغاني والأناشيد التي تترك أثرها الملموس في بناء شخصيته سلباً أو إيجاباً ويمكن أن يصنف دور الأسرة إلى مرحلتين.[8]
1- مرحلة ما قبل الدراسة: حيث يكتسب الطفل من أسرته كل الخبرات الأولية وهذا الاكتساب يعمل على بناء شخصيته وما يكتسبه الطفل من عادات واتجاهات يصعب تغييره أو تعديله ومن هنا فإن الأسرة عليها الحرص في تقديم القصص والأغاني والأناشيد ذات الدور الإيجابي والبعد عن قصص العنف والوحشية والتعصب ثم أن الأسرة نفسها يفترض أن تكون مؤهلة لتربية الطفل فلا تكون هي المصدر الأول للعنف المسلط على الطفل إذا نلاحظ هذه الأيام ضحايا من الأطفال نتيجة للعنف الأسري والإرهاب الأبوي من الأبويين اللذين هما الأداة المنفذة لصبه على الطفل.
2) مرحلة ما بعد المدرسة :وهي المرحلة التي أصبح فيها الطفل متقناً للقراءة والكتابة وتقوم الأسرة بترويضه على التكيف الاجتماعي مع البيئة الجديدة وتعمل على غرس حب القراءة والاطلاع لدى الأطفال وأن توفر لهم الكتب التي تثير اهتمامهم وأضيف على ذلك توفير الكمبيوتر وتدريب الأطفال عليه وعلى الانترنت ودخول المواقع الخاصة بثقافة الطفل وحماية المراهقين والمراهقات من الوقوع تحت سطوة المواقع الإباحية والأفلام الخليعة والبرامج الماجنة.
المدرسة : علاوة على كونها صاحبة دور أساسي في تنشئة الأطفال وتربيتهم وتعليمهم وتأديبهم إلا أنها تعمل على تأصيل الأدب لدى الأطفال باكتشاف مواهبهم وتوجيهها وتحفيز دوافع الإبداع والإبتكار عن طريق التشجيع على اللغة العربية ونصوصها استماعاً واطلاعاً وقراءة، وأن تكون الكتب المدرسية تحتوي على أسلوب جميل يحبه الطفل ويستفيد منه، ثم أن المسابقات الأدبية والمهرجانات والإذاعة المدرسية والصحافة الجدارية، اليومية والأسبوعية والشهرية وقيام الأطفال بتحريرها، كلها وسائل قوية لتشجيع الطفل على الأدب.
الإذاعة والتليفزيون : عن طريق البرامج والأفلام والألغاز والقصص التي تقدمها.
المكتبات العامة : وتعويد الأطفال على ارتيادها وقيام المكتبات بتطوير برامجها في غير إعارة الكتب.
السينما والمسرح : عن طريق مشاهدة الأفلام الدينية والتاريخية وقيام المسرح بعرض المواقف الثابتة.
المساجد : في الدرجة الأولى من وسائل التشجيع بصفتها مدارس أولية في بناء المجتمع.
الكمبيوتر والانترنت : والتدريب عليهما والوقاية من مخاطر الانترنت الأخلاقية .

 


المبحث الثالث
أنواع أدب الطفل


أولاً القصة :
وهي فن أدبي لغوي يصور حكاية تعبر عن فكرة محددة عبر أحداث في زمان أو أزمنة معينة وشخصيات تتحرك في مكان أو أمكنة وتمثل قيماً مختلفة وهذه الحكاية يرويها كاتب بأسلوب فني خاص وهي من أحب ألوان الأدب للأطفال ومن أقربها إلى نفوسهم وهي عمل فني له قواعد وأصول ومقومات وعناصر فنية وتعتبر من الوسائل الهامة لتدريب الأطفال على السرد والتعبير وهي على أنواع:
1- الرواية : ومنها التسجيلية التي تركز على حادثة تاريخية، والطرفية التي تقدم صورة مهذبة عن العاطفة الإنسانية والبوليسية التي تتحدث عن المغامرات.
2- القصة : وهي تلي الرواية في الحجم ومنها القصة القصيرة ثم الأقصوصة.
3- هناك قصص أخرى للأطفال حسب الموضوع منها :
- قصص الإيهام والخيال، وموضوع هذه القصص يكون من نسيج الخيال مثل كتاب " طواحين الهواء لدون كيشوت".
- قصص الأساطير والخرافات وهذه تختص بالآلهة وأفعالها ومنها حصان طروادة أو الأبطال خارقي القوة مثل : عنترة العبسي وسيف بن ذي يزن وأبو زيد الهلالي.
- قصص الحيوان ويكون الحيوان فيها هو الشخصية الرئيسية مثل كليلة ودمنة وقصص أحمد شوقي الشعرية.
- القصص الشعبية تدور حول الأبطال الذي أثروا التاريخ مثل قصص سلسلة الأبطال.
- قصص البطولات الدينية والوطنية مثل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
- قصص المغامرات وهذه تثير فضول الأطفال وتدفعهم إلى استكشاف ماهو غريب مثل قصص السندباد.
- القصص الفكاهية وهذه من شأنها أن تخفف من التوتر الذي يعيشه الأطفال مثل قصص جحا ونوادره.
- القصص العلمية وقصص المستقبل وتهدف إلى إثارة الإهتمام بالعلم وزيادة الثقافة وتنمي روح الإبداع لدى الأطفال.
- القصص الواقعية وموضوعاتها مستمدة من الواقع اليومي للطفل.
ولابد من حقيقة نستدل بها على أهمية القصة في حياة الإنسان وارتبطت بحياة المسلم عن طريق القرآن الكريم الذي تشير آياته الكريمة إلى الكثير من الأحداث في قصص عن الأمم القديمة وما آلت إليه من عذاب لعصيانها أوامر الله تعالى الذي أبدعها ببيانه وأسلوبه وهو الذي يعلم مدى تأثير هذه القصص في خلقه وجعلها هدفاً لإيمانهم ومعرفتهم وعلمهم وثقافتهم.

ثانياً : الأغاني والأشعار :
للأغاني والأشعار والأناشيد أهمية كبيرة في حياة الصغار والكبار والشعر بما فيه من موسيقى وإيقاع وصور شاعرية تخاطب الوجدان وتثير في النفس أحاسيس الفن والجمال وهو أقرب ألوان الأدب إلى طبيعة الذوق لأثره على انفعال الوجدان وللأطفال في طبيعتهم استعداد فطري للتغني ولهذا فإن نماذج الشعر الجيد تكون ذات شأن كبير في هذا المجال ومن أهميتها :
1- تبعث في النفس البشرية السرور والبهجة.
2- تكشف عن مواهب الأطفال ومواطن الإبداع لديهم مثل الصوت المعبر الجميل وفن الإلقاء وموهبة تأليف الشعر وموهبة التلحين.
3- تعتبر وسيلة من وسائل التعليم بما تحتويه من مضامين أخلاقية ووطنية ودينية واجتماعية.
4- تخلص الطفل من الخجل والانطواء والتردد والانفعالات الضارة.
5- تلهب الروح الوطنية وتثير الحماس في النفس الإنسانية.
6- تسهم في تجويد عملية النطق وتهذيب السمع وحسن الإصغاء والأغاني على أنواع فمن حيث الأداء فهناك الفردية، والجماعية ثم الفردية الجماعية ومن حيث المضمون: فهناك الأغاني الدينية، والوطنية الشعبية، الترفيهية.
أنواع الأشعار :
1- شعر ملحمي عرف منذ العهد اليوناني مثل الإلياذة والأوديسة والشاهنامة وعند العرب: تغريبة بني هلال وسيرة سيف بن ذي يزن.
2- الشعر الغنائي : مثل المديح، والغزل، والهجاء، والوصف، والحماسة.
3- الشعر الدرامي: وهو المسرحي ويحدد تصوير شخصيات المسرحية.
4- الشعر التعليمي : وهو تصوير الحقائق وتحويلها إلى لوحات نابضة بالحياة.

أشكال الشعر عند الأطفال:يتخذ الشعر في طريقه إلى الأطفال أشكالاً شتى فقد يكون على شكل أغنية، أو نشيد، أو أوبريت، أو مسرحية شعرية أو قصة غنائية.

