google.com, pub-7749502846098785, DIRECT, f08c47fec0942fa0
أخلاقيات العمل الشرطي -->
النجباء النجباء
random
جاري التحميل ...
random

أخلاقيات العمل الشرطي









أخلاقيات العمل الشرطي في الثقافة الإسلامية



بسم الله الرحمن الرحيم




(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات/13 .

(لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة / 177

(وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ) المجادلة /8




صدق الله العظيم



المقدمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 105] والصلاة السلام على عبد الله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه. وبعد:
فإنه لما كان البر كله حسن الخلق، ومن أجله بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه أساس صلاح الدنيا والآخرة كما دل عليه قول الرسول الكريم: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» [رواه البخاري في كتاب الأدب المفرد وصححه الألباني].
فقد تضمنت هذه الأخلاق السعادة الكاملة: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار:13-14].
وهذه الأخلاق التي تدعو إليها العقول السليمة والفطر المستقيمة جاءت الرسالة الإسلامية فيها بأعلى قيمها من العدالة والكرامة... بسهولة ووضوح وشمولية وإيجابية مهيمنة ومعصومة.
وجعلت هذه الأخلاق والسلوكيات من العبادة التي يشترط فيها الإخلاص لله وحده كما قال تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل: 17-18] {إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الليل: 20].. {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} [الرعد: 22].
والعمل مبني في أخلاقياته على تعاليم الإسلام امتثالاً لقول الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء: 65].
والأخلاق تتناول أسلوب التعامل بين العامل وصاحب العمل وبين العامل وغيره من العاملين ممن هم دونه أو فوقه أو قرناء له فعن أبي الدرداء رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من شىء أثقل في الميزان من حسن الخلق» [سنن أبي داود - (2/ 668) رقم(4799) والترمذي (4/ 363)رقم (2003) وغيرهما وقال الشيخ الألباني: صحيح].
تشهد صحائف التاريخ أن العمل لا يثمر والحضارة لا تزدهر والرخاء لا يسود إلا في ظل الاستقرار، وأنه لا استقرار بغير أمن ورجال الشرطة هم الذين يقع على كاهلهم عبء الأمن العام في جميع الدول المتحضرة إن رجال الشرطة يجب أن يقدروا مسؤولياتهم الضخمة خاصة في المراحل الهامة التي تكون الدولة فيها تسعى بخطى حثيثة للقفز إلى صفوف الدول المتقدمة. تلك المسؤوليات التي يتطلب النهوض بها على الوجه الأكمل أن يكون رجل الشرطة على مستوى عالٍ من الخلق والعلم والكفاية والتدريب والمعرفة بآداب وواجبات الوظيفة.
ولا يتوقف أمر أخلاقيات العمل عند العمل الشرطي فقط بل يأخذ الأمر بعدا اكبر في الحياة العملية سوا في القطاع العام أو القطاع الخاص .
وتلقى أخلاقيات العمل اهتماما كبيرا فنجد أكثر الجامعات تدرس مادة في أخلاقيات العمل و الإدارة,في حين نجد أن أخلاقيات العمل تجد جذورها بالفعل منذ الدراسة الابتدائية و ذلك بان ينشأ الطالب على الغش في الامتحانات أو نقل الواجبات هي عملية لا يصح أن يقوم بها الشخص السوي و يتم التعامل مع هذا الأمر بصرامة , و بذلك يعتاد الطالب على احترام حقوق الآخرين في ابسط الأشياء مثل الانتظار ففي الطابور و الالتزام بقواعد المرور , فهذه الأشياء البسيطة تؤخذ بجدية شديدة جدا و بالتالي يترعرع الطالب وهو يحترم فضيلة الصدق و العدل و الأمانة وأداء الواجب وهذه هي محاور أخلاقيات العمل .
أن ما يجب علينا جميعاً أن نتعايش ونجعل أخلاقنا هي الأحسن مع علاقتنا للآخرين ومع المجتمع حتى نكون المثل الأعلى كما وصف ربنا سبحانه نبينا الكريم محمداً صلى الله عليه وآله وسلم حيث يصفه تعالى : " إنك لعلى خلق عظيم" لأن إن أخلاق الإنسان هي سجاياه وطبائعه التي يدير بها حياته ويتعامل من خلالها مع الناس.
إن الأمانة التي يتحملها رجال الشرطة هي أمانة كبيرة، ولن يستطيعوا حملها بشكل جيد إلا إذا تعاونّا جميعا في حملها. وبهذا يتهيأ لهذا الوطن جو من الاستقرار يساعد على زيادة التقدم والنهضة والتنمية والازدهار، وسوف يؤدي هذا إلى الارتفاع بمستوى كافة الإدارات والقيادات الشرطية.
وإذا كان الارتقاء بمستوى الأداء الأمني لازما، فإن الاهتمام بسمعة الشرطة هو أكثر لزوما وأهمية. ولذلك يجب أن  يكون سلوك الضباط والأفراد سلوكاً مشرفاً، وذلك بالعمل على أن يبتعد الجميع عن الشبهات وعن سوء استخدام السلطة الوظيفية، وأن يكون الرئيس قدوة للمرؤوس. وإننا نأمل أن تكسب الشرطة ثقة الجمهور واحترامه، وهي قادرة على ذلك بأدائها المنسق وانضباطها وهيبتها وسمعتها العالية
وهذه الأخلاق كثيرة لا يتسع لها هذا البحث ولكنني أكتفي بهذه الملامح في جانب العمل الشرطي لألفت النظر إلى عظمة الإسلام، ولأنبه إخواني لمراجعة بقية الأخلاق ، وقد أعدت هذه الدراسة لتذكِّر رجال الشرطة ببعض الآداب والواجبات والمسؤوليات.




الفصل الأول :
الأخلاق
المفهوم – الخصائص – المصادر


المبحث الأول : مفهوم الأخلاق
تعريف الأخلاق:
الأخلاق - كما قرَّرها مجمع اللغة العربيَّة بمصر - هي: قواعد السلوك المقرَّرة في المجتمع.
 والأخلاق الإسلاميَّة هي مجموعة الأقوال والأفعال التي يجب أنْ تقوم على أصولٍ وقواعدَ وفضائلَ وآدابٍ مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بعقيدة وشريعة الإسلام من خِلال القرآن الكريم وسنَّة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فالإسلام عقيدة وشريعة وأخلاق، كلٌّ متكامل.
 الأخلاق هي شكل من أشكال الوعي الإنساني كما تعتبر مجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة بحيث ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدول الأنظمة والقوانين.[1] وهي السجايا والطباع والأحوال الباطنة التي تُدرك بالبصيرة والغريزة، وبالعكس يمكن اعتبار الخلق الحسن من أعمال القلوب وصفاته. وأعمال القلوب تختص بعمل القلب بينما الخلق يكون قلبياً ويكون في الظاهر.
ويعتبر الدين بشكل عام سندا للأخلاق، والأخلاق هي دراسة، حيث يقيم السلوك الإنساني على ضوء القواعد الأخلاقية التي تضع معايير للسلوك، يضعها الإنسان لنفسه أو يعتبرها التزامات وواجبات تتم بداخلها أعماله أو هي محاولة لإزالة البعد المعنوي لعلم الأخلاق، وجعله عنصرا مكيفا، أي أن الأخلاق هي محاولة التطبيق العلمي، والواقعي للمعاني التي يديرها علم الأخلاق بصفة نظرية، ومجردة". والكلمة الإنكليزية للأخلاق «Ethic» مستخلصة من الجدار اليوناني  (إيثيه) أي «عادة». وتكون الأخلاق طقما من المعتقدات، أو المثاليات الموجهة، والتي تتخلل الفرد أو مجموعة من الناس في المجتمع.


مفهوم الأخلاق في الفكر  العربي :
إننا كعرب لا نفرق بين الأخلاق والأخلاقيات ونعتبرها واحدة، حيث لا تساعدنا لا اللغة ولا الضمير الجمعي على رؤية الفرق الجلي بينهما؛ أخذنا نخلط بينهما خلطا عجيبا غريبا. فهنالك فرق كبير بين الأخلاق (Morals) والأخلاقيات (Ethics). فالأخلاق هي مجموعة القيم والمبادئ التي تحرك الشعوب مثل العدل والمساواة والحرية؛ وتصبح مرجعية ثقافية لها وسنداً قانونياً تستقي منه دولها أنظمتها وقوانينها. أما الأخلاقيات فهي مجموعة القيم والآداب، المتعارف عليها شفاهة أو كتابةً بين أصحاب مهنة معينة، والتي يبنون عليها الأنظمة والشروط التي يعملون تحت ظلها كأخلاقيات مهنة. وعادة ما تكون أخلاقيات مهنة ما متضاربة مع أخلاقيات مهنة أخرى، وذلك في سبيل حماية المصلحة الخاصة والذود عنها. أي إنه ليس بالضرورة، أن تكون أخلاقيات مهنة متماشية مع أخلاقيات مهنة أو مهن أخرى، أو مع الصالح العام. فكل مهنة بالطبع، تتحيز لنفسها ولمصلحة العاملين بها.
والدين بشكل عام سند للأخلاق، وفي كثير من أحكامه الفقهية ضابط إن لم يكن مضاداً للأخلاقيات. أي إن الدين داعم ومؤيد للأخلاق، التي تصب في الصالح العام. وتظهر المشكلة جلية عندما يتم الخلط بين الأخلاق والأخلاقيات، وهذا ما وقع فيه العرب قديماً وحديثاً. حيث خلطوا الأخلاق بالأخلاقيات، أو بمعنى، دمجوا الأخلاق بالأخلاقيات وتعاملوا معها من هذا المنظور المجحف بحق الأخلاق، وأصبحوا يتمتعون بأخلاقيات لا بأخلاق، ويعتبرونها الأخلاق. ولذلك فقدوا أي مرجعية أخلاقية تستند لها ثقافتهم الوجدانية الجمعية وتبنى عليها قوانينهم وأنظمتهم الحياتية الخاصة والعامة؛ ليصبح لديهم منظومة أخلاقية معترف بها ومتعارف عليها.
مفهوم الأخلاق في الفكر الإسلامي  :
العقيدة أساس، والشريعة بِناء، والأخلاق من العقيدة وتتغَلغَلُ في الشريعة.
منزلة الأخلاق في القرآن والسنة:
الأخلاق : مجموعة الأفعال والأقوال الحميدة التي وردت في الشريعة الإسلامية، من أجل بناء مجتمع إسلامي فاضل..
الأخلاق هي عنوان الشعوب, وقد حثت عليها جميع الأديان, ونادى بها المصلحون, فهي أساس الحضارة, ووسيلة للمعاملة بين الناس وقد تغنى بها الشعراء في قصائدهم ومنها البيت المشهور لأمير الشعراء أحمد شوقي :((وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.... فـإن هُمُوُ ذهبــت أخـلاقهم ذهــبوا)) وللأخلاق دور كبير في تغير الواقع الحالي إلى الأفضل إذا اهتم المسلم باكتساب الأخلاق الحميدة والابتعاد عن العادات السيئة، لذلك قال الرسول " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فبهذه الكلمات حدد الرسول الكريم الغاية من بعثته أنه يريد أن يتمم مكارم الأخلاق في نفوس أمته والناس أجمعين ويريد للبشرية أن تتعامل بقانون الخلق الحسن الذي ليس فوقه قانون, إن التحلي بالأخلاق الحسنة, والبعد عن أفعال الشر والآثام يؤديان بالمسلم إلى تحقيق الكثير من الأهداف النبيلة منها سعادة النفس ورضاء الضمير وأنها ترفع من شأن صاحبها وتشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم وهي طريق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
وقد وصف الله عز وجل رسوله الكريم في التنزيل "وإنك لعلى خلق عظيم".وعن أم المؤمنين عائشة لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام، قالت : (كان خلقه القرآن) صحيح مسلم.عن أنس بن مالك قال : كان النبي أحسن الناس خلقًا - الحديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي.وعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله - رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
ذكر الأخلاق في القرآن الكريم :
تكرَّرت الآيات والأحاديث في مدْح حُسن الخلق في غير موضعٍ؛ كقوله - تعالى -: ﴿ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأعراف: 181]، وقوله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 78]، وقوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].
كما تأكد ذكر الأخلاق في القرآن الكريم بصور شتى مثل العرف والمعروف والخير والصالحات والباقيات الصالحات والبر في الآيات الكريمة : "يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون". و"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" و"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" و"التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين " و"والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " و"المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا " و"تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" و" يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون" و"يوم ينفع الصادقين صدقهم".
كما تظهر الأخلاق في وصايا لقمان لابنه في سورة لقمان، وآداب الاستئذان في سورة النور آية 58 وما تلاها، وآداب التعامل مع الرسول والنهي عن النميمة والتنابذ بالألقاب إلخ في سورة الحجرات وفي سورة الأحزاب آية 53، وأوامر الله للرسول (فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر) سورة الضحى آية 9، 10.ووصايا الله للمؤمنين في سورة الإسراء فيما يشبه الوصايا العشر في الآيات 22 حتى 39 ويمثل البيان الكامل لمدونة السلوك التي يجب أن يتبعها كل مسلم.ويظهر عدم التمييز بين الرجل والمرأة في العمل الصالح في الآية 97 من سورة النحل، و 40 من سورة غافر.وقيمة الإيثار والتضحية في الآية 9 من سورة الحشر والآية 7 - 9 من سورة الإنسان.و الأمانة "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً". والنهي عن الهمز واللمزة في سورة الهمزة وفي الآيات "ولا تطع كل حلاف مهين. هماز مشاء بنميم. مناع للخير معتد أثيم. عتل بعد ذلك زنيم. أن كان ذا مال وبنين. إذا تتلى عليه آياتنا قال:أساطير الأولين".والنهي عن الخيانة "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" و"إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور ". والدعوة إلى العزة والكرامة وعدم التهاون فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين و"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " و"ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما " و"فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ".. والدعوة إلى الصبر والعزم "فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل" "ولم نجد له عزما".
كما حفل القرآن الكريم بآيات النهي عن الأخلاق السيئة والشريرة مثل سورة الماعون بأكملها، ووصف المطففين في سورة المطففين، ووصف المنافقين في سورة المنافقون والعديد من آيات القرآن الكريم، والنهي عن تزكية النفس، وأكل مال اليتيم، وأكل أموال الناس بالباطل، والسحت (المال الحرام)، وكنز الذهب والفضة والامتناع عن إنفاقهما في سبيل الله، وإتباع الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والأنعام والحرث، وتوعدت الذين يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا، والذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس. وحفلت بآيات الأمر بالقسط والعدل ولو على أنفس المؤمنين أو الوالدين والأقربين، والأمر بالوفاء بالعقود، وقولوا للناس حسنا.
فالإسلام الذي جاء ليُتمَّ مكارم الأخلاق للإنسان، تميَّز اهتمامُه بهذا الأمر إلى حَدِّ أنْ فُسر الإسلام على أنَّه الخلق في قوله - تعالى -: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، قال ابن عبَّاس: دِين عظيم؛ أي: الإسلام.
ويتَّضح ذلك من الحقائق المهمَّة الآتية:
1- الصِّلة الوثيقة بين الإيمان عقيدةً والأخلاق سلوكًا؛ فالأخلاق علامةٌ على الإيمان الكامل، كلَّما زاد حسن الخلق ارتَفعتْ درجة المؤمن؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أقرَبُكم منِّي مجلسًا أحاسِنُكم أخلاقًا))، وقوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]، وفي الحديث ((ما آمَن بي مَن باتَ شَبعان وجارُه جائع))؛ (متفق عليه؛ أي: رواه البخاري ومسلم).
2- العبادات ذات أثرٍ أخلاقي لا بُدَّ من تحقُّقه في حياة الجماعة، وهذه بعض الأمثلة:
• ﴿ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، فهي تنهى عن كلِّ فحشاء ومنكر؛ من السَّرِقة، والزنا، وشُرب الخمر، وغيرها.
 • ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]، وهي أيضًا طهارةٌ للنفس وتزكيةٌ لها من خُلُقِ الشحِّ والبخْل.
• ﴿ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197]، وهي تمنع من القول الفاحش وأفعال الفِسق، والكلام الذي لا فائدةَ منه إلاَّ النِّزاع والتناحُر والتعصُّب، وبصفة خاصَّة في الحج.
3- الأخلاق شرطٌ لصحَّة المعاملات؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29] يكون عن طِيب نفسٍ وخاطرٍ، دون مُقامَرة أو استِغلال في التعامُل بالأموال، ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ [المطففين: 1]، ((مَن غشَّنا فليس منَّا))؛ (رواه مسلم)، وعند التعامُل في الموزونات الالتزام بالكيل العادل وعدم الغشِّ في أيِّ أمرٍ من الأمور.
4- الحدود في الإسلام زَواجِر عن جَرائِم خُلُقيَّة (حد القتل - السرقة - الزنا)، ويبيِّن حثَّ الإسلام على الأخلاق ما قرَّرَه من حُدود لحماية الفضيلة ومكارم الأخلاق، ويُدرِك المتأمِّل لذلك أنَّ الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاق، كلٌّ متكامل.
ذكر الأخلاق في الأحاديث النبوية :
كما تظهر الأخلاق في الأحاديث النبوية. فقد روى الترمذي عن ابن مسعود ان رسول الله قال (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء).وقال رسول الله أيضا:(ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس). و"من حملَ علينا السلاحَ فليسَ منا"و"ليس منّا مَنْ باتَ شبعاناً وجاره جائع"و "ليس منّا مَنْ لم يحاسب نفسه كلّ يوم" "ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يحسن صحبة من صحبه، ومخالقة من خالقه، ومرافقة من رافقه، ومجاورة من جاوره" و"ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ومن لم يعرف لعالمنا حقه" و"من خبب عبدا على أهله فليس منا، ومن أفسد امرأة على زوجها فليس منا". وعن أبي هريرة أن رسول الله قال: “لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه”. أي شره.وجاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله قال "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".وعن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله  : "اتق الله حيثما كنت. وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".وقال (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة ولايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإياكم والكدب فان الكدب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار ولا يزال الرجل يكدب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).وعن جابر أن رسول الله قال: { أتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم} رواه مسلم. وقال سبحانه وتعالى فيما رواه رسول الله في الحديث القدسي: { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا } رواه مسلم.وقال رسول الله "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله " و"من لا يرحم لا يُرحم" و(الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض ؛ يرحمكم من في السماء). و"الحاقد والحاسد في النار". كما أن الإسلام نهى عن التطفيف والتخسير في الميزان وإبخاس الناس أشياءهم وهو فعل قوم شعيب ويقلدهم فيه باعة الروبابيكيا والفاكهة والخضر وغيرها. والنهي عن اللواط والمثلية الجنسية وإتيان المنكر في الأندية كفعل قوم لوط.وكذلك نهى الإسلام عن الرشوة والمحاباة والمحسوبية كما ورد في حديث "والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"، وحديث "إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" و"لعن رسول الله الراشي والمرتشي" ونهى النبي عن المثلة (التمثيل بالجثث في الحرب) ونهى عن قتل الصبيان والشيوخ والنساء في الحرب، "اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا". وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله : "أعفُّ الناس قِتْلةً: أهلُ الإيمان".وفي آدادب الذبح للحيوان والقتل في الحرب عن شداد بن أوس عن رسول الله إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته.
وفي مجال الرفق بالحيوان روى البخاري وغيره عن النبي أنه قال: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض".وعن أبي هريرة أن رسول الله - - ذكر : (أن امرأة بغيا من بني إسرائيل رأت كلبا في يوم حار، يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها، فغفُر لها) رواه مسلم.وعنه أن النبي - – قال : (بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئراً فشرب منها، ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال : لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفّه ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له) قالوا : يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا ؟، قال : (في كل كبدٍ رطبةٍ أجر) رواه البخاري.
وعن يعلى بن مرة قال: كنت جالساً مع النبي ذات يوم إذ جاءه جمل يخب حتى ضرب بجرانه بين يديه (أي جاء يمشي حتى وضع عنقه أمام النبي ) ثم ذرفت عيناه. فقال ويحك: انظر لمن هذا الجمل، إن له لشأناً ؟!! قال فخرجت ألتمس صاحبه فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته إليه فقال: ما شأن جملك هذا؟ فقال: وما شأنه؟ قال: لا أدري والله ما شأنه عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه. قال: فلا تفعل هبه لي أو بعنيه. فقال: بل هو لك يا رسول الله فوسمه بوسم الصدقة ثم بعث به. وفي رواية أن الرسول قال له: ما لبعيرك يشكوك ؟ زعم أنك أفنيت شبابه حتى إذا كبر تريد أن تنحره قال صدق. والذي بعثك بالحق قد أردت ذلك والذي بعثك بالحق لا أفعل. رواه أحمد.
وقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مِن أكثر ما يُدخِل الناس الجنَّة تقوى الله وحُسنُ الخُلُق))؛ (رواه الإمام أحمد في المسند).
وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسَنُهم أخلاقًا))؛ (رواه الإمام أحمد).
وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ العبد ليُدرِك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))؛ (رواه الإمام أحمد).
وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنما بُعِثتُ لأتمِّم مكارم الأخلاق))؛ (رواه الإمام مالك في الموطأ).
وفي حديث أم المؤمنين عائشة - رضِي الله عنها -: "كان خلقه القرآن"؛ (صحيح مسلم).
أي: كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - متمسِّكًا به وبآدابه وأوامره ونَواهِيه، وما يشتَمِل عليه من المكارم والمحاسن.
ذكر الأخلاق لدى السلف الصالح :
كما ظهرت الأخلاق في خطب الخلفاء الراشدين حين قال أبو بكر الصديق :"أما بعد، أيها الناس، فإني قد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم، فإنْ أحسنتُ فأعينوني، وإنْ أسأتُ فقوِّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقَّه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحقَّ منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمَّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم". وقال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه :"إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متع به غني" و"ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيع " و"عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه."
ولخص الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب الأخلاق الإسلامية حين قال للنجاشي : " أيها الملك كنا قومًا أهل جاهلية؛ نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتى الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل منا القوى الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيءًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ـ فعدد عليه أمور الإسلام ـ فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاءنا به من دين الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيءًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك."

