أسلوب
التعجب
المقدمة :
عندما نتعجب من جمال شيء أو قبحه أو ضخامته أو غير ذلك
نستخدم بعض الصيغ الجمالية التي تصل بنا إلي مرادنا ، فاللغة العربية كثير بها
الصيغ التي لا تتوفر في غيرها ، ونحن في هذه الدراسة نتعرف علي اسلوب التعجب
مفهوما وقاعدة .
الموضوع :
تعريف أسلوب التعجب :
تعبير كلامي يدل على الدهشة والاستغراب ، عن الشعور
الداخلي للإنسان عند انفعاله حين يستعظم أمرا نادرا ، أو صفة في شيء ما قد خفي
سببها .
نحو : ما أعظم التضحية ، وأعظم بالفضيلة .
وما أجمل السماء ، وأجمل بالسماء .
ومنه قوله تعالى : { فما أصبرهم على النار }[1]
.
وقول الشاعر :
فما أكثر الإخوان حين
تعدهم ولكنهم في النائبات قليل
أنواع الأساليب التعجبية :
للتعجب صيغ كثيرة منها
السماعي ، ومنها القياسي :
أولا ـ أساليب التعجب السماعية :
هي الأساليب التي وضعت في الأصل لغير التعجب ، والتي لا
وزن ، أو قاعدة قياسية لها ، ولكنها تدل عليه بالاستعمال المجازي ، ولا علاقة لها
أصلا به ، وألفاظها لا تدل عليه صراحة ، وإنما دلت عليه دلالة عارضة عن طريق النطق
بها مجازا .
ومن تلك الأساليب الآتي :
1 ـ استعمال المصدر " سبحان " مضافا إلى لفظ
الجلالة لإظهار التعجب والدهشة .
نحو : سبحان الله .
فسبحان الله بلفظها ومعناها وضعت أصلا للدعاء والعبادة ،
تم استخدمت في التعجب على غير الأصل .
ومنه قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " سبحان
الله ! !
إن المؤمن لا ينجس حيا ، ولا ميتا " .
ومنه قولهم : لله دره فارسا . أو : لله دره من فارس .
ومنه قول عمرو بن العاص عن عمر بن الخطاب :
" لله در ابن حنتمة أيَّ رجل كان ! ! " .
2 ـ ما ورد عن العرب قولهم : " لله أنت
من رجل " .
فالنسبة المخاطب لله لا تدل على التعجب ، ولكن لورود هذا
الأسلوب غالبا في مواقف الإعجاب والدهشة أفاد معنى التعجب .
3 ـ الاستفهام الذي تضمن معنى التعجب .
نحو قوله تعالى : { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا
فأحياكم }[2]
.
فكلمة " كيف " بلفظها ومعناها تفيد في الأصل
الاستفهام ، ولكنها في هذا المقام دلت على التعجب دلالة عارضة على سبيل المجاز .
4 ـ استعمال صيغة النداء " وهو ما يعرف
بالنداء التعجبي " :
كقول الشاعر :
فيالك من ليل كأن
نجومه بكل مغار الفتل شدت بيذبل
5 ـ استعمال اسم فعل الأمر . كقول الشاعر :
واها لسلمى ثم
واها واها ! !
ثانيا ـ صيغ التعجب القياسية :
ويقصد بصيغ التعجب القياسية : تلك الصيغ التي
وضعها الصرفيون لتدل بلفظها ومعناها على التعجب والدهشة ، وهما صيغتان :
1 ـ ما أفعله . نحو : ما أكرم العرب ، وما أعظم الإسلام
.
2 ـ أفعل به . نحو : أكرم بالعرب ، وأعظم بالإسلام .
تركيب صيغ التعجب :
ما أفعله : تتركب هذه الصيغة من مكونات ثلاثة هي :
ما التعجبية ، وفعل التعجب ، والمتعجب منه .
أ ـ ما : نكرة تامة بمعنى " شيء " ، ولكنه شيء
عظيم ، فهي في قوة الموصوفة ، لذلك صح الابتداء بها .