أنواع أخرى من أدب الأطفال :
‌أ- الكتب بمختلف أنواعها : بما في ذلك كتب المناهج الدراسية والكتب التاريخية والعلمية والثقافية.
‌ب- الموضوعات الأدبية : كالمقالات ، والخواطر، والموضوعات الاجتماعية والأمثال ويجب أن تلائم مستوى الطفل.
‌ج- المسرح : وهو على أنواع منها المسرح العام المحترف الذي يؤسس على مستوى المنطقة أو المدينة ويهدف إلى الربح وهناك مسارح عامة تشرف عليها مؤسسات ثقافية ولكن يشترط في مثل هذه المسارح أن يكون فيها ممثلون محترفون. ثم المسرح المدرسي وهو الخاص بمدرسة أو جامعة، أو كلية، أو معهد ويكون جمهورها من الأطفال وأولياء أمورهم ويأتي بعد ذلك مسرح الفصل الذي يكون فيه العرض داخل الفصل الدراسي وتتم فيه مسرحة الدروس بكل أنواعها وأبطاله وجمهوره الطلبة والطالبات وأخيراً مسرح العرائس وهو على نوعين هما الجوانتي ويكون على مسرح دائم وماريوينت وهو مسرح محلي صغير أو متنقل داخل المدرسة. أو أندية الأطفال ويحقق المسرح للطفل أهداف سلوكية وتعليمية وثقافية.
‌د- وسائل الإعلام المختلفة : كالإذاعة والتلفاز والتسجيلات المختلفة والفيديو والكمبيوتر والانترنت


  


المبحث الرابع :
أهداف أدب الطفل العربي


نحن ماذا نريد من أدب الطفل؟ إننا نريد منه أن يحقق لنا عدداً من الأهداف الكثيرة التي تدخل تحت أربعة أهداف رئيسة هي:
1 - أهداف عقدية.
2 - أهداف تعليمية.
3 - أهداف تربوية.
4 - أهداف ترفيهية.
وذلك التقسيم لكيلا تتداخل الأفكار، و إلا فكل الأهداف تدخل تحت الهدف العقدي؛ لأننا أمَّةٌ عقيدتنا تشمل جميع شؤون الحياة الكبيرة منها والصغيرة.
1 - الهدف العقدي:
أهل كُل أمَّة كتبوا أدبهم مستمدين ذلك من عقائدهم، فتجد آثار تلك العقائد ظاهرة في آدابهم جليَّة، وبما أن ديننا الإسلام خاتم الأديان والمهيمن عليها وجب علينا أن يكون هذا الأدب معبراً عن تلك الحقيقة، فنجعل عقيدتنا تصل إلى الأطفال عن طريق الربط بينها وبين جميع حواسهم وملاحظاتهم ومداركهم؛ لأنه لا خوف من ذلك؛ فعقيدتنا لا تصطدم بشيءٍ من الحقائق العقلية، فتكون كلمة التوحيد موجودة في ذلك الأدب حتى تنمو معه. ولقد حرص الإسلام على أن يكون أولَ ما يطرق سمع الصبي الشهادتان، وكان سلفنا أول ما يحرصون عليه أن يتكلم الطفل بالشهادة، فتنمو معه ويزداد حبُّه لها.[9]
يقول الغزالي: «اعلم أن ما ذكرناه في ترجمة العقيدة ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشوئه ليحفظه حفظاً لا يزال ينكشف له معناه في كِبَرِه شيئاً فشيئاً»[10].
لا بد من ترسيخ حب الله ـ سبحانه وتعالى ـ ومعرفة قدرته، وأنه خالق الإنسان ومسيِّر الكون، وأن المرجع والمآل إليه، فينشأ الطفل غير مشوش التصور وضعيفه، تهزُّه أول كلمة شك، أو ينساق وراء الجهل، فيقع في الشرك أو البدع المهلكة.
وما أجمل تلك الأناشيد التي تمجد الخالق وتحث على التدبر في مخلوقاته، أو تلك القصص والصور التي تزيد الطفل يقيناً بعظمة الخالق وقدرته، فيزداد حباً لربه ويقيناً بعقيدته التي تدعوه إلى التضحية في سبيل الله كما فعل سلفه الصالح.
ومن تلك الأهداف العقدية محبة رسول الله - صلى الله عليه و سلم - والأنبياء والرسل، وذلك عن طريق السيرة النبوية وقصص الأنبياء المستمدة من القرآن الكريم والسنة الكريمة لا من الإسرائيليات، فما أروع تلك القصص عندما تكون تفسيراً مبسطاً لقصص الأنبياء والمرسلين التي وردت في القرآن، فيزداد ارتباطه بالقرآن، ويعلم علم اليقين أنه المصدر السابق لتلك القصص، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيكون ذلك درعاً للدفاع عندما يصل إليه المشككون، كما يصبح له ذلك طريقاً لتعلم القرآن وقراءته ومحبته والارتباط به. ومن الأهداف كذلك تحبيب الأطفال بالرسول - صلى الله عليه و سلم -، ومعرفة حقه، ووجوب طاعته؛ ففي عرض سيرته مجملة أو مقسمة خير مرسخ لتلك المحبة، والتركيز على صلته بأصحابه وعرض محبتهم له وفدائهم له، وما أكثر تلك المواقف القصصية في سيرته وسيرهم.
كما تعرض لهم علاقته مع أهل بيته، وليكون الطفل على دراية بدور الأم والأب والأولاد، فلا يكون ذلك غرضاً يرمى به عند الأقلام المسمومة.
ولا بد في أدب الطفل من استلهام كل أمرٍ عقدي من القرآن الكريم؛ حتى يعرف الطفل عن طريق تلك الآداب أن القرآن مصدر عقيدته لا يدخله شك ولا شبهة ليكون ذلك خير دفاع في نفسه في وجه تيارات الكفر والضلال، فينشأ الطفل قادراً على التكيف لا تتنازعه الأهواء، ويكون أكثر اتزاناً؛ لأن العقيدة الصحيحـة غُـرسـت في قلبه وفكــره بتمثلهـم لها عـن طـريق تلك الآداب.
يقول الإمام الغزالي: «ويرسل إلى المكتب مبكراً فيتعلم القرآن وأحاديث الأخيار، وحكايات الأبرار ليُغرَس في نفسه حب الصالحين»[11].
وليس الأمر في ذلك بحشو أدب الطفل بتلك الأسس حشواً، بل تكون أسساً يركز عليها ذلك الأدب. فقد تكون القصة أو التلوين أو الفيلم أو الأنشودة في بابها أو تحوي بين ثناياها تلك الأسس لتصل إلى الطفل مقرونة بشيء من المحسوسات؛ لتكون أسرع رسوخاً في ذهن الطفل، مبسطة حتى يمكن لعقل الصغير إدراكها، وفي القرآن الكريم أمثال لذلك من ضرب الأمثال على التوحيد، وعظمة الخالق، وقصص النبيين.
2 - الهدف التعليمي:
لا بد أن يضيف الأدب إلى أهله شيئاً قد يكون مفيداًَ أو ضاراً؛ وأُمَّـةُ الإسلام يجب أن يضيف أدبها ـ أيًّا كان نوعه ـ ما يفيد سوادها ـ ومن ذلك أدب الأطفال الذي يجب أن يستغل حب الأطفال للاستطلاع والمعرفة. يقول عبد الفتاح أبو مِعال[12]: «ولما كان الإحساس بالحاجة إلى المعرفة عند الأطفال جزءاً من تكوينهم الفطري لأن غريزة حب الاستطلاع تنشأ مع الطفل وتنمو معه، ومحاولة الطفل التعرف على بيئته تعتبر من العوامل الهامة التي إذا عولجت بحكمة؛ فإن ذلك يؤدي إلى تنمية ما يمكن أن يكون لديه من إمكانات وقدرات».
ومن ذلك أن يكون هذا الأدب يدرب الطفل على قراءة القرآن، وإجادة تلك القراءة مع فهم مبسط لمعاني ما يقرأ لكي يتذوق القرآن ويفهم ما يقرأ. وفي القرآن رصيد ضخم للمعارف بأنواعها مما يفتح عقل الطفل ويزيد تعلقه بكتابه؛ ففي بعض سور القرآن كسورة الفيل، والمسد، والشمس، قصص مبسطة وقصيرة تناسب الأطفال. وكلما تقدم الطفل كان الأدب مراعياً لذلك التقدم، كما يتعلم عن طريق الأدب ما يُقوّم لسانه من لغته العربية، فيزداد تعلقاً بها ومحبة لها، مع مراعاة القاموس اللفظي للطفل، ولذلك لا يستطيع كل أديب الكتابة للأطفال.
وليكن الأدب محفزاً الطفل على اكتشاف كل جديد، ومعرفة خفاياه من علوم دنيوية تحيط به كمكونات جسم الإنسان وآليته، وخلق الحيوانات والأرض والأفلاك وغيرها، ليعرف إبداع الخالق وعظمته مع ربط ذلك بالقرآن الكريم الذي يحوي الكثير منها. كما يعلمه الأدب علوم الإنسان كالتاريخ والجغرافيا والفيزياء والحاسب الآلي والأقمار الصناعية؛ ليشبع في نفسه حب المعرفة ولتنمية ما لديه من هوايات لتصبح مهارات يتميز بها. قال محمد بريغش:
«وأدب الطفل يعين على اكتشاف الهوايات والحصول على المهارات الجديدة، ويعمل على تنمية الاهتمامات الشخصية عند الطفل».
ويمكن تشجيعه على استعمال تلك المعارف في حديثه مع غيره، وفي إلقائه ومخاطبته للجمهور، ولنعلم مدى فائدة تلك الآداب للطفل لننظر إلى الأفلام المتحركة المدبلجة أو المنتجة؛ فلغتها الفصحى علمت أكثر الأطفال هذه اللغة المحببة، وأصبح السواد الأعظم من أطفالنا المتابعين لها يعون ويفهمون لغتهم الفصحى وإن لم يستطيعوا الكلام بها بشكل جيد، وظهر أثر ذلك في كتاباتهم، فزادت مفردات الفصحى وأساليبها، وأثَّرت في حديثه وكتابته.