وفي صحيح البخاري عندما سأل هرقل عظيم الروم أبا سفيان عن النبي كان من بين ما سأله عنه أن قال: " ماذا يأمركم ؟ " فقال أبو سفيان: " يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة." متفق عليه.
فالأخلاق الإسلامية (بالإنجليزية: Islamic ethics) هي الأخلاق والأداب التي حث عليها الإسلام وذكرت في القران الكريم والسنة النبوية, اقتداء بالنبي محمد الذي هو أكمل البشر خلقا لقول الله عنه (وانك لعلى خلق عظيم) سورة القلم.
وقد عرف الشيخ محمد الغزالي الأخلاق بأنها " مجموعة من العادات والتقاليد تحيا بها الأمم كما يحيا الجسم بأجهزته وغدده ".
وقد اتخذت الأخلاق الإسلامية شكلها تدريجيا من القرن السابع الميلادي وتأسست وترسخت أخيرا في القرن الحادي عشر الميلادي. وتشكلت في نهاية المطاف من الاندماج الناجح لتعاليم القرآن الكريم، وتعاليم السنة النبوية الشريفة سنة النبي محمد، والسلف من فقهاء الشريعة الإسلامية (انظر الشريعة والفقه)، والتقاليد والعادات العربية ما قبل الإسلام، والعناصر غير العربية (بما في ذلك الأفكار الفارسية واليونانية)، أو المتضمنة في والمتكاملة مع الهيكل الإسلامي والبنية الإسلامية عموما.
على الرغم من أن تعاليم الإسلام من قرآن وسنة قد أحدثت " تغييرا جذريا في القيم الأخلاقية على أساس فرض أوامر ونواهي للدين الجديد، وخشية الله وتقوى الله واليوم الآخر "، فإن الممارسة القبلية لدى العرب لم تنقرض تماما. في وقت لاحق قام علماء وفقهاء المسلمين بتوسيع الأخلاق الدينية من القرآن والحديث بتفاصيل هائلة.
الاختلاف بين الأخلاق الإسلامية والأخلاق النظرية
مصدر الأخلاق الإسلامية الوحي، ولذلك فهي قيم ثابتة ومثل عليا تصلح لكل إنسان بصرف النظر عن جنسه وزمانه ومكانه ونوعه، أما مصدر الأخلاق النظرية فهو العقل البشري أو ما يتفق عليه الناس في المجتمع «العرف»، ولذلك فهي متغيرة من مجتمع لآخر ومن مفكر لآخر.
مصدر الإلزام في الأخلاق الإسلامية هو شعور الإنسان بمراقبة الله، أما مصدر الإلزام في الأخلاق النظرية فهو الضمير المجرد أو الإحساس بالواجب أو القوانين الملزمة..


المبحث الثاني : خصائص الأخلاق الإسلامية
التوازن بين مطالب الروح والجسد فلا تمنع حاجة الجسد من الشهوات والرغبات بل تضعها في إطارها الشرعي، فقال الله {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}الأعراف32، فمن حق الإنسان في إشباع رغباته بالضوابط الشرعية مع إشباع الروح بالذكر والطاعة والعبادة
الأخلاق الإسلامية صالحة لكل إنسان ولكل زمان ومكان مع اتصافها بالسهولة واليسر ورفع الحرج فيقول الله {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}الحج78 {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}البقرة286
لا يحكم على الأفعال بظاهرها فقط ولكن تمتد إلى النوايا والمقاصد والبواعث التي تحرك هذه الأفعال الظاهرة يقول : (إنما الأعمال بالنيات).
مبادئها تقنع العقل وترضي القلب، فما من نهي شرعي إلا معه مسوغات ودوافع تحريمه فيقول الله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء32 وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَأوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}المائدة90-91، وكذلك الأخلاق الإسلامية تقبلها الفطرة السليمة ولا يرفضها العقل الصحيح
مكارم الأخلاق الإسلامية :
من مكارم الأخلاق في الإسلام الصدق والأمانة والحلم والأناة والشجاعة والمروءة والمودة والصبر والإحسان والتروي والاعتدال والكرم والإيثار والرفق والعدل والإنصاف والحياء والشكر و حفظ اللسان وإتقان الأعمال والعفة والوفاء والشورى والتواضع والعزة والستر والعفو والتعاون والرحمة البر والتواضع والقناعة والرضا والعزيمة وعدم الخوف في الحق لومة لائم.
أخلاقيات العمل في الإسلام :
يوجد تناقض بين أخلاقيات العمل النبيلة التي يدعو لها القران الكريم و الحديث الشريف و بين التطبيق العملي و اليومي لبعض تلك الأخلاقيات الإسلامية حول العمل .
فأخلاقيات العمل في الإسلام وما تدعو إلية الحكمة العربية و الإسلامية المحلية التقليدية هي مبادئ  متلازمة و متوافقة مع بعضها البعض و لا يجب أن تكون متناقضة .
إن أخلاقيات العمل في الإسلام مرتبطة ارتباطا أساسيا و عضويا و منطقيا بالعمل المدني و الدنيوي اليومي بدأ بالتعامل اليومي مع الآخرين , و إجادة العمل الوظيفي , و ممارسة الأخلاق الإنسانية السوية , و انتهاء بالتمسك  بالقوانين خلال الممارسة الاجتماعية المدنية اليومية في المجتمع الإنساني المدني .
هناك حالة مماثلة في تاريخنا كعرب , الم تسمع عن العرب قبل  وما كانوا فيه من فساد في الاعتقاد وعبادة للأوثان وانتشار لرذائل كثيرة. ولكنك في نفس الوقت تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمى الصادق الأمين من قبل البعثة وكان ذلك محمودا لديهم. كذلك من المعلوم أن صفة الكرم كانت محمودة لديهم وكذلك صفة الصدق. وكذلك صفات الشهامة والوقوف بجانب الضعيف.
خلاصة القول هو أن الأخلاق الحميدة مثل الصدق والأمانة والوفاء بالوعد وعدم الغش وعدم الخداع هي من الأمور المحمودة عند المجتمعات المتقدمة.
 لاحظ أن هذه الأخلاقيات هي أخلاقيات العمل الأساسية. قد يكون الدافع للالتزام بالأخلاق مختلفا من شخص لآخر فهذا يعتبرها جزءا من الدين وهذا يعتبرها أمرا محمودا وهذا يخاف أن يحتقره الآخرون وهكذا.  ولكن على أي حال لن تجد مجتمعا يفتخر بكونه مجتمعا كذابا ولا يعترف بالأمانة. لماذا؟ لأن كل المجتمعات تعلم أن هذه صفات سيئة لا يُمدح عليها الإنسان بل يُذم. وبالتالي فأخلاقيات العمل الأساسية هي فضيلة عند كل المجتمعات
المسؤولية القانونية والأخلاقية
تختلف المسؤولية القانونية على المسؤولية الأخلاقية باختلاف أبعادهما، فالمسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات تكون أمام شخص أو قانون، لكن المسؤولية الأخلاقية فهي أوسع واشمل من دائرة القانون لأنها تتعلق بعلاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبغيره، فهي مسؤولية ذاتية أمام ربه والضمير. أما دائرة القانون فمقصورة على سلوك الإنسان نحو غيره وتتغير حسب القانون المعمول به، وتنفذها سلطة خارجية من قضاة، رجال امن ونيابة، وسجون. أما المسؤولية الأخلاقية فهي ثابتة ولا تتغير، وتمارسها قوة ذاتية تتعلق بضمير الإنسان الذي هو سلطته الأولى.

المبحث الثالث : مصادر الأخلاق
هناك مجموعة من المعايير الأخلاقية التي تقوم عليها صلات الفرد بالأخرين وتحدد علاقته السوية معهم ، فالفرد لا يستطيع إلا أن يلتزم بالمعايير الأخلاقية للجماعة وإلا تعرض لنوع من العقاب ويرى " رد كليف براون " أن الأفراد في الغالب يتصرفون بالأسلوب الذي يرون أنه يتفق مع القيم المرجعية للجماعة التي ينتمون إليها ، خاصة اذا ما توقعوا أن هذا التصرف أو السلوك سوف يؤدي إلى كسب رضا الجماعة والمحافظة على تماسكها أما الأسباب الرئيسية التي تدفع الفرد العامل إلى الإنضمام للجماعة فمن أهمها شعور ذلك الفرد بأن القوانين الحكومية واللوائح المنظمة لعمل الشركة لا توفر له الحماية الكافية لحقوقه وبالتالي فهو يرى أ، الإنتماء لجماعة تحميه ربما تعوض له ذلك التقصير في قوانين العمل ذات العلاقة ، وأهم مصادر الأخلاقيات في الإدارة المصدر الديني أولاً ثم القوانين والتشريعات ثانياً ، وثالثاً الإنتماء للجماعات ، وفي مدونة المحاسب الأول سوف أتناول هذه المصادر التي يستمد منها الفرد سلوكه الأخلاقي بشي من الشرح وذلك كما يلي :

التعاليم الدينية
يمثل الدين أحد المصادر الهامة التي يستمد منها الفرد العامل القيم بل إن الدين هو المصدر الرئيسي لقيم كثيرة ، ومن الأمثلة على القيم التي تتصل بالعمل والأخلاق في الدين الإسلامي الإدارة والنية والمسؤولية والجزاء والجهد ، وهذه الأسس هي ذاتها التي يقوم عليها النظام الأخلاقي المعاصر ، والباحث عن الجانب الأخلاقي في الأديان السماوية يجد فيه ناحيتين بارزتين :

1- الناحية النظرية وهي التي تشكل الأسس والقواعد النظرية في الفلسفة الأخلاقية مثل البحث عن الطبيعة الإنسانية ومصدر الإسلام والمسؤولية الخلقية وعناصرها وقواعد السلوك الإنساني .
2- التطبيق العملي للقواعد السلوكية ومجموعة الفضائل التي يكون المجتمع بها فاضلاً .