ب ـ فعل التعجب : فعل ماض جامد لا يتصرف ، مثله مثل بقية
الأفعال الجامدة " ليس ، وعسى ، ونعم ، وبئس " ، وغيرها .
فإذا دخلت عليه نون الوقاية تقول : ما أكرمني ، وما
أحوجني إلى المساعدة .
وما أفقرني إلى عفو الله . وما إلى ذلك .
وفيه ضمير يعود على " ما " التي هي أداة
التعجب ، والجملة كلها بعد " ما " في محل رفع خبر .
ج ـ المتعجب منه : وهو الاسم المنصوب الواقع مفعولا به
بعد فعل التعجب .
نحو : ما أعذب الشعر . وما أروعه . وما أجبن العدو ، وما
أقبح النفاق .
فالشعر ، وضمير هاء الغائب ، والعدو ، والنفاق كلها
ألفاظ متعجب منها ، وقد جاء مكملة للجملة الفعلية ، وحكمها النصب دائما على أنها
مفاعيل بها .
أفعل به : وتتكون هذه الصيغة أيضا من مكونات
ثلاثة هي :
فعل التعجب ، والباء ، والمتعجب منه .
أ ـ فعل التعجب : هو فعل ماض مبني على السكون ، جاء على
صيغة الأمر .
ومن خلال التعريف السابق يلاحظ أن لفعل التعجب "
أفعل " صورتين هما :
1 ـ أن يعرب هو نفسه على أنه فعل أمر مبني على السكون .
2 ـ أن يعرب ما بعده على تقدير أنه فعل ماض .
ب ـ الباء : حرف جر زائد ، والاسم المتصل بها مجرور لفظا
مرفوع محلا على لأنه فاعل .
ج ـ المتعجب من : وهو الاسم المتصل بحرف الجر الزائد
لذلك يعرب مجرورا لفظا ، مرفوعا على المحل لأنه فاعل لفعل التعجب باعتباره فعلا
ماضيا .
ويقال إن الهمزة في الأفعال الماضية تقديرا للصيرورة ،
فإذا قلنا :
أعذبْ بالقرآن أدبا وتهذيبا . كان أصلها تقديرا :
أعذبَ القرانُ أدبا وتهذيبا . ومعناها : صار القرآن ذا
عذب أدبا وتهذيبا .
ونحو : أجملْ بالطبيعة ماءً وخضرة . كان أصلها : أجملَ
الطبيعةُ ماءً وخضرة .
ومعناها : صارت الطبيعة ذا جمالٍ ماءً وخضرة .
الخاتمة :
من أساليب التعجب ما يعرف في اللغة بالنداء التعجبي وهو
يجري مجرى أسلوب الاستغاثة مع فارق في المعنى .
يتكون النداء التعجبي من " يا " التي هي حرف
نداء وتعجب ، ولا يستعمل غيرها من أحرف النداء لهذه الغاية ، ومن المنادى المتعجب
منه على أن يكون مجرورا باللام المفتوحة ، وقد تحذف تلك اللام أحيانا ، وله ما
للمنادى من أحكام إعرابية
نحو : يا لَهدوء البحر! ، ويا لصفاء السماء! ، ويا لرقة
الهواء !
ومنه قولهم : يا للهول ! ، ويا للفاجعة !
ونحو : يا جمال الطبية ! ، ويا عبق أنسامها !
التوصيات :
نوصي عند صياغة اساليب التعجب أن
نراعي :
· يجوز التعجب من بعض الأفعال بطريقة مباشرة مع أنها لم
تستوف الشروط اللازمة . فنقول في بعض الأفعال المزيدة : ما أتقى عليّا . وما أعطاه
.
·
يجوز
في حالات نادرة حذف المتعجب منه من صيغتي التعجب ، إذا كان الكلام واضحا بدونه ،
ويفهم من سياقه ن وغالبا ما يكون هذا في الشعر .
المراجع :
1- القرآن
الكريم
2- مسعد زياد ، لغتنا الجميلة ، دار الوفاء ، القاهرة ، 2003 م
3- منتديات التعليم الثانوي . http://www.p48.75.fr/bac
إرسال تعليق