3 - أهداف تربوية:
إن التربية التي يتلقاها الطفل عن طريق الأدب ليست بأقل مما يتلقاها في مدرسته أو على يد والديه أو عن طريق مجتمعه؛ لأن الطفل عندما تكون هذه التربية بالأدب أياً كان نوعه يقرؤها أو يسمعها أو يراها؛ فإنها ترسخ في ذهنه؛ فابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عندما أوصاه الرسول - صلى الله عليه و سلم - بالوصية الجامعة كان غلاماً، ورغم ذلك طبق تلك النصيحة ونقلها إلى غيره من الناس، وطبعت حياته بطابعها الإيماني.
فالطفل بطبعه ميال إلى تقليد غيره من الكفار بالحسن وبالقبيح؛ فالتربية لا بد أن تراعي ذلك الجانب؛ فإنه عندما يرى فيلماً أو يقرأ أو يسمع قصة يتمثل أو يحاول أن يتمثل دور البطل أو الشخصية التي تناسبه فيها، فيحاول قدر الامكان تقليدها؛ لذلك وجب علينا أن نستفيد من ذلك وخاصة في الأدب المرئي للطفل؛ لأنه أســهل طريــق للتربية لا يحتاج إلى كبير جهـد وعناء.
إذن يجب أن يكون هذا الأدب مربياً للطفل على الأخلاق الحسنة الفاضلة متصفاً بالتوحيد؛ فما أحسن تلك الأفلام المتحركة أو غيرها التي تصور طفلاً ينشأ على الفطرة الإلهية موحداً متصفاً بأخلاق حسنة وصفات نبيلة يتمثلها الطفل ويعجب بها أيما إعجاب، وما أكثر ما بلينا بتقليد أطفالنا لكل بطل أجنبي بسبب قصور أدب الطفل المرئي لدينا، إن لم نقل انعدامه، فجلب لنا جيلاً منفصلاً عن أمته، بل وعن محيطه الصغير ممن هم أكبر منه سناً، وما أعظم تأثير قصص أبناء الصحابة والصغار الصالحين؛ لأنه سيتمثل تلك المواقف لتصبح جزءاً من تكوينه.
لا بد أن تكون الأهداف التربوية في هذا الأدب أهدافاً سامية منتقاة من تاريخ أمتنا، لا بد أن ننمي فيهم عن طريق أدبهم روح الجهاد وبذل النفس والمال في سبيل ديننا؛ لأن التربية الأنانية وحب الذات قادنا لنكون أمة كغثاء السيل الذي أخبرنا به النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما ننمي فيهم روح المبادرة والقيام بالأعمال المفيدة، بل أن ننمي فيهم انتظار المعجزات التي لن تكون، ونربي بهذا الأدب الاعتماد على القرآن والسنة لتصديق أمر ما بدلاً من تحكيم غيرنا الذي قادنا لنؤمن بالخرافات والخزعبلات، فانتشر كثير من المسلمين بين القبور والقباب، وضاعت هممهم بين الأناشيد والأذكار الصوفية، ونجعل هذا الأدب يطبعهم بطابع العزة والأنفة وعدم الانحناء أمام ملذات الدنيا، ويصور لهم أن الحياة خير وشر وسعادة وعناء، حتى نبعدهم عن اليأس والضغوط والتشاؤم، ولا زلنا نتذكر تلك القصص المفزعة عن السحالي والوحوش والعفاريت التي جبلتنا على الخوف والرهبة من كل شيء، فلا بد أن يكون هذا الأدب منمياً لأطفالنا على حب الجهاد وعدم الخوف؛ لأن تلك التربية قادت المسلمين لأن يكونوا أيتاماً على مأدبة اللئام.
4 - الهدف الترفيهي:
لا بد أن يكون هذا الهدف داخلاً في الأهداف السابقة؛ لأن الطفل يحب التسلية والترفيه ويمل من الجد؛ فعندما نقدم له العقيدة والتعليم والتربية عن طريق الترفيه فلا بد أنه سيُقبل عليها وتنغرس في ذهنه أكثر مما لو كانت خالية من التسلية والترفيه. ولا أدل على ذلك من تعلق التلاميذ بالأفلام المتحركة، رغم أهميتها في التعليم والتربية إلا أننا نجعلها للترفيه. قال عبد الفتاح أبو مِعال: «والفيلم المصور المسجل بالصوت والمصاحب للحركة يساعد الأطفال على إيصال المادة التعليمية إلى جميع فئات الأطفال؛ فهذه العناصر: الصوت والصورة والحركة، تقوي سرعة البديهة والذاكرة، وتغرز القدرة على الفهم والحفظ»[13].
لكن طلب تلك التسلية والترفيه للطفل لا يصرف هذا الأدب إليه خاصة بدون نظر إلى الأهداف السابقة؛ لأنها المهمة وهو الوسيلة، لننظر إلى واقعنا حينما صرفنا أطفالنا نحو التسلية؛ فكثير من آداب الطفل نقصد بها التسلية والترفيه لكنها غرست في نفوسهم ما يصادم الدين والأخلاق؛ لأنه لا يوجد أدب ترفيهي منعزل عن الأهداف الأخرى؛ فالطفل عندما يلون قصة أو يشاهد فيلماً أو يقرأ فإنه يستمتع بذلك ويتسلى به، ولكنه يكتسب من تلك التسلية قيماً ومفاهيم إن صيغت بما نريد أفادت، وإن صاغها غيرنا قد تفيد ولكنها تضر أيضاً، فهي كالخمر والميسر حينما قال عنهما الله ـ تعالى ـ: {وَإثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} [البقرة: 219].
مدى تحقق أهداف أدب الطفل:
هل حققنا هذه الأهداف؟ لا شك أننا لم نحقق للطفل تلك الأهداف ما عدا هدفاً واحداً هو الهدف الترفيهي. لماذا؟ لأنه هدف لا يحتاج إلى عمل وعناء وفكر كبير، نقوم بحشو الخيال الكاذب في قصة أو خلافها ثم نعطيه الطفل رغم خطورته. يقول باحث[14] : «هناك فارق بين الخيال من جانب، وبين الكذب وعدم الصدق من جانب؛ فالأطفال يحبون سماع الحكايات التي يعتقدون أنها ممكنة الحدوث وهم لا يرفضون الأحداث الخارقة».
أو نقوم باستيراد ما يطرح لنا من مزابل الأمم الأخرى النصرانية (أمريكا) والوثنية (اليابان) وغيرهما ونسرع به إلى أطفالنا؛ فنحن نقصد به الترفيه، وغيرنا له أهداف أخرى يغرسها فيه.
يقول حازم العظم: «إن معظم ما تنشره دور النشر للأطفال مترجم أو مؤلف بغير خبرة كافية؛ فالأدب الخاص قليل ويمر بأزمة وجود، وهذه الأزمة أتاحت لبعض الناشرين في غيبة الرقابة والنقد: البحث عن مجلات وكتب الأطفال الرائجة [أقول والأفلام المتحركة ولعب الكمبيوتر] فقدموها لأطفالنا مترجمة بالصور نفسها بغير تمحيص، مع أنها تحوي قيماً تربوية غير ملائمة لعقيدتنا وقيمنا الروحية، أو مرفوضة حتى في البلاد التي تصدر عنها»[15].
ويقول عبد التواب يوسف: «والأطفال لدينا اليوم ضاقوا بسذاجة الكتب التي تسمى: (كتب الأطفال)، وضاقوا ببساط الريح و سندريلا وغيرها»[16].
بل بُلينا بمن يكتب قصصاً للأطفال تهدي إلى الخوف والجبن بدل أن تهدي إلى الشجاعة والجهاد، وتدعو إلى الركون إلى الحظ كقصص السحرة والشياطين والعفاريت.
يقول الدكتور محمد شاكر سعيد: «إن كثيراً مما كتب للأطفال في واقعه ليس صالحاً للأطفال لتجاوزه مستويات الأطفال، أو لتجاوزه الجانب التربوي المناسب للأطفال، أو لعدم تضمنه قيماً أخلاقية تسهم في تربية الأطفال وتنشئتهم»[17].
ولاحظ حازم النعيمي في تحليله لقصص مجلة عربية للأطفال فقال: «إن كثيراً من هذه القصص يسيطر عليها اتجاه ينقص دور المرأة في مجتمعنا العربي، كما أن الأفكار الواردة فيها تعبر عن تبني مفاهيم خاطئة عن قدرات المرأة ووظيفتها الاجتماعية وسماتها الشخصية وسلوكها»[18].
وأدب الطفل مجال واسع لنشر التبعية الثقافية والإعلامية؛ إذ يستخدمه الاستعمار لغزوه الثقافي والإعلامي، ويتلقى الطفل المنتوجات الأدبية والفنية الغزيرة في شتى الفنون والوسائط بقصد التأثير على تكوين الناشئة، والترويج للنمط الثقافي التابع.
لذلك أفرز لدينا مفاهيم خاطئة أنتجت انفصالاً بين الطفل وعقيدته ومجتمعه؛ لأنه يرى ما يصادم ما يقال له وفي النهاية يكون عقل الطفل مجالاً للصراع.
كما يركز كثير من كتاب الأطفال على النزعة الفردية التي تسير الحدث دون ذكر للمجتمع المحيط بالبطل؛ مما يجعل الطفل معتزاً بذاته ميالاً للانفراد برأيه مهملاً آراء الآخرين. وكما أن الكتابة موهبة فهي أوضح في الكتابة للصغار؛ لأنك تتعامل مع مصدق لما يراه أو يسمعه أو يقرؤه، ولقد بُلي المسلمون بحفنة من الجشعين الذين لا يحتسبون لله شيئاً مما يعملون، فلم يشجعوا أصحاب المواهب في الكتابة للأطفال، ولم يسمحوا لهم بالنزول إلى الميدان؛ مما جعل الكتاب المتخصصين نادري الوجود. ولكننا نلحظ منذ عقد من الزمن أن جيل الشباب المسلم بدأ بنشر ما كتبه المتخصصون قبل ردح من الزمن وبنشر الجديد مما كان له أطيب الأثر؛ حيث يجد الأب المسلم ما يطلب في كثير من الأحيان لأطفاله، ولا بد أن نعي أننا نصارع عدواً شرساً له باع طويل في التعامل مع أدب الطفل إن لم نشمر ساعد الجد لم نلحق به، ناهيك عن أن نسبقه.
  