مما سبق يتضح لنا أن الإيمان أساساً مهماً من أسس الأخلاق وأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الإيمان وبين السلوك الأخلاقي وأما بالنسبة للأساس العلمي للأخلاقيات فإن الإسلام قد حدد للإنسان إطاراً أخلاقياً على أساس تصوره للكون والحقائق الموجودة فيه ، فالإسلام يربي المسلم تربية عقلية أهدافها من قيم العلم والمعرفة والحق كما تهدف إلى توجيه طاقات الإنسان إلى البحث العلمي والسعي وراء الحقيقة .

الإلزام
ويقصد بذلك أي عمل يوجه إليه الإسلام ويأمر به فالواجب والخير وغيرهما من المعاني النبيلة يقومان على فكرة القيمة المستمدة من مثل أعلى وياتي الإلزام معتمداً على مصدرين هما المصدر الفطري والوحي وما يتعلق به من إجتهادات على أن الإلزام المستند إلى الفطرة إنما هو إلزام إختياري غير قهري ولذا فإن الإسلام يقف لعدوين متربصين للأخلاق الإسلامية وهما :
1- اتباع الهوى دون تفكير .
2- الانقياد والتقليد الأعمى .
إن هذين العدوين يضيعان معنى الإلتزام الداخلي النابع من الفطرة البشرية وكان لا بد من محاربتهما لأنه من خلالهما تتسرب المصالح الخاصة والكسب غير المشروع وما إلى ذلك .

المسئولية
حيث يفترض الإلزام مسئولية بعقبها جزاء ويعني إئتمان المسئولية ، وتحمل الشخص التزاماته وقراراته من الناحية الإيجابية والسلبية أمام الله وأمام ضميره وأمام المجتمع ، وطبقاً للاسلام فإن المسئولية تقوم على الحرية في الأداء وتسقط عن صاحب الإراده المسلوبه والذي لا يملك حريته ، وأن يكون المسئول كامل الأهلية للتصرف لأن المسئولية تقوم على مبدأ الإلتزام الشخصي وفي إطار هذا المفهوم للمسئولية في الإٍسلام هناك ثلاثة أنواع وهي :
1- المسئولية الدينية : وهي الإلتزام أمام الله.
2- المسئولية الأخلاقية المحضة : وهي الإلتزام الشخصي من الإنسان نفسه بالإتيان بشي أو الإنتهاء منه .
3- المسئولية الإجتماعية : وهي الإلتزام تجاه الأخرين وما يفرضه المجتمع من قواعد آمرة وناهية

الجزاء
وهو العنصر الثالث من أركان الفعل الخلقي والجزاء ثلاثة أنواع وهي :
1- الجزاء الأخلاقي : ويكون ثواباً أو عقاباً والجزاء الثوابي لممارسة القواعد الخلقية وهو الرضا عن الذات الذي يزيد الفكر نفاذاً وتزيد مهارات الإنسان اتقاناً ، أما ممارسة الرذلة فلها جزاؤها الأخلاقي أيضاً ويتمثل في ذلك الشعور الذي يعيد تثبيت القانون المنتهك وهو التوبة والصلاح أي اصلاح ما نقص أو أفسده الإنسان وهذا الإصلاح يقع بأشكال عدة :
- إما في عمل ناقص ويجب أن يعاد ويؤدي بطريقة مناسبة عاجلاً أو أجلاً .
- وإما في خطأ واجب إزالته وهذا يأتي في حق الله ويتطلب ذلك المغفرة من الله أما حق المجتمع فلا يغفر إلا بإبراء الذمة من الذين أسأنا لهم .
2- الجزاء القانوني : فيرتبط بارتكاب المحرمات القانونية وهذا في ذاته مفسدة ومن ثم يحتل هذا النوع من الجزاء كانته في دفع المفاسد الخلقية والقصد منه الردع والإصلاح وإثارة المودة والسلام بين الناس والحفاظ على مقومات الحياة الإنسانية .
3- الجزاء الإلهي : فهو يختلف عن النوعين السابقين فالجزاء الإلهي له طبيعته وإمتداداته وقد أورد القران الكريم الجزاء في شكلين هما :
الأول : الجزاء الالهي العاجل أي في الدنيا وهذا له جانبه المادي والمعنوي .
الثاني : الجزاء الالهي في الآخرة وهو إما الجنة لمن أطاع أو النار لمن غوى وأتبع هواه .
ومن منطلق هذه الأسس التي تشكل المصدر الأول التي يستمد منها الأفراد العاملين في مختلف المستويات الإدارية في المنشأة سلوكهم الأخلاقي ، يتضح أن نشاط المسلم الإداري عبارة عن رسالة يقوم بتوصيلها إلى أصحابها بإخلاص وأمانه أستامنه الله عليها ليؤديها حق أداء سواء كان مسئولاً في المنشأة أو موظفاً عادياً أو عاملاً تنفيذياً وهذا هو السلوك الأخلاقي الذي يساعد الفرد على تنفيذ أهداف الإدارة ومتطلباتها في شتى نواحي الحياة وهكذا نجد أن الدين هو المصدر المحكم للأخلاق رغم ما جاءت به المدارس الفلسفية والإجتماعية الغربية .

رقابة الضمير
تعتبر محاسبة النفس الخطوة الأولى على طريق الإلتزام الأخلاقي للأفراد فهي شكل من أشكال الرقابة الذاتية يطبقها الفرد على سلوكه الخاص وتزداد محاسبة النفس وضوحاً وتأثيراً عن الشخص السوي ، أما الشخص غير السوي فإنه لا يلتزم كثيراً بالمبادئ والقيم الأخلاقية وبالتالي فإنه لا يشعر بوظأة محاسبة الذات، أما الشخص السوي فإنه يواجه الصراعات الحادة اذا ما حاول القيام بمجموعة من السلوكيات التي لا تتفق مع المبادئ الأخلاقية ويفسر هذا الخرق للقواعد الأخلاقية بأنها شطارة أو رجولة مثل الكذب والسرقة والخيانة والرشوة والخداع والتضليل والدسيسة والاعتداء على حقوق الأخرين ...إلخ دون أن يتأثر أو يعاني من ضميره وإن كان من يتعامل معهم يتأثرون بدرجة كبيرة من هذا السلوك خاصة اذا نجح لبعض الوقت من تحقيق مآربه المادية والسلطوية من خلال هذه الوسائل .

العدالة الإدارية
ويقصد بذلك أن على المدير ان يعامل جميع موظفية المرؤوسين بحسن نية ، وأن يقيم أداءهم على أساس الكفاءة والإنتاجية وبدون تحيز إلى جانب أحدهم لأسباب تتعلق بالقرابة أو الدين أو الجنس أو الإتجاه السياسي لأن التفرقة والتحيز في تقييم الأفراد وطريقة توجيههم ينظر إليها على أنها سلوك لاأخلاقي .

الإستقامة
ويقصد بذلك اختيار السلوك الأخلاقي في اتخاذ القرارات وإصدار التعليمات وتوزيع أعباء العمل على الموظفين والتعامل مع العملاء بصدق والإعتراف بالمسئولية الإجتماعية تجاه البيئة التي تتعامل معها المنظمة فالمسئول مهما كان مركزه وسلطته في المنشأة يتعامل مع أعضاء التنظيم الإداري وهؤلاء لهم أهداف يتعاونون لتحقيقها ويتعين على الرؤساء الذي يضعون السياسات ويتخذون قرارات التزام مبدأ الاستقامة في مساعدة أعضاء التنظيم في تحقيق أهدافهم تماماً مثلما يسعون إلى تحقيق أهداف المنشأة .

القوانين والأنظمة
تعتبر القوانين ذات العلاقة من المصادر الرئيسية التي توجه عمل الإدارة في المنشأة ومن أهم القوانين التي تشكل مصدراً للسلوك الأخلاقي هي تلك الواردة في مواد دستور الدولة مثل قوانين العمل والعمال ونظم الرقابة والتفتيش الإداري وقوانين التجارة والإنتاج وتنظيم الحقوق .




الفصل الثاني
العمل الشرطي
حدوده – واجباته ومحظوراته -  أخلاقياته  - علاقته بالمجتمع


المبحث الأول : حدود العمل الشرطي ومحدّداته
لقد قدّس الإسلام العمل، وكرّم العاملين والمنتجين، واعتبره شرفاً وجهاداً وصورة مُعبِّرة عن ذات الإنسان واستعداداته، فبالعمل يؤدِّي الإنسان رسالته الإعمارية في هذه الأرض، وبالعمل يتطابق مع دعوة القرآن إلى الإعمار والإصلاح في هذه الأرض. قال تعالى:
(هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) (هود/ 61).
وإنطلاقاً من هذه الدعوة، راحَ الإسلام يحثّ على العمل ويُحارب الكسَل والإتكالية، ويدعو إلى الجدِّ وبذل الجهد من أجل تحصيل الرِّزق والإنتفاع بطيِّبات الحياة وإعمار الأرض وإصلاحها.
ورجل الشرطة هو أظهر الموظّفين العموميين تمثيلاً للقانون ، لأنّه الوحيد الّذي تلجأ إليه الجماهير كلّما كان هنالك ما يدعو لتنفيذ القانون ، فيتقدّم الصفوف للقيام بواجبه مهما كانت المخاطر والأضرار الّتي تقع عليه وبذلك يلقى من المخالفين للقانون العنف والمكائد ، إذ لا يصبّون جام غضبهم إلّا عليه ولا يشهرون السلاح إلّا في وجهه ، بينما هو مأمور بحكم القانون ، ولا يستطيع لأمره ردّاً أوعصياناً ، ومن هنا نشأت العداوة بين الشرطة وجهلاء الناس الّذين لا يدركون حقيقة الأمور، يلصقون بها أحياناً وصف الوحشيّة أو القسوة وأحياناً أخرى وصف الاستعلاء والجبروت ، وإذا كان واجباً على جهلاء الناس أن يمعنوا النظر في حقائق الأمور وأن يردّوا الأشياء إلى أصولها ، وأن يعلموا أنّ عصيانهم للقانون لا يدعوهم أبداً إلى كراهيّة القائمين على تنفيذه ، فإنّ على الشرطة واجباً مقابلاً هو أن تلتزم حدود القانون ، وألا تتّعرض للناس إلّا في نطاق أداء الوظيفة العامّة بغير تعدٍّ أو زيادةٍ وبهذا تستطيع الشرطة أن تكسب الكثير من خصومها وأن تصون جلال المهمّة الملقاة على عاتقها على النحو التالي :
·   لم يبح القانون لرجال الشرطة انتهاك حرّية الأفراد بدعوى حماية المال والنفس إلّا في حدود مرسومة فلا يمكن أن يضار الأمن بدعوى الأمن أو أن تباح حرمات الناس تحت ستار حمايتهم. فلا يجب أن يتجاوز رجل الشرطة تلك الحدود عند قيامه بتنفيذ مهامّه لأنّه لن يعلق به فقط وصف المخطئ ولكن يعلق به أيضاً وصف الخارج على القانون.
·   عليه أن يتأمّل فيما يحيق بالإنسان من اضطراب وخوف وبلاء حين يقتحم عليه مسكنه ومأواه ، ويهتك أسراره وينزل الرعب والفزع في قلب ذويه ، ويجعله موضع الشبهة أو التهمة فلا يجب أن تكون الحجّة في ذلك العمل قائمة على شبهات لم يستقرّ لها كيان ولم يسندها يقين ، أو تحرّيات سطحيّة مبتورة لا تنبئ بالواقع من الأمور.
·   لا ينبغي لرجل الشرطة أن يدفع بإنسان يوماً أو أيّاماً في أماكن الحجز أو الحبس لمجرّد كونه موضع اشتباه لا يقوم على أساس من القرائن المعقولة ، أو الأدلّة المقبولة ، دون مبالاة لما قد يترتّب على ذلك من انقطاع رزقه أو بعده عن بيته وأبنائه.
·   عليه أن يعلم أنّ استضعاف الفقير واستمرار المساس بحرّيته من الأمور الّتي تجزع منها العدالة الّتي تقوم أساساً على عدم التمييز بين فئات الناس .
·   عندما يتلّقى رجل الشرطة بلاغاً عن جريمة فإنّ مجرّد البلاغ بغير تحرّيات وتثبّت من حقيقته لا يسوغ له القبض على الأشخاص أو تفتيشهم .
·   إذا قبض على شخص بدعوى أداء الواجب واتضح أن القصد الحقيقي لم يكن سوى الانتقام منه ، فإنّ سلطة القبض تصبح منعدمة المصدر ويعرّض نفسه لمشاكل قانونيّة.
·   إذا قبض على شخص في الطريق بدعوى أنّه في حالة تلبّس بحيازة مخدّرات ولم يكن أساس دعواه إلّا مجرّد الظنّ أو الاشتباه أنّ لديه مخدّراً فإنّ القبض عليه يقع باطلاً لأنّه تمّ بمجرّد الاشتباه لا على أساس قرائن أو أدلّة مقبولة .
·   يجب أن يكون رجل الشرطة إيجابيّاً وإذا وجد خطأ أو خطراً يهدّد حياة الغير، فيتدّخل (حادث سير يستدعي الإسعاف ـ حريق يستدعي الإطفاء ـ مطاردة متّهم هارب..) .
·   لا يجوز القبض على شخص ثمّ طلب استصدار إذن من النيابة بالتفتيش ، فالقبض تمهيداً لتنفيذ إذن إذا لم يكن قد صدر، فإنّه غير جائز قانوناً .
·   النظر من ثقب باب المسكن أو النوافذ ومشاهدة حالة تخالف القانون داخله لا تبيح انتهاك حرمة المسكن بدعوى الحقّ في التفتيش عند قيام حالة التلبّس .
·       لا يجوز مراقبة المحادثات الهاتفية إلّا بعد التصريح بذلك من الجهات المختصّة.
·       لا يجوز فضّ الأوراق المختومة أو المغلقة الّتي تمّ ضبطها في منازل المتّهمين إلّا بعد التصريح بذلك من الجهات المختصّة .
·       من حقّ رجال الشرطة دخول المحالّ العامّة لمراقبة تنفيذ القانون إلّا أنّ ذلك لا يقتضي منهم التعرّض للأشياء المغلقة غير الظاهرة .
·   من حقّهم دخول المحالّ العامّة لإثبات ما يقع فيها مخالفاً لأحكام القانون، كتعاطي المخدّرات فيها على سبيل المثال إلّا أنّ ذلك لا يخوّل لهم شرعيّة البحث عن مخدّرات وتفتيش أصحاب تلك المحالّ أو الأشخاص الّذين يوجدون بها بدون إذن قانوني.

·   إنّ الحقّ في القبض على الأشخاص مرهون بإتمام جميع الاستدلالات أو إجراءات التحقيق ، وبشرط ألّا تتجاوز مدّة القبض 24 ساعة. وكلّ ساعة من مدّة هذا القبض لا ينبغي مرورها بغير استيفاء للتحقيق فليس من حقّ الشرطة القبض على شخص ثمّ إهماله حتّى تنتهي هذه المدّة بدعوى أنّها من سلطتها فإذا حدث ذلك فإنّه يعتبر حبساً بغير وجه حقّ.
·   إذا استوقف أحد الأشخاص لأنّه قد اشتبه في سلوكه ، فإنّ هذا الاستيقاف جائز حتّى يتمّ التحقّق من ظروف هذا الشخص ، ولكن لا يجوز أن ينقلب هذا الاستيقاف إلى قبض، إلّا إذا تمخّض الاستيقاف عن حالة من الحالات الّتي يجوز فيها القبض طبقاً للقانون، لأنّه لا يجوز الخلط بين القبض والاستيقاف ، فالقبض تقييد للحرّيّة أمّا الاستيقاف فعمل من أعمال التحرّي وجمع الاستدلالات ، ومقتضى ذلك أنّه يمكن ضبط المتلبّس بجنحة إذا كانت ممّا يحكم فيها بالحبس وإن يضبط المتلبّس بجنحة أو مخالفة إذا لم يتسنّ معرفة شخصيّته ويتمّ اصطحابه في الحالتين إلى مركز الشرطة وهذا الضبط ليس قبضاً فلا يجوز تفتيش المتّهم أو القبض عليه لمدّة 24 ساعة إلّا إذا تمخّض بحث حالته عن أنّه مرتكب جريمة يجوز فيها القبض.
·   إذا كان الأصل أنّ للشرطة أن تتخّذ في سبيل القيام بمهامّ وظائفها من الوسائل ما يكفل تحقيق الصالح العامّ متى كانت هذه الوسائل مشروعة قانوناً. فإن لها أن تستعمل القوة دون استعمال السلاح بالقدر اللازم لأداء واجبها بشرط أن تكون هي الوسيلة الوحيدة لذلك ودون أن تستعمل القسوة مع أحد من الناس ، أو الاعتداء عليه أو التسبّب في إصابته وقتله، الأمر الّذي يعاقب عليه قانوناً ممّا يوجب المساءلة في هذه الأحوال . .
·       عند مشاهدة الجاني متلبّساً بجناية أو جنحة، فيجب تسليمه إلى أقرب أفراد السلطة العامّة دون الحاجة إلى أمر بالقبض عليه .
·       يجوز لرجل الشرطة القبض على أيّ قائد مركبة في حالة ضبطه متلبّساً بارتكاب جريمة من الجرائم الآتية  :
- التسبّب في وفاة شخص آخر بسبب قيادة المركبة أو إحداث إصابة به. -قيادة مركبة بطريقة متهوّرة أو بصورة تشكّل خطراً على الجمهور. -قيادة مركبة ميكانيكية وهو تحت تأثير الكحول أو أيّ مخدّر آخر أو ما في حكمه وبما يفقده القدرة على التحكّم فيها والسيطرة عليها . - رفض إعطاء اسمه أو عنوانه أو إعطاء اسم أو عنوان غير صحيح في حالة وقوع إحدى الجرائم السابقة . - محاولة الهرب في حالة ارتكاب حادث يضرّ بسلامة أحد الأفراد أو في حالة الأمر بالوقوف الصادر من أحد أفراد الشرطة.

إنّ الحقّ في استخدام السلاح لا يعني دائماً إباحة القتل ، ولذلك يقتضي واجب الحيطة ألّا تطلق النار على الأشخاص إلّا في الأحوال التي يباح فيها هذا الإطلاق ، وأن يكون إطلاق النار هو الوسيلة الوحيد و عند استخدام السلاح يجب أن يضع رجال الشرطة هذه القاعدة الهامّة دائماً نصب أعينهم "لا تطلق النار إذا كان هناك شكّ” فإصابة البريء ستضع الفاعل في قفص الاتهام ، وإنّ هرب مجرم خير من إصابة بريء.

المبحث الثاني : واجبات ومحظورات الشرطة
إنّ العمل لا يثمر والحضارة لا تزدهر والرخاء لا يسود إلّا في ظلّ الاستقرار، وإنّه لا استقرار بغير أمن ، ورجال الشرطة هم الّذين يقع على كاهلهم عبء الأمن العامّ في جميع الدول المتحضّرة . إنّ رجال الشرطة يجب أن يقدّروا مسؤولياتهم الضخمة خاصّة في المراحل الهامّة الّتي تسعى الدولة فيها بخطى حثيثة للقفز إلى صفوف الدول المتقدّمة. تلك المسؤوليّات الّتي يتطلّب النهوض بها على الوجه الأكمل أن يكون رجل الشرطة على مستوى عالٍ من الخلق والعلم والكفاية والتدريب والمعرفة بآداب وواجبات الوظيفة . وبهذا يتهيّأ جوّ من الاستقرار يساعد على زيادة التقدم والنهضة والتنمية والازدهار، وسوف يؤدّي ذلك إلى الارتفاع بمستوى كافّة الإدارات والقيادات الشرطيّة. وإذا كان الارتقاء بمستوى الأداء الأمني لازماً، فإنّ الاهتمام بسمعة الشرطة هو أكثر لزوما وأهميّة. ولذلك تأتي التوجيهات والأنظمة الواردة في هذا الشأن بأن يكون سلوك الضبّاط والأفراد سلوكاً مشرّفاً، وذلك بالعمل على أن يبتعد الجميع عن الشبهات وعن سوء استخدام السلطة الوظيفية، وأن يكون الرئيس قدوةً للمرؤوس.

ويقسّم الدكتور عاكف صوفان ما يدعوه ب (آداب مهنة الشرطة) إلى آداب عامّة وآداب خاصّة . وكما هو واضح فإنّ المقصود بالأولى مجموعة الآداب والسمات العامّة الّتي يجب أن يتحلّى بها رجل الشرطة عموماً في علاقته مع جمهور المواطنين وأمّا الثانية فتلك المتعلّقة بوظيفته وبسبب قيامه بمهمّته وتأديته لواجبه كرجل شرطة ولا أرى ضيراً في ذكر هذه الآداب بقسميها :

أولاً - الآداب العامّة :
1 - التحلّى بدماثة الخلق و الاعتراف بالمسؤوليّات كخادم للشعب، والإصغاء بكلّ اهتمام للجماهير الّذين يطلبون العون أو المعلومات أو الّذين يرغبون في تقديم الشكاوى أو الإدلاء بالشهادة. . 2 - تقبّل المسؤوليّات إزاء الجمهور بالمواظبة على مواعيد العمل والمهامّ التي يكلّف بها . 3 - إنّ العمل أمانة عامّة ويجب أن يضع رجل الشرطة نصب عينيه في أثناء تأدية وظيفته أنّ التزامه الأساسي نحو خدمة الجمهور وبشكل فعّال. 4 - تنفيذ القانون بعدل ، وبلا محاباة ، وبطريقة معقولة وتجنّب معاملة البعض معاملة خاصّة مغايرة لتلك الّتي يعامل بها البعض الآخر، و إدراك حدود السلطات الممنوحة، والامتناع عن استخدام السلطة للمصلحة الخاصّة في أيّ وقت من الأوقات. 5 - الإخلاص في التزام رجل الشرطة بوصفه حارساً على الممتلكات العامّة، ويجب أن يتذكّر دائماً أن إساءة استعمال الممتلكات العامّة أو الإضرار بها يتساوى في المسؤوليّة مع تبديد الأوراق النقديّة من وجهة نظر الخزانة العامّة . 6 - اجتناب التهاون في أداء العمل بقبول المنح أو الهدايا أو الهبات من الجمهور أو الجهات الّتي قد تكون تربط بهم علاقة خاصّة أو مصلحة . 7 - التعاون تعاوناً تامّاً مع جميع الموظّفين العموميين الآخرين في كلّ ما يرمى إلى تأمين سلامة الجمهور ورفاهيّته ، ويجب أن لا يسمح للغيرة أو الاختلافات الشخصيّة بالتأثير على التعاون مع الجهات الأخرى . 8 - رفع مستوى الكفاية بالمثابرة على الدراسة والاهتمام بتهذيب النفس بإخلاص وانتهاز كلّ فرصة تسنح لنشر المعلومات العلميّة النافعة الّتي تتّصل بسلامة الجمهور ورفاهيّته. 9 - أن يسلك رجل الشرطة في حياته الخاصّة والعامّة منهاجاً يدفع الجمهور إلى النظر إليه كمثل للاستقرار والإخلاص والخلق القويم فلا يحقّ له أن يمضي في حياته الخاصّة منساقاً وراء نزواته بل يجب أن يكون مثلاً يحتذى في الخلق القويم وأن يبذل جهداً مضاعفاً للابتعاد بنفسه عن مواطن الشبهات والزلل . 10 - الإخلاص للحكومة والمهنة وقبول المسؤوليّات باعتبارها التزامات مقدّسة ، وتنفيذ ما يصدر من أوامر وبذل الجهد في الارتقاء بمستوى التنفيذ دون مناقشة طبيعة هذه الأوامر.

ثانياً - الآداب الخاصّة:
 1 – أن يضع رجل الشرطة نصب عينه في أثناء أداء واجبه أن واجبه ينبغي أن يؤدّى في الحدود الّتي لا تعرقل سير العمل في المكان الّذي يقوم فيه بعمله حتّى لا يسبّب مشكلات. وأن يهتمّ بصحّته ولياقته البدنيّة حتّى يمكن له أن يؤدّي واجبه على الوجه الأكمل.
2 – أن لا يلبس الزي الرسمي ويضع يديه في جيبه وأن يحافظ على المظهر العامّ كرجل شرطة.
3 – أن يضع نصب عينيه أنّه عضو في وحدة هامّة وذات شرف.
4 – أن يعرف عمله جيّداً وينتهز كلّ فرصة لزيادة ثقافته.
5 - الاهتمام بالتدريب في جميع النواحي الفنيّة والتخصصّية الّتي تفيد العمل ، إضافةً إلى التدريب على إطلاق النار والمصارعة اليابانيّة واللياقة البدنيّةوالعلاقات العامّة الّتي تزيد من الثقة والاعتداد بالنفس.
6 – أن تكون أخلاقه وتصرفّاته دائماً فوق مستوى الشبهات وأن يكون أميناً في معلوماته مخلصاً وصادقاً في حديثه ، مطيعاً لكلّ الأوامر، حريصاً على أداء واجبه كحرصه على المحافظة على كرامته .
7 – ألّا يعمل خارج وحدته ولا في مصلحة غيرها وأن يبذل قصارى جهده في خدمتها بأداء واجبه كاملاً.
8 – أن يعامل رفاقه كما يحبّ أن يعاملوه وأن يحرص على المحافظة على كرامتهم وحياتهم كحرصه على حياته وكرامته .
9 - إطاعة الرؤساء ، وأن يجعل من واجبه أداء العمل الذي يؤكّد ثقتهم فيه وفي عمله.
10 - أن يجعل شعاره دائماً مساعدة الآخرين .
11 - ألا يجعل من يتعاملون معه يشعرون بسلطاته وسطوته ، فهذا يولّد كراهيتهم ويجعلهم لا يحبّون التعاون معه .
12 - احترام الأقدم وتقديم التحيّة العسكرية له عن طيب نفس. 13 - التصرّف دائماً بحزم مصحوبٍ بالهدوء .
14 - المحافظة على نظافة ملابسه ومراعاة أن تكون دائماً مكويّةً.
15 - معاملة الجنس الآخر بلباقة ولطف واحترام.
16 – التحكّم بالعواطف والشعور مهما اعترضه من مواقف، وقبل أن يجبر الغير على احترامه ، يجب أن يحترم نفسه أوّلاً فهذا هو الطريق السهل لاحترام الغير.
17 – عدم التدّخل في عمل الغير.
18 - ألا يفشي الأسرار الّتي حصل عليها بصفته الوظيفيّة.
19 – ألا يقدّم بيانات غير صحيحة ولايخفي أوراقاً أو مستندات أو أموالاً كان يجب تقديم بيان عنها أو تسليمها .
20 – أن يكون حريصاً فلا يترك أوراقاً هامّة أو سريّة في سيارته أثناء تركها أو في مكان عامّ .
21 – أن يكون حازماً هادئاً مع مرؤوسيه ، ولا يغضب فمن يغضب لا يصلح أن يصدر تعليمات أو أن يكون رئيساً وأن يعلم دائماً أنّ الأوامر والتعليمات الخاطئة تتولّد نتيجة الغضب والتسرّع .
22 – أن يصدر أوامره إلى مرؤوسيه بحزم ووضوح ، بشرط أن تكون واجبة الطاعة وهي تكون كذلك لو كانت في حدود حسن أداء العمل ونظامه فلا يطلب من مرؤوسيه شيئاً مخالفاً للنظم والتعليمات حتّى لا يخالفوا ويعصوا أوامره ، فالسلطة الممنوحة له لإصدار الأوامر والتعليمات ليست راجعة لشخصه بل منحتها له وظيفته ومركزه في العمل.
23 - مراقبة المرؤوسين جيّداً وملاحظة أخطائهم ومحاولة إصلاحها مثل:
أ ـ التأخّر في الحضور للخدمة: ويتمّ إصلاح ذلك باللين أوّلاً ثمّ بالجزاء ثانياً.
ب ـ العمل الروتيني: بعد مرور الوقت في العمل نجد أنّ الرتابة تبدأ لدى المرؤوس فيتمّ العمل طبقاً للتعليمات ولكنّ بوجود قدر كبير من التكاسل الّذي قد يكون مصدر خطر في كثير من الأحيان خاصّة لمن يقومون بأعمال الحراسة ويتمّ معالجة ذلك بالتنبيه وتصحيح الأخطاء باستمرار .
ج ـ الحديث بلا داعٍ: الأمر الّذي يشغل الفرد الّذي يعتاد عليه عن حسن أداء واجبه ويتمّ علاج ذلك بالتنبيه المستمرّ ومتابعة ما تمّ تنفيذه من أعمال.
د ـ الجلوس في الخدمة لمن يحتاج عملهم الوقوف مثل أعمال الحراسة وهذا يتمّ علاجه بالمرور المفاجئ والتنبيه .
هـ ـ الجهل بواجبات الوظيفة أثناء المهمّة الّتي يؤدّيها . وهذا يتمّ علاجه بالحرص الدائم على مناقشة المرؤوس خاصّة المستجدّ في واجبات الوظيفة ويفهمه دائماً ما خفي عليه ويجعله دائماً عارفاً قارئاً لمذكّرة تعليمات واجبات الوظيفة.
و ـ تلقّي التعليمات ، وممّن يتلقاها ويجب أن يفهم المرؤوس دائماً المصدر الّذي يتلقّى منه التعليمات فلا تأخذه الهيبة أمام الرتب الّتي تعلوه وينفذ ما يتلقّاه من أوامر. كما أنّه يجوز أن تكون هناك حالات يتمّ فيها انتحال صفة رجل الشرطة .
زـ ظاهرة تجمّع المرؤوسين قرب انتهاء وقت العمل ويتمّ معالجة ذلك بتعويد المرؤوس على الاستمرار في خدمته لآخر لحظة وحتّى يحضر من يحلّ محلّه في الخدمة ، بشرط أن يعرف من سيستلم الخدمة بدلاً منه معرفة شخصيّة وأن يتأكّد كذلك من أنّه هو المعيّن لهذه الخدمة خوفاً من أن يقع ضحيّة لعمليّة خداع ويتسلّم منه الخدمة شخص غير مسؤول بقصد ارتكاب جريمة.