المبحث الخامس  :
خصائص أدب الطفل وشروطه

إن مرحلة الطفولة ليست منفصلة عن الحياة التي تقتضي العيش مع الجماعة، فللحياة الاجتماعية خصائصها ومقتضياتها، وللمجتمع مطالبه الآنية والمستقبلية، التي لا يمكن إهمالها عند تقديم مادة أدبية للطفل أو إنتاجها.
وإن ما بين الأدب والحياة من علاقات لا تنفصم عراها، هو ما يميز الأدب القادر على الاستمرار ذلك الذي لا يعيش سوى زمن قصير، فأي أدب لا يمكن النظر إليه منفصلاً عن الحياة، وإنما ينبغي أن يزخر بما تزخر يه الحياة من عادات وتقاليد ونظم وفن وفلسفة، والأدب إحدى الوسائل التي ابتكرها الإنسان لتيسر له فهم الحياة، ورسم أهداف مستقبلية لها، والنهوض بها إلى مستويات أفضل، تلبي له بعضاً من طموحاته وأمنياته.
ومما ينبغي أن يكون عليه أدب الأطفال، عدم إقراره بعيداً عن فهم طبيعة الطفل، وخصائص نموه، ومطالب الحياة الاجتماعية. ولعل فيما يلي من شروط للمادة الأدبية، يمكن أن تسهم في بناء شخصية الطفل، وفي إدماجها في الحياة الاجتماعية:
1 ـ مراعاة المادة الأدبية لطبيعة الطفل وخصوصيتها، وخصوصية المراحل الفرعية التي تتكون منها.
2 ـ مراعاة متطلبات الحياة وأهداف المجتمع، فلا قيمة لأدب من دون رسالة، وأن يحقق التوازن المناسب بين الفرد والبيئة.
3 ـ أن تمتلك المادة الأدبية عناصر الإثارة المناسبة، التي تستدعي استجابات إيجابية من التلقي، ومقومات تجعله قادراً على تحريك دوافع الطفل وتوجيهاً سليماً إيجابياً.
4 ـ الكائن البشري – طفلاً كان أم راشداً – قادر على الاتصال والتفاعل مع البيئة بوجهيها المادي والاجتماعي، وباستطاعته مواجهة تحدياتها التي لا تراعي أصلاً خصوصية المراحل النمائية للإنسان، من خلال قدرة الكائن على التكيف والتلاؤم.
5 ـ مراعاة ما تنطوي عليه حاجة حب الاطلاع عند الطفل كونه باحثاً عالماً مسكوناً بهواجس التنقيب والاكتشاف والفضول، ولا يتعب من طرح الأسئلة التي يتوالد بعضها من بعض وكأنها تفيض عن نبع لا تنضب مياهه.
الخصائص الأساسية لأدب الأطفال :
يمتاز أدب الأطفال بالخصائص التالية :
1- يشكل فعالية الأطفال إبداعية قائمة بذاتها.
2- يتطلب موهبة حقيقية، شأن أي إبداع أصيل، فهو جنس جديد في الساحة العربية، إن صح التعبير.
3- يتبع من صلب العمل التربوي، الذي يهدف إلى تنمية معارف الأطفال، وتقوية محاكماتهم العقلية، وإغناء حسهم الجمالي والوجداني.
4- يعتمد على اللغة الخاصة بالأطفال، سواء أكانت كلاماً أم كتابة أم صورة أم موسيقا أم تمثيلاً.
5- يشمل جميع الجوانب المتعلقة بالأطفال، من الأشياء الملموسة والمحسوسة، إلى القيم والمفاهيم المجردة.
وتشير هذه الخصائص إلى الأهمية البارزة لأدب الأطفال، التي جعلت منه موضوعاً شغل العديد من الكتّاب والأدباء في العالم، وقد أخذ على عاتقه مسايرة الركب الحضاري والتطور الأدبي بأشكاله وألوانه المختلفة، فقد آمن عدد كبير من الكتَّاب والأدباء والمفكرين بأدب الأطفال، وضرورة التركيز عليه، وإظهاره بشكله ومميزاته، حتى يقف إلى جانب أدب الكبار، وحتى يسهم في خدمة الجيل الصاعد، الذين هم أطفال اليوم ورجال الغد المرتقب، فهم بناة المستقبل المأمول ورجاله.
إن المضمون الجيد يفقد أثره عندما يصاغ في قالب رديء، ورغم أنه ليس هناك أسلوب محدد في أدب الأطفال، إلا أننا نستطيع أن نشير إلى بعض المعالم المهمة لهذا الأدب، وهي:
o       أن يتصف بالوضوح, وبساطة العرض، وسهولة اللغة.
o       أن تكون الجمل قصيرة، والمفردات واضحة.
o       الاختصار والتركيز، والوصول إلى المعنى بأقل عدد ممكن من المفردات.
o       لا بأس بالتكرار غير الممل، والتأكيد غير المتكلف.
o       ربط الطفل بأصوله الحقيقية وانتمائه إلى أمته المسلمة وبث المسئولية التي سيتحملها.
o       تقديم البديل الإسلامي لجيل الغد وفرسان المستقبل.. أي المساهمة في وضع لبنة في قلعة الأمة الإسلامية.
o   كذلك استخدام أسلوب المفاجأة، وعنصر التشويق والإثارة، والتنوع في التعبير بين المبني للمجهول، والمحاورة, والأسئلة, ثم العودة إلى الصيغ البسيطة، فإنها تساعد في نجاح وصول المادة إلى الطفل, وتدعوه أيضًا لمواصلة القراءة.
خصائص أسلوب أدب الأطفال:
الوضوح، والتلقائية، والقوة، والجمال, فحيثما وجد يلقى القبول, لأن الغموض والتكلف والألفاظ الصعبة, كلها من دواعي العزوف عن القراءة، حتى لو كانت في قوالب فنية جميلة.[19]
إذ إن عقل الطفل ووجدانه وغذاءه يجب أن يختلف عما يقدم للكبار من حيث الموضوع والمحتوى والفكرة.. لأن الأطفال يختلفون عن الكبار في درجات التفكير والنضج والتذوق.. وعليه فإن الأدب الإبداعي الموجه للطفل له طبيعة.. فهو يرمي إلى أهداف متعددة تستغرق التربية الوجدانية، وتربية الإحساس بالجمال والتربية الخلقية وتنمية الثروة اللغوية، وبث القيم في نفوس الأطفال وتنمية المهارات عندهم.
ومن حيث تشابه مجلات الطفل، فإن مجلات الطفل مهما تشابهت في مظهرها أو في تخطيطها فهي تعتمد على الإسهام في بناء شخصية الطفل وتحديد هويته، ذلك عن طريق عدد من الشكليات والوصايا والمناظرات والرحلات والفكاهات والنوادر والطرائف والتراجم ودوائر المعارف, وكل شكل من هذه الأشكال له لونه وشكله الفني، وهذا بلا شك يوفر سياقًا وأرضية لسمات الإبداع وينميها بحيث تشكل الطفل وتستثار بواسطتها مواهبه.
كل هذا جعل التشابه بين مجلات الأطفال أمرًا محتومًا؛ إذ إنها تسعى لإيجاد مادة تسد حاجته وتلبي رغباته وميوله وتنمي قدراته ليستجيب في سن مبكرة ويشارك بحماسه وشغف.
وعند النظر في واقع أدب الأطفال العربي المعاصر، فإننا نجد أنه يتميز بالصفات العامة التالية:
o       غياب ما يصطلح عليه "أدب الطفل".
o       طغيان نظرية أن الطفل رجل صغير، فيقدم له من الأدب ما لا يتناسب مع عقله وسنه.
o       سيطرة الترجمة على أدب الأطفال، خصوصًا في بدايته.
o       سيطرة القصة على كافة ألوان أدب الطفل الأخرى.
o       الاعتماد الرئيس على الحكايات الشعبية كمصدر للأدب.
o       انتشار الخرافة والمبالغات والخيال.
o       غياب أثر البيئة على الأدب.
o       انعدام الروح الإسلامية في معظم مواده.
o       غياب أدب الأطفال في السن المبكر (قبل السابعة).
o       معظم المواد المقدمة للطفل تنمي ثقافة الذاكرة، وتغيّب ثقافة الإبداع والابتكار.
o       يعتمد على التوجيه المباشر في كثير من الأحيان.
o       تسيطر عليه نمطية الأوامر والنواهي.
o       يخلو من عناصر الخيال المتوازن.
o       يعتمد أسلوب التسليم والإذعان، وليس أسلوب الإقناع والمناقشة.
o       قلة المادة المقدمة للأطفال وسيطرة الهدف التجاري عليها.