المبحث الثالث : أخلاقيات العمل الشرطي ومحدّداته
العمل الشرطي من أخطر أنواع العمل في الدولة لتعلقه بأمن وراحة الناس وحرياتهم وسلامتهم ، فلكل مهنة من المهن الإنسانية, مجموعة "أخلاقيات وضوابط أو آداب مهنية", قد تكون مُدوَّنة على شكل أداة تشريعية (قانون أو نظم أو تعليمات), أو قد تكون متعارفا عليها عرفاً متوارثاً عبر السنين, فللطب مثلا, وللمحاماة, وللصحافة, وغيرها من المهن, آداب مهنية وأخلاقيات وتقاليد وآداب تحكمها نصوص القوانين, وكذلك الأعراف المتوارثة, وخاصة تلك المهن التي يتمتع أصحابها بنفوذ فعلي وصلاحيات واسعة, ويمارسون عملهم بعيداً عن أية رقابة.[2]

كما أن الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان بمختلف تفرعاتها, والاتفاقيات الدولية المنبثقة عنها قد أثرت أخلاقيات وقواعد عمل المهنة الشرطية بمزيد من القواعد الضبطية, ومحددات العمل, وضوابط التصرف بما يؤمن احترام آدمية الإنسان والتقيد بقواعد الحد الأدنى من السلوك المطلوب في التعامل مع الناس: مهما كانت صفاتهم: متهمين أو مجرمين أو سجناء أو شهود أو مشتكين أو حتى عابري سبيل!
إن العمل الشرطي من أخطر أنواع العمل في الدولة والمجتمع, لتعلقه بأمن وراحة وسكينة الناس وحرياتهم وأمنهم وسلامتهم. ولأن العمل الأمني هو نوع من الولاية التي تخول صاحبها صلاحيات واسعة, فلابد من توافر شروط ومواصفات فيه تؤهله للقيام بالمهام المنوطة به. فضلا عن القدرة العقلية والجسدية, والخبرة المهنية. إن الصفات المهنية لرجل الأمن تعد أمرا ضروريا وأساسيا يجب توفره في الفرد العامل في مهنة الأمن التي هي أخطر المهن وأهمها, وهناك جملة من الصفات الأساسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار من خلال الأنتقاء والأعداد والتأهيل.
وعلى نطاق الوطن العربي, فقد سبق أن أصدر قادة الشرطة والأمن العرب من خلال مؤتمرهم الرابع في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية ما سميت حينها ب¯ (مُثُل وآداب الشرطة العربية) وكانت قد صيغت بأسلوب أدبيٍّ راقٍٍ وتضم خيرة الصفات والمثل التي ينبغي أن يتمثل ويتحلى بها رجل الأمن العربي, ولكنها كانت تصلح نصا أدبيا رائعا, إلا أنها بهيئتها تلك لا تصلح نصا قانونيا عملياً تنظيميا.
إن الحديث عن أخلاقيات ممارسة العمل الشرطي يستدعى منا الإشارة إلى خصوصية العمل الشرطي, فالشرطة كأداة وتنظيم عمل هي أشبه بالمدرسة والتي لا تقارن عادة بنموذج الجيش الذي يميل الناس غالبا إلى مقارنتها به. فالحديث عن أخلاقيات العمل الشرطي يتطلب أيضاً الإشارة إلى بُعد الثقافة المهنية لرجل الشرطة, والصفات المفترض وجودها لدى رجال الشرطة تحدد فعلاً المجال أو البرهان المشترك الذي يتعلق بتنوع وتمايز المجموعة الشرطية, وانطلاقاً من هذا الرأي يبرز بعدان مهمان وهما: العلاقة بالقانون في مستويين متعارضين أي القانون كواجب وإطار مفروض والقانون كقيمة, والتساؤل عما إذا كان القانون يحد من الفاعلية ودور الفاعلية في حماية القانون, وعلاقة ذلك كله بالتدقيق المهني لرجال الشرطة.

ومن خلال استعراض أبرز الأدبيات العالمية والعربية والنصوص الأتفاقية يمكننا أن نلخص أهم هذه المبادئ والصفات بالآتي:
·       الاخلاص والولاء, والطاعة وتنفيذ الأوامر الصادرة إليه من مراجعه وفق القانون.
·   الاستقامة والعدالة, وكلاهما معنى واحد فالعدالة تعني الاستقامة على طريق الحق من خلال إجتناب الممنوعات. ولما كانت العدالة نسبية يتفاوت فيها الناس فيلزم انتقاء رجال الشرطة من بين أكثر الناس استقامة وعدلا.
·       التحلي بالوقار وعزة النفس في كل الظروف, مع التمسك بالصبر على صعوبات العمل وارهاق المهمات, وعدم الشعور بالضجر والملل.
·       عدم التمييز في معاملة الأشخاص أياً كانت جنسياتهم وأصولهم وظروفهم الاجتماعية ومعتقداتهم السياسية والدينية.
·   الحزم والضبط والاتقان والصرامة, والمضي بالعمل الأمني باتقان من غير تقصير ولا محاباة, بما يحمل الناس على احترامه ومهابته, وفي الوقت نفسه لابد لرجل الأمن أن يتصف بالرفق ولين القول وطلاقة الوجه والأبتعاد عن الفضاضة والغلظة.
·   خدمة الشعب بأن يكرس رجل الأمن نفسه لخدمة المواطن قبل كل شئ, وعند خدمة الجمهور يجب إتباع اللياقة وحسن الاستقبال في مراكز الشرطة, والاحترام المطلق للناس.
·   حظر جميع أنواع  التعسف والتعذيب والإهانة وكل أشكال العنف, ومراعاة حقوق الموقوفين والمحتجزين وأن يعتبر نفسه مسؤولا عن الموقوف وعن حمايته, والالتزام بالمبادئ والمواثيق التي تتعلق بالحقوق الإنسانية الثابتة.
·       أن يكون رجل الأمن ورعاً في تصرفاته, والورع هي ملكة في النفس تحمل صاحبها على اجتناب الشبهات.
·   التدخل لتقديم العون والمساعدة لمن يحتاجها حتى وإن كان رجل الأمن خارج أوقات العمل, وعلى رجل الشرطة تقديم المساعدة ومنع الأعمال المنافية للنظام العام والتي تلحق الضرر بالأشخاص أو الممتلكات حتى ولو كان في أوقات إجازته أو كان خارج أوقات الدوام.
·   الصدق في القول والعمل, وهو أمر لازم لنجاح رجل الأمن. كما يجب أن يتحلى بالأمانة والحفاظ على حقوق الناس وأملاكهم وأماناتهم. كما يجب أن يتحلى بالعفة, وهي الكف عما لا يحل ولا يجوز. وحيث أن طبيعة العمل الأمني تتضمن التعرف على أحوال الناس ومراقبتهم في أسواقهم, ومحلات عملهم, وهذا يتتبع الاطلاع على الأموال والأحوال الخاصة للناس, فلابد من العفة لرجل الأمن.
·       يجب أن يكون استخدام قوة السلاح عند الضرورة القصوى, ووفق ما يجيزه القانون وما يتفق والهدف المقصود.
·   يتعين على رجل الشرطة مراعاة قواعد الفطنة والحفاظ على السرية المهنية, لذلك ينبغي لرجل الأمن حفظ ما لديه من أسرار ومعلومات وبخاصة ما يتصل منها بخصوصيات الناس.
·       حسن المظهر والهندام لأنهما لازمتان لكسب احترام الناس.
·   يجب تعليم هذه المبادئ في مدارس ومعاهد وكليات الشرطة والحقوق ثم التذكير بها باستمرار من خلال الإعداد الدائم.. أما تنفيذها  في مراكز الشرطة فيقع على عاتق رؤساء تلك الأقسام والآمرين والمفتشين.

أخلاقيّات ممارسة العمل الشرطي :
يتبادر للذهن عادة عندما تتردّد على مسامعنا عبارة مثل "الأخلاقيات المهنية" أنّ ذلك يتعلّق قبل أيّ شيء بالمهن الحرّة كالطبّ والمحاماة والصحافة. ولمّا كان هناك عدد كبير من المهن يتمتّع أصحابها بنفوذ فعليّ وأحياناً بصلاحيّات ضخمة، ويمارسون عملهم بعيداً عن أيّة رقابة فإنّه من الضروري وضع قانون مهني ينظّم علاقات أصحاب المهن مع زبائنهم، ويحدّد الأطر الأخلاقيّة لكلّ مهنة من هذه المهن . وثمة عدد قليل من المهن ينظّمها نصّ قانوني شامل كما هو الحال في مهنة رجل الشرطة، فكلّ عمل يقوم به الأخير يندرج ضمن إطار قانونيّ يحدّد بدّقة طبيعة وأوصاف هذا العمل. وبناء على ذلك ، يتصرّف رجل الشرطة في إطار ما يسمّى بالشرطة القضائيّة أو الشرطة الإداريّة، فيقوم بالتحرّي والقبض على المجرمين في حالة تلبّس بالجريمة إمّا من تلقاء نفسه أو مستنداً على إنابة قضائيّة . واستخدام القوّة والأسلوب القسري أمر منظّم بشكل بالغ الدقّة ، وإذا ما أضفنا أنّه يتصّدر هذه الضوابط قانون تأديبيّ يملأ نصوصه عدد كبير من الصفحات، فسوف يخالجنا شعور بالأسف لما قد تؤول إليه المكانة الّتي تركت لأخلاقيّات العمل الشرطي . ومع ذلك، ما تزال هذه المكانة هامّة وجوهريّة بالنسبة لشروط ممارسة العمل الشرطي، فرجل الشرطة خلال أدائه لعمله اليومي، يتهرّب غالباً من سيطرة التسلسل المباشر في الترتيب الهرمي، ومهما كانت رتبته فهو يتمتّع بصلاحيّات هامّة. وفي مراحل عديدة من عمله يتصرّف رجل الشرطة من تلقاء نفسه ، لذلك نجد إلى جانب أنظمة القانون الممارسة المهنية التي تخلق الأرضية الصالحة لأخلاقيات المهنة . وكلّنا لاحظ خلال فترة عمله سواءً في الشرطة أو في القضاء أو في المحاماة تطوّراً ملحوظاً لممارسات وسلوكيّات رجال الشرطة ، وبالمقابل ، سجّل هؤلاء تطوّراً إيجابيّاً، والحال كذلك بالنسبة للعلاقات بين الشرطة والشعب. والهدف من بحث الأخلاقيات المهنيّة هو الارتقاء بالقانون القضائي الإلزامي إلى مستوى يجعل منه ضرورةً أخلاقيّةً تنطلق من الداخل لتظهر في السلوك المهني اليومي. وبلوغ هذا الهدف لا يأتي إلّا بعد مرحلة طويلة من العمل الدؤوب يلعب فيها إعداد وتثقيف رجل الشرطة دوراً رئيسيّا. ومن الجدير بالذكر أنّ كلمة (ديونتولوجيا) تعني علم الواجبات ويقصد بها الواجبات الّتي تفرضها ممارسة مهنة ما على أصحابها. و من الأمثلة القديمة على هذه الواجبات الّتي يجب الحرص عليها ماجاء في قسم الطبيب الإغريقي (أبقراط) الذي أراد في القرن الرابع قبل الميلاد تحديد القواعد الأخلاقيّة لمهنة الطب .

وأمّا بالنسبة لأخلاقيّات ممارسة العمل الشرطي فلقد صدر في فرنسا بتاريخ(18) مارس عام 1986 مرسوم خاص بقانون أخلاقيات الشرطة الوطنية. الّذي تنصّ المادّة 2 منه على أنّه : تؤدّي الشرطة الوطنيّة واجباتها مراعية إعلان حقوق الإنسان والمواطن والدستور والأعراف الدولية والقوانين .

تعريف أخلاقيّات ممارسة العمل الشرطي  :
تخضع ممارسة العمل الشرطي لشرطيين أساسيين  : 1 – الفعالية 2 - احترام الحرّيات العامّة فإذا كان لابدّ من الفعالية، فيتعيّن ألّا يتمّ تحقيقها من خلال ممارسات مخالفة للقانون، أو تصرّفات تلحق الضرر بصورة الشرطة لدى الرأي العامّ ، ومن هنا جاءت ضرورة تحديد جملة من الأخلاقيّات الصارمة الّتي يجب أن يتحلّى بها رجل الشرطة.

مبادئ الأخلاقيّات الشرطيّة  :
تتلخّص هذه المبادئ بما يلي:
1- السلوك الفاضل لرجل الشرطة الإخلاص والولاء الاستقامة العدل
2- التحلّي بالوقار وعزّة النفس في كافّة الظروف. ويتعين على المستوى السلوكي أن تشمل هذه الواجبات الحياة الخاصّة للفرد.
3- عدم التمييز. فيجب المساواة في معاملة الأشخاص أيّاً كانت جنسيّاتهم وأصولهم وظروفهم الاجتماعيّة ومعتقداتهم السياسيّة والدينيّة .
4- وخدمة الشعب . حيث أنّ رجل الشرطة لا يكلّف فقط بممارسة جانب من سلطة الدولة ، وإنّما يكرّس نفسه قبل أيّ شيء ، لخدمة المواطنين . ويفترض عند خدمة الجمهور اللباقة وحسن الاستقبال في مراكز الشرطة.
5- الاحترام المطلق للأشخاص . فيحظر كلّ أشكال العنف والتصرّفات غير الإنسانيّة أو المهينة ، كما أنّ كلّ شخص موقوف، تعتبر الشرطة مسؤولة عنه وعن حمايته . كما يلتزم كلّ رجل شرطة بالتخلّي عن التصرّفات المحظورة والّتي قد يكون شاهداً عليها، وأن يعمل على رصدها والإخبار عنها .
6- واجب التدخل خارج أوقات العمل. حيث يتعيّن على رجل الشرطة تقديم المساعدة ودرء أو منع الأعمال المنافية للنظام العامّ والّتي تلحق الضرر بالأشخاص أو الممتلكات حتّى ولو كان في أوقات إجازته أو كان خارج أوقات الدوام .
7- بالنسبة لاستخدام قوة السلاح . فإنّ هذا الاستخدام للقوّة يجب أن يجيزه القانون وأن يتناسب والهدف المقصود.
8- بالنسبة لواجب التحفّظ. يتعيّن على رجل الشرطة مراعاة قواعد الفطنة والسريّة المهنيّة. يجب تعليم هذه المبادئ في مدارس الشرطة ثم التذكير بها باستمرار من خلال الإعداد الدائم. أمّا تنفيذها في مراكز الشرطة فيقع على عاتق رؤساء الأقسام وعموم أفراد الشرطة. كما أنّ رجل الشرطة مطالب بالتدخّل لوقف الممارسات الّتي تنمّ عن عدم احترام الأشخاص . و يفترض لمراعاة الأخلاقيّات وجود جهات رقابة على سلوكيّات رجل الشرطة في إطار منظّم وفعّال.

المبحث الرابع : الشرطة والمجتمع
يعتبر الأمن حاجة أساسية للأفراد ،كما هو ضرورة من ضرورات بناء و تطور المجتمع و صمام أمان لبقائه، و مرتكز أساسي من مرتكزات تشييد الحضارة ، فلا أمن بلا استقرار و لا حضارة بلا أمن ، و لا يتحقق الأمن إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي و الحس الجماعي خاليا من أي شعور بالتهديد للسلامة و الاستقرار ، فالإنسان يستشعر منذ ولادته حاجته إلى الاستقرار بصورة غريزية و لا يهدأ باله إلا إذا شعر بالأمان والاطمئنان ، و عليه فحفاظاً على مسيرة الحياة البشرية بصورة آمنة كان لزاما على جميع المجتمعات بذل كل الجهود للقيام بالمسؤوليات المنوطة بها تجاه مواطنيها لتحقق لهم أكبر قدر ممكن من الأمن والاستقرار من خلال إيجاد المؤسسات الأمنية و على رأسها مؤسسة الشرطة التي كلها تحرص على رعاية قواعد السلوك العام ، و العمل على عدم الخروج عنها، حتى أصبحت اليوم تشكل بحق عماد سلطة المجتمع ، لأنه مهما تباينت النظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية للمجتمعات فمن المسلم به أنها صارت تمثل التجسيد الطبيعي لسلطة المجتمع من خلال القيام بواجباتها الأمنية للحفاظ على الأمن و الاستقرار ، و بما أن أفراد المجتمع ومؤسساته هم من تقع عليهم مسئولية المشاركة مع المؤسسات الأمنية، فإنه من الواجب عليهم دعم أمن المجتمع بصورة مباشرة وغير مباشرة كما يعتبر واجباً حتمياً عليهم أقره الدين وكافة النظم والأعراف ، و في المقابل لابد أن تخرج المؤسسات الأمنية عموما و الشرطة على وجه الخصوص عن نطاقها التقليدي والانخراط مع المجتمع وتقديم خدمات اجتماعية له حتى يكتسب هذا الجهاز الأمني حب وتقدير كافة أفراد المجتمع.

النظرة السلبية لرجل الشرطة
للأسف الشديد نجد أن بعض أفراد المجتمع لازال يأخذ فكرة خاطئة عن بعض المؤسسات الأمنية - وخاصة الشرطة - على أنها أداة قمع وإرهاب للمجتمع، و أصبحت هذه الفكرة تتوارثها الأجيال، فتسببت بشكل كبير في توسيع الهوة و تعميقها بين أفراد المجتمع و مختلف المؤسسات الأمنية و على رأسها مؤسسة الشرطة .
إذ هناك من فسر ذلك بوجود تعارض مصالح بعض المواطنين مع مقتضيات الواجب للشرطة، فرجل الشرطة كثيرا ما كان يشكل سداً نفسياً أمام رغبات بعض المواطنين التي قد تتعارض مع مصالح المجتمع، لذلك يشعر المواطن أن الشرطة تقف سداً أو حاجزا ضد تحقيق رغباته غير المشروعة، وهذا يشكل حاجزاً نفسياً بينه وبين الشرطة.
و هناك من يرى أن طبيعة وظيفة جهاز الشرطة في الدول المتقدمة تتمثل في منع الجريمة والوقاية منها، أما في الدول النامية فهي أداة للتغير الاجتماعي والتنمية، وهذا ما يجعل مجالات الاحتكاك أكثر، و بالتالي تزداد العلاقات مع المواطنين تعكيراً .
فالدور الذي تقوم به المؤسسات الأمنية هو تطبيق القانون، و التي هي بمثابة قيود على حريات الأفراد، بالتالي فإن هناك شعوراً بالكراهية نوعا ما سيتولد لدى أفراد المجتمع ضد رجال الأمن ، و هذا ما حدث بالفعل لما استخدمت أجهزة الشرطة بعض الفترات كوسيلة لتقييد حرية المواطنين و قمعهم ، حتى أنه أصبحت رؤية بعض أفراد الشرطة يولد الشعور بالعدائية، و قد ارتبطت صورة الشرطي لدى الموطن بصورة الرجل المستبد في كبت الحريات وإرهاب الناس).
كما أن المواقف التي تحدث يوميا و باستمرار بين أفراد المجتمع وأفراد المؤسسات الأمنية غالباً ما تكون غير سارة بالنسبة لأفراد المجتمع، كونهم يوقعون الجزاء عليهم لمخالفاتهم وخاصة رجال المرور ، و أن تضامن رجال المؤسسات الأمنية مع بعضهم البعض لاتخاذ كل الإجراءات القانونية للقبض على المتهمين من أفراد المجتمع ، يجعل ذلك التضامن ذا أثر سلبي لدى أفراد المجتمع في مواجهة أفراد المؤسسات الأمنية بصفة عامة و على رأسها مؤسسة الشرطة و هذا يعكس إظهاراً كاملاً لسلطة رجل الشرطة وفي نفس الوقت يقوي عنصر التضامن مع زملائه الآخرين لمواجهة ذلك التحدي ، بإضافة إلى عدم اقتناع بعض أفراد المجتمع بأهمية التعاون مع رجال المؤسسات الأمنية، فتدخل رجال الأمن في بعض الحالات التي تخص السلوك العام كالتدخل في أماكن اللهو والتجمعات حيث يتعمد المنحرفون الإساءة لهم .

طبيعة مهام جهاز الشرطة :
إن للمؤسسات الأمنية عموما و مؤسسة الشرطة على وجه الخصوص و وظائف متعددة و كثيرة في المجتمع، فمنها ما هي وظائف أمنية و أخرى وظائف اجتماعية، مع بقاء الوظائف أو الواجبات الأمنية التقليدية هي الأساس كونها محددة بمقتضى أنظمة و لوائح قانونية و إدارية.
إن وظيفة الشرطة التقليدية و واجبها هي منع الجريمة، واكتشافها، والقبض على مرتكبيها ، و تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم، و المحافظة على الأمن العام و الآداب ، لذلك فإن أهم الواجبات الوظيفية للشرطة هي تحقيق الأمن والاستقرار لأفراد المجتمع، و لكي تؤدي هذه المؤسسة الأمنية واجباتها المهنية لا بد أن تكون مقبولة لدى المجتمع حتى تظفر بمساعدته ، لأنه ربما لن تكون مقبولة و هي تنفذ القوانين التي تتعارض مع بعض أهواء و رغبات أفراد المجتمع، ولكن ستتغير الصورة إذا أدخلت هذه المؤسسة الأمنية بعض الإصلاحات على الساحة التقليدية التي تؤدي فيها واجباتها، لذلك نرى أنه من الضروري الخروج عن نطاقها التقليدي و الدخول في الخدمات الاجتماعية حتى تتقرب بها أكثر إلى مكونات المجتمع ، لأنه و أمام هذه المسئولية الكبيرة تجد أن الشرطة بمفردها حتما عاجزة إلى حد ما عن تحقيق رسالتها لأنها محدودة العدد بالنسبة لأفراد المجتمع ... ومن هنا بات لزاما على الشرطة أن تعمل على توطيد الدور الاجتماعي لها من خلال بناء جسور الثقة والتعاون بينها وبين الجمهور فهي لا تستطيع – وحدها وإن وكانت هي الجهاز المتصل اتصالاً مباشراً بأنواع السلوك المنحرف – أن تقي المجتمع من الجريمة، وتحقق له الأمن بدون تلك الثقة للمشاركة في تحمل المسئولية الأمنية بمفهومها العام .

و عليه فإذا كانت مسألة تحقيق الأمن و العمل على استتبابه تقع في الأساس على عاتق جهاز الشرطة بالدرجة الأولى كمؤسسة أمنية في المجتمع على اعتبار أنه وظيفتها الأساسية ، فإن توفير الأمن يبقى مسئولية كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية وكل إفراد المجتمع، لذلك من الضروري وجود علاقة قوية و متينة بين المؤسسة الأمنية والمجتمع لمنع الانحراف والجريمة والمشاركة سوياً في مكافحتها.

لذلك نجد اليوم المؤسسات الأمنية و على رأسها جهاز الشرطة تقدم بعض الخدمات الاجتماعية التي ترتبط بالمجتمع ارتباطاً وثيقاً و منها على سبيل المثال ، المشاركة في حماية الآداب العامة، حيث تقوم الشرطة بوصفها إحدى المؤسسات الأمنية بحماية الآداب حتى قبل وقوع أي جريمة، إضافة إلى مراقبة المواقع التي تمارس فيها الرذيلة و الفساد الأخلاقي ، ناهيك عن حماية الأحداث من الانحراف و ذلك بالتدخل في بعض الحالات التي تسبب انزلاق الحدث نحو الجريمة ، بالإضافة إلى تقديم خدمات إنسانية متعددة ، فهناك مجال واسع للخدمات الاجتماعية والإنسانية التي يمكن أن تقوم بها المؤسسات الأمنية خدمة للمواطنين، فهناك المجالات الخيرية المتعددة ، إذ يمكن أن يكون لها دور في التدخل في حالة الكوارث والنكبات ليس بالمساعدة فقط ولكن بالإسعاف وتقديم الخدمات والعون ، زيادة على ذلك إقامة أيام دراسية و أبواب مفتوحة وتقديم الدور التوعوي بالإضافة إلى كسر الحاجز بين المواطنين و رجال الأمن ، دون أن ننسى المساهمة بإدارة دوريات الأمن بمختلف مناطق الوطن و المشاركة في الحملات الأمنية التي تجعل المواطن أكثر شعورا بالأمن و الاستقرار و الطمأنينة و راحة البال ، فنشاهد اليوم و لله الحمد الحملات الأمنية التوعوية الشاملة، من أسبوع المرور ويوم الشرطة العربية، واليوم العالمي للمخدرات، و يوم وطني للشرطة، كل هذه الحملات الإعلامية الهادفة تصب إلى توعية وتبصير المجتمع ومؤسساته إلى الخدمات التي تقدمها المؤسسات الأمنية، وبالتالي تخرج هذه المؤسسات الأمنية عن نطاقها التقليدي وتدخل في دائرة الضوء التي تقربها إلى كافة أفراد المجتمع.

الملاحظ في هذا السياق ، أن الشرطة العربية بصورة عامة غنية بهذه التجارب، حيث خروج كثير من قوات الشرطة العربية إن لم نقل كلها من محيط واجباتها التقليدية إلى رحاب مجالات اجتماعية في إغاثة المريض وذوي الحاجة وفي حالات الطوارئ و رغم ذلك تبقى الشرطة مطالبة بالقيام بمزيد من الخدمات التي تقدم لعموم أفراد المجتمع ومؤسساته وتدعم ذلك بالمحاضرات والمشاركة الأمنية العلمية ، حتى تكسب مؤسسة الشرطة أفراد المجتمع ثقتها و تدفعهم طواعية للمشاركة معها في رسالتها الأمنية.

لقد أكدت العديد من دراسات الأمنية الحديثة أن أهمية الشراكة بين الشرطة و المجتمع ازدادت بعد إدراك أهمية العلاقة العضوية بين الشرطة كنظام امني والبناء الاجتماعي ، مذكرة أن الشرطة تقوم على العديد من الأسس و لعل أبرزها هو مشاركة جميع أفراد المجتمع في مهامها الأمنية ، معتبرة أن أداء الشرطة يقاس بمقدار حجم مشاركة الجمهور ومقدار خفض الخوف من الجريمة وعدد ضحاياها وكذلك بتحسين ظروف الحياة وانخفاض المشكلات الاجتماعية مشيرة إلى أنها تقوم على الاتصال الدائم بالجمهور، وتهدف إلى حل المشكلات بالمجتمع وتحسين العلاقة كما أن التغير الوظيفي الذي تقوم به الشرطة اليوم يعتبر تغيرا بناء وصادقا وعادة ما يكون مجال تأثيرها مباشراً على المشاركين في الميدان وتكون الاستجابة لأعمالهم سريعة.

قد درج المشتغلين في مجال العلوم الأمنية على استعمال تعبير شرطة المجتمع أو كما يطلق عليه أشقاؤنا في الخليج الشرطة المجتمعية و هو التعبير الأكثر تداولا لأنه لفظ استعمل في أكثر من تعريف وقد يعكس ذلك رغبة عند من يستعملونه فيما يريدون بسيادة قيم معينة في العمل الشرطي .

تعد شرطة المجتمع أو الشرطة المجتمعية مفهوماً جديداً للعمل الشرطي التقليدي، الذي يسبق الحدث الأمني القائم على المعلومات الدقيقة النابعة من مصادرها الحقيقية في المجتمع الذي يبقى المستفيد الأول و الأخير من خدمات الشرطة و مختلف الأجهزة الأمنية بصفة عامة ، و عليه فشرطة المجتمع هي فلسفة تنظيمية وإستراتيجية قوامها انفتاح الشرطة التقليدية على مختلف عناصر المجتمع وتحقيق مشاركة حقيقية بين الشرطة والمجتمع في تحمل المسؤوليات الأمنية بمفهوم شامل وجهد طوعي نابع عن إرادة صادقة ..من خلال بناء هذه الإستراتيجية الأمنية الجديدة التي تتناسب وحجم التطورات ‏الشاملة التي تشهدها الجزائر و ما يتطلبه ذلك من توفير رؤية أمنية جديدة تواكب ‏معطيات التغيرات والتحديات المفترضة أو المحتمل وقوعها..‏، هذه الإستراتيجية تقوم في الأساس على شراكة جهاز الشرطة مع المجتمع ، هذه الشراكة التي تعتبر في نظرنا أسلوبا عصريا ‏جديدا يمكن أن يسهم في بناء جسور الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع والأجهزة الأمنية ، ‏ووضع المواطن والمقيم ومختلف مؤسسات الدولة و المجتمع المدني جنباً إلى جنب أمام ‏مسؤولياتهم وواجباتهم في توظيف كل القدرات و الإمكانيات للتصدي للجريمة بظروفها ‏ومتغيراتها ومواجهة مختلف المشكلات التي تهدد أمن واستقرار المجتمع ، فالشرطة المجتمعية إذن عنصر هام في المنظومة الأمنية التي تحتاج من كافة المؤسسات إلى تفعليها والعمل على نشرها.....‏
أهداف الشرطة من إشراكها للمجتمع في وظيفتها الأمنية :
تقوم فكرة شرطة المجتمع على تحمل كافة فئات المجتمع مسئولية الأمن بصورة مباشره وعلى تكوين مشاركة فعلية كاملة في المسئولية بين المجتمع المحلى والشرطة من خلال تحديد المشكلات الأمنية و سبل الوقاية منها و آليات مكافحتها ، إذن فهي تجنيد لجميع طاقات المجتمع بما يمكن أن يطلق عليه الحس الأمني الذي يزود الفرد بالأهداف الأمنية والمصالح المشتركة التي ينبغي الحفاظ عليها ، فالشرطة بهذا المفهوم هي جهاز يسعى إلى تعزيز الجهود الرامية لمكافحة الجريمة و تكوين نوع من الرضا لدى المواطنين عن الخدمات الأمنية بصفة عامة وبخفض الخوف من الجريمة وحل المشكلات المحلية وخفض معدلات الجريمة و زيادة رضا أفراد الشرطة عن عملهم و نشير هنا إلى أن هنالك العديد من الأهداف المتوخاة من تطبيق مفهوم الشراكة بين الشرطة و المجتمع أو ما يطلق عليه في العلوم الأمنية بمصطلح الشرطة المجتمعية ، نذكر منها ، العمل على تطوير العمل الاجتماعي و الإنساني في جهاز الشرطة بما يساهم في تحقيق التقارب بين جميع أفراد مؤسسة الشرطة من جهة ومن ثم تحسين العلاقة التبادلية بين الشرطة والمجتمع من جهة ثانية ، بالإضافة إلى تفعيل الدور الوقائي وسط المجتمع من خلال تبني مفهوم " الوقاية خير من العلاج" الذي لا يتحقق إلا من خلال إشراك المجتمع بكل فئاته في هذه المسئولية، و إزالة الحاجز النفسي لدى المواطنين في التعامل مع الشرطة.. ، ناهيك عن إيجاد حلول موضوعية وعملية للمشكلات الاجتماعية والأسرية من خلال دفع الجمهور للمشاركة في تقويم السلوكيات الخاطئة ، بصفة عامة تطوير آليات العمل التطوعي في المجال ‏الأمني .

آليات تفعيل دور الشرطة في سياق علاقتها بالبناء الاجتماعي :
نعلم جميعاً أن معظم الدول والأنظمة تسعى اليوم إلى تحقيق مزيد من مظاهر الأمن الشامل في بنيتها الوطنية والاجتماعية، وفي علاقات الناس بعضهم ببعض، تفادياً لما قد يطرأ من مفاجآت قد تخل بأمنها واستقرارها، وتؤثر في حاضرها ومستقبلها. ولكل نظام أسلوب ومنهج فيما يسعى إلى تحقيقه.. وقد فرض مصطلح شرطة المجتمع أو الشرطة المجتمعية في الفترة الأخيرة نفسه باعتباره أسلوباً ناجحاً لمواجهة الجريمة بكل أشكالها ، و لكون هذا المفهوم هو القادر على تحقيق الأمن بمفهومه الحديث وبكل أبعاده المختلفة لأنه يعنى تفجير طاقات الأفراد واستنفار قدراتهم لتحقيق الأمن بحيث يشارك فيه الجميع وتتضافر فيه الجهود لتصبح مسئوليه تحقيق الأمن مسئولية وطنية يكون فيها شعار الأمن مسئولية الجميع واقعاً معاشاً.