وبعد كل هذا أريد أن أقول: إن الكتابة للأطفال تعتبر من أصعب فنون الكتابة والتأليف، فقد نجد كاتبًا يتكلف الصياغة للطفل، ويتقعر في اختيار الألفاظ ويدقق في المعاني، ويحاول أن يسبر غور الأطفال، حتى يعبر عما يجيش في نفوسهم، من خلال قصة، أو حكاية, أو معلومة، أو حتى طرفة.
وليس كل من كتب للكبار يستطيع أن يكتب للصغار، فلقد فشل بعض كبار الكتاب، في سرد قصة واحدة للأطفال، ولعل الصعوبة في ذلك تنبع من عدم قدرة الأديب على فهم عالم الطفل وميوله ونفسيته.
إن البساطة في أدب الأطفال – وهي سمة رئيسه له - تعتبر من العوائق الحقيقية أمام كثير من الكتاب، فالتبسيط عادة ما يتطلب جهدًا إضافيًا من الكاتب، كي يستطيع أن ينزل المعاني في ألفاظ وجمل سهلة مفهومة سلسة، تخلو من الطول والتعقيد والغموض والغرابة، مع الاحتفاظ بالتشويق والجمال والجاذبية في نفس الوقت.
إن من الغرائب أن بعض أفضل كتاب أدب الأطفال، هم من الكتاب المغمورين، بل بعضهم لا يتجاوز أن يكون قد اكتشف قدرته في هذا المجال فجأة، دون سابق قصد أو معرفة.. إن أديب الطفل، ينبغي أن يكون فنانًا من الدرجة الأولى، ذا حس مرهف، وقدرة مبدعة على الابتكار, صبورًا، يستطيع أن يقيم جسورًا قوية مع الأطفال.
و لقد قادتنا تجربتنا العربية في الأدب الطفلي إلى أن هناك ثلاثة أمور رئيسة، يجب أن يراعيها العامل في هذا الحقل، هي: الفن والقيم واللغة، وهذه إشارات موجزات إلى هذه الأمور الثلاثة.
1- الفن:
الفن شرط أساسي من شروط الأدب، سواء أكان هذا الأدب موجهاً للكبار أم للأطفال وهذا الفن، كأي فن، يعلو فوق المقاييس ويزهو بالموهبة، ولكنه في النهاية ينصاع للمعايير والقواعد الفنية العامة، لأنه ليس مطلقاً من القيود، ولا يمكن له أن يكون كذلك، ولهذا السبب أقول إن الفن في أدب الأطفال، كما عرفته يحتاج بعد الموهبة إلى أمرين: أمر أسلوبي يجب أن يتوافر في أجناس أدب الأطفال كلها هو قدرة النصوص المكتوبة والمنطوقة على الإمتاع والإقناع والتأثير. وأمر خاص بهذا الجنس الأدبي أو ذاك، من نحو الحكاية والخيال والحبكة التأريخية والسرد المباشر والشخصيات الواضحة بالنسبة إلى القصة، والإيقاع أو الوزن والقافية والصورة الشفيفة بالنسبة إلى الشعر، والحوار الرشيق والحركة والشخصيات المتباينة والصراع الواضح بالنسبة إلى المسرحية.[20]
ومن شروط الفن في أدب الأطفال أيضا مراعاة اختلاف الطفل في المراحل العمرية التي يمر فيها فلكل مرحلة حاجات نمو تختلف كثيراً أو قليلاً عن حاجات النمو في المرحلة الأخرى. فما يناسب المرحلة العليا لا يناسب المرحلة المتوسطة؛وما يناسب المرحلة الدنيا لا يناسب المرحلة العليا، تبعا لاختلاف النضج اللغوي والعاطفي والاجتماعي في كل مرحلة عمرية. ولهذا السبب حرص النقاد المدققون في الإنتاج الأدبي المقدم للطفل على الدعوة إلى كتابة ثلاثة أنواع من النصوص للأطفال، يلائم كل نوع منها مرحلة من المراحل العمرية للطفل. كما حرصوا على تشجيع الكتاب والناشرين على تدوين المرحلة العمرية على غلاف النص  المطبوع ليرشدوا المشترين من الكبار والقارئين من الأطفال إلى النصوص التي تناسبهم.
ومن شروط هذا الفن أيضا الوضوح، وهو قضية نسبية تحتاج إلى نقاش علمي موضوعي لا يقتصر على توضيح مفهوم مصطلح الوضوح، بل يشمل تحديد نقيضه المرفوض في أدب الأطفال، اقصد هنا الغموض الذي لا يلائم الطفل ولا يفيده، لأنه يؤثر تأثيراً سلبياً في تلقيه وفهمه وتفاعله مع الأدب المقدم له.
2- القيم:
الشرط الثاني في أدب الأطفال هو توافر القيمة، ومسوغ هذا الشرط معروف، هو أن الفن في أدب الأطفال لا ينفصل عن التربية، أي أن الفن هنا مقيد بالأهداف التربوية الساعية إلى بناء شخصية الطفل بناء سليماً والقيم في رأي عدد كبير من الباحثين أساس هذا البناء ما دامت القيمة هي المحرك الأساسي لسلوك الطفل. فإذا غرسنا في الطفل قيمة ايجابية توقعنا منه سلوكاً ايجابياً، وإذا غرسنا فيه قيمة سلبية توقعنا منه سلوكا سلبياً لأن هناك قيماً سلبية وأخرى ايجابية ولا علاقة لهذين النوعين من القيم بذكاء الطفل؛ لأنهما معاً دوافع محركة للسلوك. ومن ثم  نستطيع أن نربي طفلاً  ذكياً على أن يتخرج في المدرسة لصاً إذا غرسنا فيه قيماً سلبية، من نحو السرقة والكذب والاحتيال والطمع والأنانية والحسد. كما نستطيع أن نربي طفلاً ذكياً على أن يتخرج في المدرسة عالماً مفيداً لنفسه ووطنه وأمته والإنسانية جمعاء إذا غرسنا فيه قيماً ايجابية، من نحو البذل والعطاء والإيثار والنبل والكرم والشجاعة وحب الوطن والأمة والاعتزاز بالدين واللغة والحرية والكرامة،  فضلاً عن الحرص على العمل النافع الدقيق المفيد.
ولا يسمح المقام هنا بتفصيل الحديث عن منظومة القيم التي قدمها (وايت) وعن تطويرها الذي سعينا إليه، كما سعت إليه جامعة الدول العربية في الخطة الشاملة للثقافة العربية، لنقدم منظومة قيم مستمدة من الثقافة العربية، قادرة على بناء الطفل العربي، ولكنني احتاج إلى التذكير بان هناك طريقتين في غرس القيم في أدب الأطفال، طريقة مباشرة وطريقة غير مباشرة ونحن نشجع دائماً الطريقة غير المباشرة، أو الضمنية لأنها تغرس القيمة في النص المقدم للطفل دون أن يشعر الطفل بان هناك كبيراً يعظه ويرشده ويربيه، أما الأسلوب المباشر في غرس القيم فنحن نشجع على تجنبه، لأنه أسلوب وعظي إرشادي، يعافه الطفل وينفر منه ولا يقبله.
3- اللغة:
اللغة هي المحك الأساسي لكل ما يقدم للطفل من نصوص مكتوبة أو منطوقة، وباختصار أقول إن الهدف البعيد الذي سعينا إليه من بدايات سبعينيات القرن العشرين وما زلنا نسعى إليه، هو تأليف (معجم الطفل العربي)، ذلك أننا لا نستطيع الحكم على أدب الأطفال حكماً علمياً موضوعياً إذا لم نستند في هذا الحكم إلى اللغة التي يستخدمها الطفل نفسه، ولا يستطيع أدباء الطفل الكتابة للطفل العربي ما لم يستندوا إلى المعجم نفسه، بل إن مؤلفي الكتب المدرسية لا يستطيعون تأليف كتب اللغة العربية، والتدقيق في المستوى اللغوي للغة العربية المستعملة في تأليف كتب المواد الأخرى، ما لم يستندوا إلى معجم الطفل العربي، وما نستطيع القيام به في أثناء انتظارنا تأليف هذا المعجم، لا يخرج عن أمرين اثنين:
- أولهما الإفادة من الرصيد اللغوي الذي أنجزته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1989 فهذا الرصيد هو العمل العلمي الذي يمكن الركون إليه، لأنه رصد قوائم الألفاظ المستعملة في نطق أطفال ست عشرة دولة عربية، وفي كتاباتهم وأحاديثهم وفي هذا الرصيد قوائم بهذه الألفاظ مصنفة بحسب مفاهيم الطفل، انطلاقاً من أن اللفظ خادم للمعنى وليس العكس، فضلاً عن أن المفاهيم، كجسم الإنسان وحياته الاجتماعية والاقتصادية، موزعة في الرصيد بحسب صفوف مرحلة التعليم الأساسي، وقد جاوزت الألفاظ في هذا الرصيد مليونين ونصف المليون منها مليون لفظة من الألفاظ المكتوبة، ومليون ونصف المليون من الألفاظ المنطوقة.
- والأمر الثاني الذي نستطيع الاستناد إليه في غياب معجم الطفل العربي، هو تجربتنا الفردية مع الأطفال. وهي تجربة لا يستهان بها، شريطة الحذر من الإفراط في استعمال ألفاظ لا يحتاج الطفل إليها، وعدم اللجوء إلى تراكيب ذات أنماط واسعة لا يستخدمها الطفل عادة، فضلاً عن عدم الإيغال في الصور والتراكيب المجازية، ولعل تجربتنا تخدمنا في قضية ليس هناك اتفاق حولها، هي قضية ضبط النصوص المقدمة للطفل بالشكل، وخصوصاً الاختلاف حول الضبط المتدرج أو الضبط الكامل، وعلاقة ذلك كله بصحة القراءة، واستخدام الطفل مخزونه اللغوي.




المبحث السادس :
تطور أدب الأطفال العربي
إذا عدنا إلى التراث العربي الإسلامي سنجد الواناً كثيرة من أدب الأطفال، وتذكر المصادر التاريخية والأدبية عدداً كبيراً من الأشعار في الجاهلية والإسلام، التي تعد من الأناشيد أو الأشعار والأغاني الخاصة بالأطفال، كما أن التراث غني بالنصوص النثرية التي تناسب الأطفال شريطة أن نخضعها لظروف عصرها وطبيعتة وقيمتة وعاداته.[21]
 وإذا كان الأدب العربي في العصور السابقة لم يعرف فناً أدبياً ناضجاً خاصاً بالأطفال فلا ينفرد بذلك وحده، فقد ميز هذا النقص آداب الأمم الأخرى، ولكننا نعثر في الأدب العربي على بعض المؤشرات الايجابية التي انفرد بها الأدب العربي عن غيره وتميزها.[22]
1- الاهتمام المبكر بالتربية الشاملة للأطفال روحياً وجسدياً منذ مجيء الإسلام.[23]
2- وجود أرضية تراثية خصبة تضمنها التراث الأدبي الواسع.
وقد خلص البعض إلى أن أدب الأطفال  العربي قديم وبعضه مشمول في أدب الكبار[24]، وإن بعض القدماء وضعوا كتباً للأطفال ونصوا في المقدمة على ذلك، وإن عبارة"أدب الأطفال" عبارة قديمة. والأذرعي المولود سنة750هـ- 1349م كان ملماً بأدب الأطفال أي قبل أدب الأطفال الأوروبي ب135سنة[25] ، ويختلف الباحثون حول هوية أول كتاب عربي فهناك من يرى أن أول كتاب أطفال عربي حديث هو النفثاث لرزق الله حسون من حلب، وكان صدوره سنة1867. أما أحمد نجيب فقد خلص إلى أن قصة القطيطات العزاز لمحمد حمدي وجورج روب التي نشرتها دار المعارف سنة1912 هي أول كتاب أطفال عربي، وأن ما سبقه من كتب لا تتحلى بالصفات المطلوبة في كتاب الطفل، رغم توجه أصحابها بها إلى الطفل العربي بينما يرى عبد التواب يوسف أن أقدم قصة عربية هي الأسد والغواص.
 وأدب الأطفال في العالم العربي حديث، وإن كانت جذوره تمتد إلى مصر القديمة[26]، وجذوره الحديثة أيضاً تمتد إلى مصر الحديثة، حيث حملت مصر مشاعل الريادة لهذا الفن في الأدب الحديث. ففي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي بين أعوام(1849-1854) أتم محمد عثمان جلال(1828-1898) ترجمة معظم الحكايات الشعرية الخرافية الغربية إلى العربية نقلاً عن الشاعر الفرنسي لاقونتين. وقد أطلق محمد عثمان جلال على كتابه المترجم: العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ. ويعتبر إصدار مجلة روضة المدارس المصرية في عام 1870 ونشرها المواد الأدبية للطلاب والكتاب مرحلة غير مسبوقة في نشر الكتابات الأدبية للناشئين.[27]
 ويرى بعض الدارسين الذين تناولوا تأريخ أدب الأطفال بعام1875 كبداية لنشأة أدب الطفل في الأدب العربي الحديث، ودليلهم إصدار رفاعة الطهطاوي لكتابه المرشد الأمين في تربية البنات والبنين في تلك السنة.[28] ومن قصصه المترجمة حكايات الأطفال، وعقلة الإصبع وقد أدخل الطهطاوي قراءة القصص في المنهج المدرسي.
 وفي العصر الحديث، كان للأدب العربي دور بارز في ميدان القصة فقد أنجز بعض الشعراء الرواد، أمثال"أحمد شوقي" شعراً قصصياً عظيماً للأطفال معبرين عن ميول هذا السن المبكر ورغباته، فجاءت أشعارهم التي تحكي قصصاً وروايات على لسان الحيوان والطير "وكان شوقي بأغنياته وقصصه الشعرية التي كتبها على ألسنة الطير والحيوان للصغار رائداً لأدب الأطفال في اللغة العربية وأول من كتب للأحداث العرب أدباً يستمتعون به ويتذوقونه".[29]
 وعندما أصدر الشاعر أحمد شوقي ديوان الشوقيات عام1898 دعى الشعراء في مقدمة الديوان للكتابة للأطفال. وقد تأثر شوقي بأسلوب "لاقونتين"(Lafontaine) كما جاء في مقدمة الديوان وقد تضمنت الشوقيات عدداً من الحكايات الشعرية على ألسنة الحيوان ويعتبر أحمد شوقي بذلك رائداً لأدب الأطفال في اللغة العربية.[30]
 ويقول شوقي عن الحكايات والأغنيات التي قدمها للأطفال في الوطن العربي كتجربة شعرية رائدةٍ.."وجربت خاطري في نظم الحكايات على أسلوب "لافونتين"(Lafontaine) الشهيرة، فكنت إذا فرغت من وضع أسطورتين أو ثلاث اجتمع بأحداث المصريين وأقرأ عليهم شيئاً منها فيفهمونه لأول وهلة، ويأنسون إليه ويضحكون من أكثره. وأنا استبشر لذلك، وأتمنى لو وفقني الله لأجعل للأطفال المصريين مثلما جعل الشعراء للأطفال في البلاد المستحدثة، منظومات قريبة المتناول يأخذون الحكمة والأدب من خلالها على قدر عقولهم.."
 إن" القصص التي كتبها شوقي للأطفال تهدينا إلى الحكم بأن الشاعر كان يدرك أن "أدب الأطفال" أقوى سبيل يعرف به الصغار الحياة بأبعادها المختلفة، وأنه وسيلة من وسائل التعليم والتسلية، وأسلوب يكتشف به الطفل مواطن الخطأ والصواب في المجتمع، ويوفقه على حقيقة ما في الحياة من خير وشر".
والقصة على لسان الحيوان، ليست جديدة على الشعر العربي، فالكل يعرف أن كتاب "كليلة ودمنة" ترجم إلى العربية قبل أن يترجم إلى اللغات الأوروبية، وأن الأديب الفرنسي "لافونتين"(Lafontaine)  قد برع وبرز في قصصه التي اقتبسها عن "كليلة ودمنة"، والتي جعلت من "لافونتين"(Lafontaine)  صاحب فضل على الشعراء العرب، أمثال أحمد شوقي، عندما قلدوه في هذا الفن، ونجحوا في تقديم القصص والحكايات التي لا تقل جودة عن قصص وحكايات لافونتين(Lafontaine).
 يمكن القول أن من خطا الخطوات الأولى في مجال أدب الأطفال محمد عثمان جلال ثم إبراهيم العرب، وأحمد شوقي وثلاثتهم شعراء، وتبع شوقي محمد الهراوي الذي نظم الأناشيد والأغاني للأطفال[31] وفي مجال الكتابة النثرية ألف علي فكري عام 1903 كتابه مسامرات البنات وكما وضع عام 1916 كتاباً آخر للبنين سماه النصح المبين في محفوظات البنين والمحاولات المذكورة سابقاً كانت محفزاً للكثيرين ليتابعوا الطريق، أمثال: عمران الجمل وفرج الجمل، وحسن توفيق، ونعمة إبراهيم، وتوفيق بكر، ومحمد عبد المطلب، وقد غلب على كتبهم الطابع التعليمي. وتلا جيل الرواد جيل برز في الثلث الثاني من القرن العشرين أمثال: عمر فروج، وحبوبه حداد، وروز غريب في لبنان. وعبد الكريم الحيدري، ونصر سعيد في سوريا، وبعضهم تجاوزت شهرته حدود بلاده مثل الكتاب المصريين كامل كيلاني، محمد سعيد العريان وعطية الأبراشي، وإبراهيم عزوز، وأحمد نجيب وغيرهم، وقد تميزت كتابات هذه المرحلة بالإقتباس والنقل من اللغات الأجنبية أو التبسيط لكتب العرب القدامى يضاف إلى ذلك عدم اهتمام أصحابها بالطفولة في مراحلها الأولى، وحاول مؤلفو هذه المرحلة إحياء التراث العربي فلجأوا إلى ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة، والحكايات الشعبية ليزودوا  الأطفال بأمتع القصص من هذا التراث. ويعتبر كامل الكيلاني من أبرز كتاب هذه المرحلة للأطفال ويعتبر الرائد الفعلي والحقيقي لأدب الأطفال في اللغة العربية وقد كتب الكيلاني أكثر من مائتي قصة ومسرحية للأطفال، وكانت أول قصة هي السندباد البحري التي كتبها عام 1927[32]. ولقد كانت الترجمة مصدرا رئيسياً من مصادر أدب الأطفال في العالم العربي بين الحربين العالميتين، وبدأت تتراجع لصالح التأليف العربي إلى تأليف نوعي في السبعينات، دون أن تختفي الترجمة، ودون أن تتمكن من المحافظة على مكانتها السابقة، إضافة إلى أن تطور أدب الأطفال في الوطن العربي تطور غير متكافىء، ففي حين كانت الترجمة أساساً لهذا الأدب الفريد في مصر فإنها لم تكن كذلك في سوريا والعراق. ومقابل تأخر ظهور أدب الأطفال في دول الخليج تطور هذا الأدب بسرعة في لبنان وسورية والعراق ومصر وتونس. وترى سمر الفيصل أن العلاقة بين أدب الأطفال والتراث العربي ما زالت في بداياتها الأولى، لأن مشكلة الاستلهام من التراث ما زالت قيد الدراسة. وما يلاحظه المرء من قصص وأشعار ومسرحيات مستمدة من التراث، يجب أن يخضع لسؤال هام هو مدى ملاءمته للطفل؟ وهل هو تبسيط للتراث؟ أم استلهام منه؟
 ومع انقضاء الثلث الثاني من القرن العشرين، تلته مرحلة بدأ أدب الأطفال خلالها بإنتزاع إعتراف الهيئات العلمية والأدبية به، وسلك طريقه ليصبح مادة من مواد التدريس في الجامعات.
 ولقد كان لحرب حزيران أثرٌ كبيرٌ على الإهتمام بالأطفال وأدبهم من خلال رؤية تهدف إلى بناء مجتمع سليم قوي، والذي يشكل الأطفال اللبنة الأساسية فيه، فصارت تعقد الندوات والمؤتمرات وتقام المراكز من أجل النمو بالطفل وأدبه، ومن أبرز من اهتموا بالكتابة للأطفال بعد حرب حزيران سليمان العيسى وزكريا تامر من سوريا.[33]
 وفي الوقت الذي قطعت بعض الدول العربية شوطاً في مجال أدب الأطفال مثل مصر وسوريا نجد دولة اليمن يتحدد ميلاد أدب الأطفال فيها بالعام 1973[34]، وفي المغرب حتى سنوات الثمانين كان أدب الأطفال يخطو خطواته الأولى[35]. وقد رافقه ترجمات من أدب الأطفال الفرنسي المترجم والذي كان منتشراً لديه.
 ويتميز الثلث الأخير من هذا القرن بالتنافس بين دور النشر لإصدار مجموعات ملونة جميلة ذات طباعة جذابة للأطفال، وقد تجاوز التنافس حدود الكلمة والكتاب ليصل إلى برامج الكمبيوتر الخاصة بقصص الأطفال وقصائدهم وكما أنه يتم استغلال الكثير من البرامج الترفيهية والتعليمية للأطفال. ونلاحظ منذ السبعينات حتى الآن غزارة في الكتابة للأطفال، وقد ساعد على تنشيط حركة الكتابة وسرعتها التغيرات التي طرأت على البنية العقلية التربوية وعلى تغيير موقع الطفل في العلمية التربوية كذلك في عملية التطوير الإجتماعي، وتحقيق تطلعات المستقبل، ويضاف إلى ذلك كله اهتمام الهيئات الثقافية والتربوية بما يكتب للطفل وتشجيعها على نشره، ولكن على الرغم من الإنتباه الجماهيري المتزايد لأدب الأطفال كنتيجة مباشرة لنجاحه التجاري، فإن المؤسسات الأكاديمية والنقدية في الشرق لم تكرس بعد جهود كافية لبحث هذا الأدب، وإن وجد بعض الباحثين الذين بدأوا يتوجهون لبحث أدب الأطفال.