إن هذا التعاون الأمني بين الشرطة والمجتمع، لابد أن يؤطر ليتم عبر آليات قانونية يعمل الجميع بموجبها، فهنالك الكثير من الدول من قطعت أشواطاً كبيرة في مجال دمج جهود المجتمع وتعاونه لصالح أعمال الشرطة و في أدبيات الشرطة في الدول التي تنفذ هذه الفكرة السامية, هنالك تأكيدات تشير إلى أن مستوى فعالية وتنظيم شرطة المجتمع, يحدد فعالية نتائجها. وحينما تعمل أجهزة الشرطة على دمج جهود المواطنين مع جهود أفراد الشرطة والاستفادة منهم ضمن إطار واضح, تحكمه فلسفة أمنية محددة المعالم لها إستراتيجية معتمدة وممولة ولها أهداف محددة وإجراءات عمل مرنة وخطط مستمرة فإن التوفيق والنجاح سوف يكون حتما حليفها.

و عليه فشرطة المجتمع أو الشرطة المجتمعية ليست إلا عملاً تعاونياً منظماً تشترك فيه أطراف من السكان أفراداً ومؤسسات، مع أقسام وإدارات الشرط في مدنهم وأحيائهم السكنية، لتحقيق مستويات أفضل في مجال الأمن، و من الأولويات في الشأن الأمني، أن يسهم المجتمع مباشرة في تحديد المشكلات الأمنية، ثم المساهمة بالعمل على تقديم الحلول لها ففي إطار هذه العلاقة يصبح الأمن معززاً و قوياً.

و ما يحدد الفرق بين جهاز شرطة وآخر، في تحقيق مستويات محترمة من الأمن، هو مدى ما يتحقق لهذه الشرطة أو تلك، من قيادات قادرة على إدراك أبعاد الأمن، وما يتطلب تحقيقه من مفاهيم فلسفة الأمن، التي يجب أن تختلف معطياتها من بيئة إلى أخرى ، فلا يمكن أن يتحقق الأمن في مدينة مزدحمة بالسكان، بنفس الأساليب التي يتحقق بها في القرى والضواحي، أو أيضاً في بيئات أخرى مختلفة، و في ذلك، تبرز الفروق في وعي وكفاءات القائمين على وضع وتنفيذ خطط الأمن ، كما أن فن قيادة الرجال والتأثير فيهم ، ومهارة التعامل مع المجتمع، والمقدرة على حسن تسخير الموارد وتوازن استخدامها في خدمة الأمن، عناصر مهمة لمضاعفة نتائج أي جهود أمنية.

إنه حين يتم دمج جهود أفراد المجتمع في منظومة الشرطة، فإن ذلك يستوجب تغيير طبيعة الأعمال الميدانية للشرطة ، و أعمال القيادة والسيطرة ، لأن هذا النوع من التعاون الاجتماعي الأمني لا شك أنه يعتمد أولاً وقبل كل شيء على السرعة في البلاغات، و كذلك دقة المعلومات و وضوحها أيضاً حتى تصبح تصورات القائمين على توجيه الأمن أقرب إلى الواقع وكلما كانت أدوار المواطنين نشطة ومتفاعلة كلما عمت الفائدة وانتشر الإحساس بأن الأمن مسؤولية الجميع و عبر شرطة المجتمع تصبح حراسة المناطق و السهر عليها واليقظة فيها و تحليل أوضاعها وكشف المشتبه فيها شأن يهم الجميع مما سوف يوجد عامل ردع قوي في وجه مخالفي النظام ، الأمر الذي يزيد من أمن المجتمع وتماسك أبنائه.

و رغم تأثير المعطيات العاطفية والفلسفية لإثارة اهتمام المواطنين وكسب ودهم بالتالي تعاونهم وتفهمهم لأدوار الشرط في حماية المجتمعات وما تحتاجه من تعاون الجميع إلا أن ذلك كله يبقى في نظرنا غير كافي ما لم تحول العملية التعاونية إلى ما يشبه التنظيم المؤسسي القائم على فلسفة أمن خاص للتكافل الاجتماعي الأمني عبر خطط طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى و التي كلها لا بد لها أن تنطلق من آليات عمل واضحة وفيها وصف دقيق لطبيعة الأنشطة ومجالات التعاون المطلوبة من المواطنين وذلك كله طبقاً لقوانين ولوائح تنفيذية.

هنالك الكثير من التجارب والدروس المستفادة في مجالات الشرطة المجتمعية يمكن أن تستفيد منها الشرطة الجزائرية إن قررت العمل عبر هذا المفهوم و التي لا بد لها أن تنطلق من محاور أساسية متكاملة هي على النحو التالي :
فالمحور الأول هو مجالات التوعية الشاملة و المدروسة للمجتمع كله عن مفهوم الشرطة المجتمعية و الأدوار المطلوبة من المجتمع، بشرط أن تتم هذه التوعية عبر برامج مكثفة و مستمرة.
المحور الثاني فهو خاص بأفراد المجتمع غير الشرطة القادرين على التطوع بوقتهم وجهودهم للتعاون بأشكاله المطلوبة والمتاحة و يتم تدريب المتطوعين و توجيههم عبر برامج وندوات ودورات مستمرة و عبر تزويدهم كذلك بالمعلومات و في بعض الحالات يزودون بوسائل لها علاقة بشؤون الأمن مثل وسائل الاتصال أو الإنذار المبكر.
المحور الثالث يوجه لتدريب المنتسبين لجهاز الشرطة ليتمكنوا من فهم و تطبيق آليات هذا التعاون بكفاءة عالية و احترافية فالتعاون مع المواطن المتطوع لتنفيذ مسؤوليات أمنية عملية تختلف في فلسفتها كثيراً عن التعاون الرسمي بين رجال الشرطة مع بعضهم البعض .

معوقات التعاون بين الشرطة و المجتمع :
نشير في هذا السياق إلى أن عملية التحول من الشرطة التقليدية إلى الشرطة المجتمعية سوف يلقى الكثير من المعوقات و الصعاب كما سوف لن تسلم هذه العملية من الانتقادات التي لا يمكن التغاضي عنها ، و تكمن هذه المعوقات في نوعين النوع الأول يأتي من جانب الشرطة و النوع الثاني هو من جانب المجتمع.
قد أكدت تقريبا كل الدراسات الأمنية أن آليات خلق نوع من الشراكة الفعالة بين الشرطة و المجتمع ، تختلف حسب ثقافة كل مجتمع و ظروفه الاجتماعية و الاقتصادية و يمكننا تقسيم تلك الآليات إلى آليات خاصة بالمجتمع وآليات خاصة بجهاز الشرطة .

فبالنسبة للآليات الخاصة بالمجتمع فهي تلك التي يسهم بها المجتمع من خلال إشراك أفراد المجتمع من غير الشرطة في عملية منع الجريمة و مكافحتها ، و منها كذلك العمل على نشر الثقافة الأمنية والتي تهتم بنشر الوعي الأمني و ما هي وسائل تحقيقه ودعم الجمعيات النشطة في المجال الأمني.

أما فيما يتعلق بالآليات الخاصة بجهاز الشرطة فإنها تتعلق بالفجوة في الأداء بين النظامين والاعتراف بالحاجة للتغيير وخلق المناخ المناسب و العمل على تشخيص المشكلة و السعي للتعرف على استراتيجيات بديلة تتجه في الأساس نحو سياسة كفيلة بتحقيق كفاءة أكثر و فاعلية أعلى في مكافحة الجريمة.

إن بناء جهاز شرطة يعمل وفقا لهذا المفهوم يتطلب الكثير من التغيرات التي لا تقتصر على إعادة هيكلة الجهاز فقط بل التغيير في الإجراءات و السياسات الشرطية أيضا لذلك فأن التغيير سيواجه بالكثير من الانتقادات والمعوقات لذا لا يجب صرف النظر عنها لأنها سوف تؤثر حتما على النجاح في تطبيق الفلسفة الجديدة.
لبأس هنا من الإشارة و لو بصورة موجزة لأبرز المعوقات التي من شأنها أن تحول دون خلق جهاز شرطة وفقا لهذا المفهوم و التي هي معوقات صادرة من الجانبين ، الشرطة من جهة و الجمهور أو المجتمع من جهة أخرى .
بالنسبة للمعوقات التي تصدر من جهاز الشرطة فتتمثل في غياب الهدف المشترك والاختلاف في اللوائح و التنظيمات حيث انه من ضمن أهداف جهاز الشرطة كسب رضا الجمهور إلا أن الممارسات العملية عكس ذلك كما أن الاختلاف والازدواج في الأوامر يؤدي إلى خلل في الأداء و كذلك ضعف عملية الاتصال و المركزية في اتخاذ القرار التي تفقد جهاز الشرطة احد شعاراته مع تدني المعنويات لرجال الشرطة فهو من أكثر الموظفين عرضه للضغوط الاجتماعية و العملية و عدم وضوح الوعي لدى أفراد الجهاز و عدم فهمهم للفكرة و شعورهم بأن هذا سوف ينقلهم من رجال شرطة إلى موظفي شئون اجتماعية ، و هناك كذلك التغييرات التنظيمية والخوف من فقدان السيطرة و الخوف من المجهول حيث أن رجال الشرطة يحبون الاحتفاظ بالصلاحيات و السيطرة على المجال الأمني و لا يفضلون على الإطلاق الاختلاط بعملهم مع المدنيين وخاصة في العمل الأمني.

أما فيما يتعلق بالمعوقات التي تحدث من جانب الجمهور نجد أنها تتمثل في تعارض المصالح لشئون بعض أفراد الجمهور حيث أن هذا التحول سوف يؤدي إلى تعارض مع مصالح البعض والشعور بعدم المصداقية وهذا ناتج عن احتفاظ الجمهور بالتجارب السابقة مع الجهاز وتفكيك البنية الاجتماعية وذلك نتيجة للتغيرات السريعة والمفاجئة التي تمر بها المنطقة مما أدى إلى وجود خلل في أنظمة المجتمع فاوجد ظاهرة إغراق اجتماعي وهدد بشيوع الجريمة وذلك سوف يعطل نظام الشرطة المجتمعية.




   


الفصل الثالث :
أخلاقيات العمل والإدارة في الفكر الاسلامي


إن أخلاقيات العمل في القطاع الحكومي والخاص لها أثرها الكبير في كفاءة تلك الاجهزة وحسن سيرها ومدى فعاليتها في تأدية رسالتها على أكمل وجه , وكذلك قدرتها على تحقيق الأهداف والغايات التي تسعى إليها , مما يعود بالفائدة والخير العميم على الوطن والمواطنين .

المبحث الأول : الاطارالنظري لأخلاقيات العمل في الفكر الاسلامي :-
مفهوم أخلاقيات العمل :-
" تمثل مفهوم الأخلاق أو الأخلاقيات ( Ethics ) مجموعة من القيم والمعايير التي يعتمد عليها أفراد المجتمع في التمييز بين ما هو جيد وما هو سيء , بين ما هو صواب وما هو خطأ , إذن تتركز في مفهوم الصواب والخطأ في السلوك ,  والأخلاقيات تقدم دليلا – من خلال معاييرها ويمها – على الأنشطة الأخلاقية وغير الأخلاقية , وعلى ما هو مقبول أو غير مقبول اجتماعيا . [3]
" إن أخلاقيات الإدارة هي مجموعة القواعد والأسس التي يجب على المهني التمسك بها والعمل بمقتضاها , ليكون ناجحا في تعامله مع الناس , ناجحا في مهنته مادام قادرا على اكتساب ثقة زبائنه والمتعاملين معه من رؤساء ومرؤوسين " [4]
" ويرى تومبسون أن أخلاقيات العمل هي تطبيق المبادئ الأخلاقية على سلوك الأفراد في المنظمات , وبالتالي فإن القيم هي التي تصوغ أخلا العمل لكل فرد ومن ثم يتولد من تلك الأخلاقيات , نمط سلوكي إداري يكون أخلاقيات أو لا أخلاقيا "[5] .

تعريفه العمل ومنزلته في الإسلام
• تعريف العمل: العمل هو كلُّ جُهدٍ مشروع: مادي، أو معنوي، أو مُؤلَّف منهما معًا.
ويدلُّ على العملِ الجسميِّ أو اليدويِّ حديث: ((ما أكَلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أنْ يأكُل من عمل يده، وإنَّ نبيَّ الله داودَ - عليه السلام - كان يأكُل من عمل يده))؛ رواه البخاري.
واستعمل لفظ العمل أيضًا للولايات؛ أي: لوظائف الدولة، ومن هذا المعنى الحديث القائل: ((مَن استَعمَلناه على عملٍ فرَزَقناه رِزقًا، فما أخَذ بعد ذلك فهو غلولٌ))؛ رواه أبو داود.
وقد اعتَبَر الإسلام جميعَ الأعمال النافعة - من أقلِّها شأنًا كحفر الأرض، إلى أعظمها كرياسة الدولة - داخلةً كلها تحت عنوان "العمل"، على تفاوُتٍ بينها في النَّوع والمقدرة المؤهلة لها، ولفظ العمل في التفكير الإسلامي لا يقتَصِر على عمل العامل الأجير لربِّ عملٍ يُؤتِيه أجره عن جُهدِه.
وهذا - بلا شَكٍّ - جانبٌ مهمٌّ من جوانب العمل، ويُسمَّى العامل بهذا المعنى في الإسلام أجيرًا خاصًّا.
ولكنَّ تعبير العمل في الإسلام يمتدُّ فوق ذلك إلى النشاط الاقتصادي للإنسان في كلِّ صوره وأوضاعه في حين يمتَزِج بملكيَّة رأس المال؛ أي: إنَّه يشمَلُ كذلك عنصر التنظيم، فصاحب المصنع يعمَلُ عندما يُدِير مصنعه، وصاحب المزرعة يعمَلُ عندما يُدِير مزرعته، وصاحب المتْجَر يعمَلُ عندما يُدِير مَتجَره.
وعلى هذا يكونُ المجتمع في نظَر الإسلام مُؤلَّفًا من مجموع العامِلين، وكلُّهم يُسمَّون عمالاً، وهذا المفهوم يُؤدِّي إلى نتائج اجتماعيَّة، منها:
1- أنَّ الأصل تَساوِي البشر من حيث كونهم عمَّالاً وبشرًا لهم كرامتهم، وإنْ تفاوتَتْ قدراتهم ومَزاياهم ودائرة عملهم سعةً وضيقًا، وأجورهم أو رواتبهم، فلا امتيازَ لفئةٍ على أخرى.
2- أنَّ العمَّال ليسوا فريقًا من المجتمع، بل هم جميع العامِلين في المجتمع.

منزله العمل في القُرآن والسنَّة:
العمل ضروريٌّ لعِمارة الكون، وإصْلاح الأرض، وقَضاء حاجات المجتمع، وتلبية حاجات صاحِبه، فهو حقٌّ للفرد كما هو حقٌّ للجماعة، وهو في الوقت نفسه واجبٌ على الفرْد والجماعة.