الخاتمة :
أدب الأطفال على الرغم من قدمه لم يحظ بالتدوين والدراسة كأدب الكبار. ومعظم الحضارات والأمم القديمة لم تهتم بتسجيل حياة الطفولة عندها، أو آداب أطفالها لذاتها، وما وصلنا هو قليل نادر وكان متصلاً بعمل من أعمال الكبار
إن العمل في مجال ثقافة الطفل في العالم العربي عمل فردي في معظمه يقوم به كتاب ومهتمون كل حسب جهده وامكاناته بعيدا عن التخطيط والعمل الجماعي، وما أجمل أن تتولى مؤسسة واحدة في كل دولة عربية مهمة التخطيط والإشراف على التنفيذ مما ينتج للأطفال من ثقافة وأدب، الأمر الذي يتيح فيما بعد التنسيق بين هذه المؤسسات في الدول العربية ، والسعي لتحقيق تكامل جاد بين منتجي ثقافة الطفل العربي في الوطن العربي، على سبيل المثال نجد في دولة من الكتاب والمبدعين ممن لم تتح لهم الامكانات نشر إبداعهم، ونجد في دولة أخرى المطابع ا لمتطورة والورق الرخيص والمؤسسات المعنية بالنشر والتوزيع، ولا نجد في هذا البلد المنتجين القادرين على توظيف هذه الامكانات لانتاج ثقافة وأدب طفل متميز يفييد منه الأطفال في أرجاء العالم العربي

التوصيات :
من أهم التوصيات التربوية والنقدية والعلمية التي تحاول توجيه أدب الطفال في العالم العربي من اجل النهوض به قدماً ما يلي:
 أ. الابتعاد عن القصص والحكايات التي تقدم قيماً سلبية للأطفال والاهتمام بالمواضيع المستوحاة من بيئة الطفل، والتي من شأنها أن تغرس ايجابية في نفسه.
 ب. اعتماد التراث كمصدر هام يمكن استلهام الكثير منه لخصوبته بالمجتمع والمفيد من موتيفات ونصوص يمكن أن تشكل مصدر ايحاء للكتاب، ويستشهد أصحاب هذا التوجه على سبيل المثال بكتاب ألف ليلة وليلة بشكل خاص والحكايات الشعبية بشكل عام كمصدر هام لهذا الاستلهام. ولم يكن البعد الفني هو وحده الذي يوجه هؤلاء للتنقيب في التراث، إذ أن الفكر القومي يوجههم ايضاً على اعتبار أن التراث جذر هام من الوعي القومي الذي يجب ترسيخه بين ابناء الأمة العربية.
 ج. الاهتمام بقصص الخيال العلمي، وهناك الكثير من المحاولات في العالم العربي لترسيخ جذور هذا الخيال في أدب الأطفال العربي[36] ضمن استراتيجية عامة لتقديم مواضيع علمية في عالم يسيطر عليه انجار المعرفة.
هـ. الاهتمام بالإخراج الفني للكتب والرسومات الداخلية للكتاب بحيث تتلاءم مع مضمون القصة والجيل المقدمة له.
 د. تطوير الأساليب الفنية في النصوص المقدمة للأطفال للتخفيف من أزمة الوعظ التي باتت تسيطر على الكثير من الإصدارات المقدمة للأطفال.

  
المراجع :
1.  ابتسام محمد عيسى حماده وليلى محمد علي المتروك: أثر الثقافة الدينية في التربية الوجدانية للطفل، ورقة عمل مقدمة إلى المؤتمر العلمي بعنوان (التربية الوجدانية للطفل) المنعقد في القاهرة من 8 إلى 9 إبريل 2006.
2.  أبو سعد، أحمد. 1980." تطور فن الكتابة للأطفال في البلاد العربية ومشكلياته". الموقف الأدبي 104/105 (كانون ثاني 1980).
3.     أبو فنة، محمود. (2001). القصة الواقعية للأطفال في أدب سليم  خوري. حيفا: دار الهدى للطباعة والنشر.
4.     أبو هيف، عبد الله. 1984. "عبد المجيد القاضي وأدب الأطفال في اليمن". الموقف الأدبي 164( كانون الأول 1984).
5.     أحمد، ناصر. 1989. القصص الفلسطيني المكتوب للأطفال. [د.م.]: دائرة الثقافة-منظمة التحرير الفلسطينية.
6.     بريغش، محمد. أدب الأطفال. القاهرة: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع.
7.     جريس، إبراهيم. 1980. كتابان للجاحظ. عكا: مكتبة ومطبعة السروجي.
8.     حمد الله، علي. 1986."ندوة أدب الأطفال في تونس 5-7 أيار 1986". الموقف الأدبي 184 (آب 1986).
9.     الخطيب، إبراهيم. 1980."تقرير حول أدب الأطفال في المغرب". الموقف الأدبي 104/105( كانون ثاني 1980).
10.           د.هادي نعمان الهيتي، كتاب ثقافة الأطفال، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، العدد 123، 1988.
11.           دياب، مفتاح. 1995. مقدمة في ثقافة الأطفال. القاهرة: الدار الدولية للنشر والتوزيع.
12.           زلط، أحمد. 1994. أدب الطفولة بين كامل كيلاني ومحمد الهراوي. القاهرة: دار المعارف.
13.           سالم، ليلي. 1984." أدب الأطفال بين الوعي والخيال". الموقف الأدبي 159/160، آب 1984).
14.           سليمان، موسى. 1984. القصص المنقول. بيروت: دار الكتاب اللبناني.
15.           صبيح، ابراهيم. 1985. الطفولة في الشعر العربي الحديث. الدوحة: دار الثقافة.
16.           العناني، حنان. 1996. أدب الأطفال. عمان: دار الفكر.
17.           مجلة البيان السنة السابعة عشرة * العدد 179
18.           مجلة التوثيق التربوي، وزارة المعارف السعودية، عدد 36
19.     محمد المنسي: أثر ثقافة المجتمع في التربية الوجدانية للطفل، بحث منشور في مؤتمر  "التربية الوجدانية للطفل" المنعقد في القاهرة من  8 إلى 9 إبريل  2006.
20.           نجيب، أحمد. (1994). أدب الأطفال علم وفن. القاهرة - مصر: دار الفكر العربي.
21.           يحيى، رافع. (2001). تأثير ألف ليلة وليلة على أدب الأطفال العربي. حيفا: دار الهدى للطباعة والنشر.
22.           يوسف، عبد التواب. 1985. كتب الأطفال في عالمنا المعاصر. القاهرة: دار الكتاب المصرية.






[1] -  Fisher, Robert. (2001) .Teaching Children to Think . Nelson Thornes Ltd. United Kingdom
[2] - يحيى، رافع. (2001). تأثير ألف ليلة وليلة على أدب الأطفال العربي. حيفا: دار الهدى للطباعة والنشر.
[3] - أبو فنة، محمود. (2001). القصة الواقعية للأطفال في أدب سليم  خوري. حيفا: دار الهدى للطباعة والنشر.
[4] - يحى ، رافع . المرجع السابق .
[5] - أبو فنة، مرجع سابق .
[6] - نجيب، أحمد. (1994). أدب الأطفال علم وفن. القاهرة - مصر: دار الفكر العربي.
[7] - د/ نجيب الكيلاني : أدب الأطفال في ضوء الإسلام
[8] - د/ محمد صالح الشنطي : في أدب الأطفال أسسه وتطوره وفنونه وقضاياه ونماذج .
[9] - مجلة البيان السنة السابعة عشرة * العدد 179
[10] - إحياء علوم الدين، ج 1، ص 94.
[11] - المصدر السابق، ج 3، ص 57.
[12] - مجلة التوثيق التربوي، وزارة المعارف السعودية، عدد 36، ص 86.
[13] - المصدر السابق، ص 85.
[14] - هو عبد التواب يوسف من أوائل المبرزين في الكتابة للطفل، نقلاً عن أدب الطفل في ضوء الإسلام، لنجيب الكيلاني، ص 166.
[15] - الكتابة للأطفال، للدكتور محمد شاكر سعيد، ص 12.
[16] - أدب الطفل في ضوء الإسلام، نجيب الكيلاني، ص 165.
[17] - المصدر السابق، ص 38.
[18] - المصدر السابق، ص 39.
[19] - ابتسام محمد عيسى حماده وليلى محمد علي المتروك: أثر الثقافة الدينية في التربية الوجدانية للطفل، ورقة عمل مقدمة إلى المؤتمر العلمي بعنوان (التربية الوجدانية للطفل) المنعقد في القاهرة من 8 إلى 9 إبريل 2006.
[20] - ·   محمد المنسي: أثر ثقافة المجتمع في التربية الوجدانية للطفل، بحث منشور في مؤتمر  "التربية الوجدانية للطفل" المنعقد في القاهرة من  8 إلى 9 إبريل  2006.
[21] - بريغش، محمد. أدب الأطفال. القاهرة: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، ص29-33.
[22] - أحمد، ناصر. 1989. القصص الفلسطيني المكتوب للأطفال. [د.م.]: دائرة الثقافة-منظمة التحرير الفلسطينية، ص18.
[23] - جريس، إبراهيم. 1980. كتابان للجاحظ. عكا: مكتبة ومطبعة السروجي، ص73
[24] - سليمان، موسى. 1984. القصص المنقول. بيروت: دار الكتاب اللبناني، ص15-16.    
[25] - حمد الله، علي. 1986."ندوة أدب الأطفال في تونس 5-7 أيار 1986". الموقف الأدبي 184 (آب 1986)، ص166.
[26] - يوسف، عبد التواب. 1985. كتب الأطفال في عالمنا المعاصر. القاهرة: دار الكتاب المصرية، ص10
[27] - زلط، أحمد. 1994. أدب الطفولة بين كامل كيلاني ومحمد الهراوي. القاهرة: دار المعارف،       ص14.
[28] - العناني، حنان. 1996. أدب الأطفال. عمان: دار الفكر، ص14.
[29] - صبيح، ابراهيم. 1985. الطفولة في الشعر العربي الحديث. الدوحة: دار الثقافة، ص373.
[30] - دياب، مفتاح. 1995. مقدمة في ثقافة الأطفال. القاهرة: الدار الدولية للنشر والتوزيع، ص22.
[31] - أبو سعد، أحمد. 1980." تطور فن الكتابة للأطفال في البلاد العربية ومشكلياته". الموقف الأدبي 104/105 (كانون ثاني 1980)، ص218.
[32] - الحديدي، علي. مصدر سابق، ص374-376.
[33] - أبو هيف، عبد الله. 1984. "عبد المجيد القاضي وأدب الأطفال في اليمن". الموقف الأدبي 164( كانون الأول 1984)، ص115-124.
[34] - الخطيب، إبراهيم. 1980."تقرير حول أدب الأطفال في المغرب". الموقف الأدبي 104/105( كانون ثاني 1980)، ص64-72.
[35] - سالم، ليلي. 1984." أدب الأطفال بين الوعي والخيال". الموقف الأدبي 159/160(آب 1984)، ص114.
[36] - الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب. 1993. أدب الطفل العربي. عمان: منشورات الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب. ويحوي هذا الكتاب على دراسات ومقالات كتبها باحثون وأدباء حول  موضوع الخيال العلمي، وتمت مناقشتها في المؤتمر الثامن عشر  الذي عقده الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في عمان عام 1992.

التعليقات



إتصل بنا

CopyRights

النجباء

2019