وحفَل القُرآن الكريم بكثيرٍ من الآيات التي تدعو إلى العمل، وتبيِّن أهميَّته في حياة الإنسان، وتربو على مائتين وخمسين آية، نُورِد قبسًا منها فيما يأتي[6]:
1- قوله - تعالى -: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105]، والعمل في هذه الآية يشمَلُ العمل الدنيوي والعمل الأخروي.
2- وقوله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]، فهذه الآية تدعو الإنسان إلى طلب العمل، وبذْل الجُهدِ، والابتغاء من فضْل الله ورزقِه.
3- قوله - تبارك وتعالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15] فتسخير الأرض للإنسان، واستخلاف الله له فيها، يَقضِيان انتفاع هذا الإنسان بما خلَقَ الله في الكون، واستِثمار ما في الأرض من خيرات وثمرات، ولا يتأتَّى ذلك إلاَّ بالعمل وبذْل الجُهدِ.
4- قوله - سبحانه -: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 33 - 35].
5- قوله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10 - 11].
بل إنَّ الله - تعالى - قدَّم طلبَ الرِّزق بالعمل على الجهاد في سبيل الله في قوله - تعالى -: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ﴾ [المزمل: 20].
وقد فاضَت السنَّة النبويَّة بكثيرٍ من الأحاديث التي تدعو إلى العمل وتحثُّ علية، وتُبيِّن فضلَه، وثواب إتقانه، وما أعدَّ الله - تعالى - للعامل من منزلةٍ رفيعةٍ، ومكانةٍ سامية في الدُّنيا والآخِرة، وهذه نماذِجُ من تلك الأحاديث:
1- قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما أكَلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أنْ يأكُلَ من عمل يده، وإنَّ نبيَّ الله داود - عليه السلام - كان يأكُل من عمل يده))؛ رواه البخاري.
وفي روايةٍ أخرى: ((ما كسَب الرجلُ كسبًا أطيب من عمل يَدِه))؛ رواه ابن ماجه.
2- قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أمسى كالاًّ من عمل يده، أمسى مَغفُورًا له))؛ رواه الطبراني في الصغير.
 3- قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((على كلِّ مسلمٍ صدقةٌ)) قالوا: فإنْ لم يجد؟ قال: ((فيعمَلُ بيديه فينفَعُ نفسَه ويتصدَّق))، قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال: ((فيُعِين ذا الحاجة الملهوف))، قالوا: فإنْ لم يفعل؟ قال: ((فليَأمُر بالخير - أو قال: بالمعروف))، قالوا: فإنْ لم يفعل؟ قال: ((فليُمسِك عن الشرِّ؛ فإنَّه له صدقه))؛ (رواه البخاري).
 4- قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله يحبُّ من العبد إذا عمل عملاً أنْ يُتقِنه))؛ (الألباني في السلسة الصحيحة).

المبحث الثاني : أخلاق العمل في الإسلام
ترتَكِز أخلاق العمل في الإسلام على عنصرين:
1- الأمانة: مفهوم الأمانة في الإسلام شاملٌ ومتعدِّد الجوانب، فهو يشمَلُ: أمانة المال، والجُهد، والوقت، والفكر، والسلوك، لقد عُرِضت الأمانةُ على السَّموات والأرض والجبال فأبَيْن إنْ يحمِلنَها وأشفَقنَ منها وحمَلَها الإنسان، كما أشارَ إلى ذلك القرآنُ الكريم؛ لذا فإنَّ الأمانة لا تتحقَّق إلاَّ بخشية الله، وإدراكِ عظم المسؤوليَّة عند تَولِّي الوظيفة العامَّة، ولا يكتَفِي المسؤول عند اختِياره للعامِلِين بميكانيكيَّة التعيين والاختِيار فقط، وإنما يستَوجِب الأمر بذْل العناية والحِرص، ولو أدَّى ذلك إلى إغضاب الآخَرين.
 2- القوة: أي: الكفاءة على إنجاز العمل المُراد القِيام به، ولقد رُبِطت القوَّة بالقدرة كما حدَّدها الإمام ابن تيميَّة بقوله: "والقوة في كلِّ ولاية بحسبها، والقوَّة في إمارة الحرب تَرجِع إلى شجاعة القلب، وإلى الخِبرة في الحروب والمُخادعة فيها، فإنَّ الحرب خُدعَة، وإلى القُدرة على أنواع القتال، والقوَّة في الحكم بين الناس تَرجِع إلى العلم بالعدل الذي دَلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة، وإلى القُدرة على تنفيذ الأحكام".
 لذا فإنَّ المفاهيم التي يُمكِن الاستِرشاد بها في تَحدِيد المنهج الذي ينبَغِي اتِّباعه في كيفيَّة الاختِيار، تتلخَّص في الآتي:
أ- تصنيف الوظيفة وتحديد مسؤوليَّتها وواجباتها، كما أشارَ إليه ابن تيميَّة: "المهمُّ في هذا الباب معرفة الأصلَحِ؛ وذلك إنما يتمُّ بمعرفة مقصود الولاية - الوظيفة - ومعرفة طريق المقصود، فإذا عرفت المقاصِد والوَسائل، تَمَّ الأمرُ".

ب- الالتزام بالسلوك الإسلامي الظاهري؛ أي: الالتزام الظاهري بمأمورات ومنهيَّات الشريعة؛ مثل: إقامة الشعائر الإسلاميَّة الظاهرة، وهذا الالتزام المسلكي يُؤثِّر في تحديد نوعيَّة تصرُّفات موظف الخدمة المدنية؛ لأنَّه يعمَلُ في خِدمة مجتمع ملتزم بعقيدة الإسلام.
جـ- القرعة حين التَّساوِي بين المرشَّحين في الكَفاءة والأمانة.
وتنقسم أخلاقيَّات العمل إلى قسمين:
أخلاقيَّات العمل الإيجابيَّة:
هي التي تَفرِض على الموظَّف القِيامَ ببعض الأعمال، وهي:
أ- تأديَة الواجبات الوظيفيَّة:
يُوجِب نِظام الخدمة المدنيَّة على الموظف "أنْ يُخصِّص وقتَ العمل لأداء واجبات وظيفَتِه".
1- فيجب أنْ يؤدِّي العمل بنفسه.
2- وأنْ يُخصِّص وقتَ العمل لأداء العمل المكلَّف بإنجازه.
3- ومُراعاة الدقَّة اللازمة ومُوجِبات حُسن العمل وحُدود اختِصاصه.
4- ومُراعاة مواعيد الدَّوام الرسميَّة.
5- واستِهداف أداء الخدمة العامَّة والمَصلَحة العامَّة.
ب- مراعاة الواجبات المسلكيَّة الإيجابيَّة:
1- أنْ يرتَفِع عن كلِّ ما يخلُّ بشرَف الوظيفة والكرامة، سواء كان ذلك في محلِّ العمل أو خارجه ، حتى ولو كان خارج البلاد، وهي مسألة تقديريَّة ولا يُمكِن حصرها، ولكنْ ينظر إلى كلِّ تصرُّف يصدر عن الموظف على حِدَةٍ، وذلك في ضوء مُلابَساته وظُروفه، والمركز الذي يحتلُّه الموظف، وطبيعة عمله ونوعيَّته، ومكان تأديته، مع مُراعاة مَدَى خُطورة انعِكاس السلوك الخارجي على العمل الوظيفي.
2- أنْ يُراعِي آداب اللياقة في تصرُّفاته مع الجمهور ورُؤَسائه ومَرؤُوسيه.
 فمَثَلاً اللياقة مع الجمهور بإحسان الموظف مُعامَلة الأفراد أثْناء مُراجَعتهم له، وذلك بوَصفِهم بشرًا، وعدَم الاستِعلاء عليهم، وأنْ يسمَعَ شَكاوَى الأفراد ومَطالبهم، وإفادتهم بما يتمُّ بشأنهم، وتوجيههم الوجهة الصحيحة، وليس استعمال الغِلظة والخشونة، أو التجاوُز باليد أو اللسان، أو التحكُّم في أفراد الرعيَّة، واللياقة مع الرُّؤساء؛ لضَمان حسن سَيْرِ العمل، فلا يجوز اتِّصال الموظف بغير رئيسه المباشر في الأمور الخاصَّة بأعمال وظيفته، أو قيام الموظف بإشغال المقامات العالية رسميًّا بالأمور التي تتعلَّق بوظيفته بقصْد المُشاغَبة مُتَجاهِلاً مرجعَه.
واللياقة مع الزُّمَلاء بالتعاون والتعامُل معهم، مستعملاً العِبارات غير القاسية، فتعدِّي الموظَّف على زَمِيله بالضرب مثَلاً يُعدُّ منه بادرةً سيِّئة ومخالفة ظاهرة لواجبٍ يلتزم به، هو مُراعاة آداب اللياقة في التصرُّف مع الزُّمَلاء.
وكذلك على الرئيس احترامُ المرؤوسين، وأنْ يلتَزِم بالمبادئ الأخلاقيَّة العامَّة؛ كالحياء والمساواة والعدل مع المشمولين برِئاسته الإداريَّة.
جـ- إطاعة الأوامر الرئاسيَّة:
ويُقصَد به امتِثالُ الأوامر التي تَصدُر من السُّلطة الإداريَّة الرئاسيَّة في شكْل تَعلِيمات، أو تَعمِيمات، أو منشورات، أو كتب دوريَّة، أو قَرارات إداريَّة.
وهذا يقتَضِي "الوحدة الرئاسيَّة"؛ أي: توحيد السُّلطة الإداريَّة الآمِرة بالنِّسبة لكلِّ مَرؤُوس؛ بحيث لا يكونُ الموظَّف مرؤوسًا لرئيسين مُباشِرين في وقتٍ واحدٍ.
مدى الطاعة:
1- فهو مُلزَمٌ بتنفيذ أوامر السُّلطة الرئاسيَّة المشروعة.
2- أمَّا عدم مشروعيَّة أوامر السُّلطة الرئاسيَّة التي لم تَصِلْ إلى درجة الأمر بارتِكاب الجريمة الجنائيَّة، فيُعفَى الموظَّف في المملكة من العُقوبة بالنسبة للمخالفات الإداريَّة أو الماليَّة إذا ثبَتَ أنَّ ارتكابَه للمخالفة كان تنفيذًا لأمرٍ مكتوبٍ صادر إليه من رئيسه المختصِّ، بالرغم من مُصارَحة الموظف له كتابةً بأنَّ الفِعل المرتَكب يكون مخالفةً (نظام تأديب الموظَّفين م34/2).
 3- الأمر بارتكاب جريمة: فإنَّ الموظف المرؤوس لا يُعفَى من المسؤوليَّة الجنائيَّة لمجرَّد قيامه بارتكاب الجريمة المُوجِبة لتلك المسؤوليَّة تنفيذًا لأوامر رئيسه.

أخلاقيَّات العمل السلبيَّة:
وهي بامتِناع الموظَّف عن القِيام بالأعمال المحظورة على شاغل وظائف الخِدمة المدنيَّة ، وهي: نقد أو لوم الحكومة، إساءة استِعمال السُّلطة الوظيفيَّة واستِغلال نفوذها، وإفشاء الأسرار الوظيفيَّة، والاشتِغال بالتجارة، فَضْلاً عن الجمع بين الوظيفة العامَّة وأعمال معيَّنة.
1- نقد أو لوم الحكومة: يُحظَر على الموظَّف توجيهُ النَّقد أو اللَّوم إلى الحكومة بأيِّ وسيلةٍ من وسائل الإعلام المحليَّة أو الخارجيَّة.
 ومفهوم الحكومة بالمعنى الواسع الذي يمتدُّ ليشمل بالضرورة سائرَ السلطات الحاكمة السياسيَّة، والسلطة الإداريَّة، وكذلك السلطة التنظيميَّة.

2- إساءة استعمال السلطة الوظيفيَّة: ويُقصَد بها استعمالُ سلطة وظيفته العامَّة تحقيقًا لِمَصالِحه الخاصَّة البعيدة أدبيًّا عن المصلحة العامَّة، ويُعرَف بالتعسُّف أو الانحِراف في استِعمال السلطة، ومن أمثلتها: تحايُل الموظَّف على تنفيذ الأنظِمة واللوائح على غير الوجْه الصحيح؛ بقصْد تحقيق مَصلَحة غير عامَّة للنفس أو للغير، أو التصرُّفات التي تَصدُر عن الموظَّف بقصْد الإضرار بالغير لأحقادٍ شخصيَّة.
3- استغلال نفوذ الوظيفة: يُقصَد به استِخدام سُلطَته الوظيفيَّة لتحقيق مَنفَعة ماديَّة له ولذَوِيه على حِساب المصلحة العامَّة ؛ كالاستِرشاء، والحصول على مُكافآت لاحِقة على أداء الواجبات الوظيفيَّة، والاختلاس، وإضرار الموظَّف بالمصالح العامَّة في ميدان الصَّفقات والمقاولات والتَّوريدات والأشغال العامَّة وغيرها؛ وذلك نظير حُصول الموظَّف على مكاسب ماديَّة أو ماليَّة معيَّنة، أو قيام الموظف بحجز كُلِّ أو بعضِ ما يستحقُّه الموظَّفون أو العمَّال من رَواتب وأُجُور، أو تأخير دفْعها إليهم بقصْد الانتِفاع بها شخصيًّا، وتجريم فعْل استِغلال النُّفوذ المُرتَكب بواسطة أيِّ وزيرٍ (ولو بطريق الإيهام، للحُصول على فائدةٍ أو ميزةٍ لنفسه أو لغيره من أيِّ هيئة أو شركة أو مؤسسة أو مصلحة من مصالح الدولة)
4- إفشاء الأسرار الوظيفيَّة: وهو واجبٌ سلبي يَفرِض على الموظَّف كتمانَ الأمور أو المعلومات أو البيانات التي يطَّلع عليها بِحُكمِ وظيفته، ولو بعد تَركِه الخدمةَ .
5- الاشتغال بالتجارة: ويُعَدُّ اشتغالاً بالتجارة - ويكون محظورًا على شاغل الوظيفة العامَّة - القيامُ بتسجيل محلٍّ تجاري باسم القاصر الذي تشمَلُه ولايته أو وصايته، أو الاستمرار في شِراء المنقول أو العقار بقصد بيعه أو بقصد تغييره، وكلُّ عملٍ يتعلَّق بالوكالة أو بالعمولة أو البيع بالمزايدة والعقود والتعهُّدات التي يكون فيها الموظَّف مُقاوِلاً أو مُورِّدًا .
6- الجمع بين الوظيفة وأعمالٍ معيَّنة: يُحظَر على الموظَّف الجمعُ بين الوظيفة العامَّة وبين أعمالٍ معيَّنة، يُمكِن إجمالُها فيما يلي:
أ- الاشتراك في تأسيس الشركات، أو قبول عضويَّة مجالس إدارتها، ويُلاحَظ بهذا الخصوص أنَّ اشتراك الموظف في تأسيس "شركة تضامن" يُعَدُّ من قَبِيل الاشتِغال بالتجارة؛ إذ يُعتَبر الشريك المُتَضامِن تاجرًا في جميع الأحوال .
ب- العمل في الشركات أو المحلات التجاريَّة، ما لم يكن الموظَّف مُعيَّنًا من الحكومة.
جـ- مُمارَسة أيِّ مهنة من المِهَنِ المختلفة، مع ملاحظة أنَّه يجوز للوزير المختصِّ أنْ يُرخِّص لبعض الموظَّفين بالاشتغال بالمِهَنِ الحرَّة إذا كانت المصلحة العامَّة تقتَضِي الترخيص لهم في ذلك؛ نظَرًا لحاجة البلاد إلى مهنهم.



المبحث الثالث : أسس نظام أخلاقيات العمل في الفكر الاسلامي  :-
" إن مسببات السلوك الإنساني – ضمن أخلاقية معينة – يمكن أن تتوزع على كفتين متعادلتين إحداهما تسمى بنظام القيم الذاتية , حيث تلعب المعتقدات الشخصية دورا أساسيا , أما الكفة الثانية فتسمى بنظام القيم الاجتماعية حيث تلعب البيئة الخارجية ( اجتماعية , سياسية , اقتصادية ) دورا أساسيا فيه " [7]
ويمكن عرضها كالتالي :-
1-    نظام القيم الذاتية :
إن سلوك الفرد يتأثر بمجموعة القيم والمعتقدات السلوكية التي تؤثر عليه وتدفعه لسلوك مفضل . ولكي يمكن فهم طبيعة السلوك البشري ودوافعه لابد من اكتشاف مجموعة القيم والقواعد التي تؤثر في السلوك وبالتالي تدفع الفرد إلى مسلك معين دون الآخر , إذ يعبر الفرد عن قيمه الذاتية بقبوله لشرعية أو صحة وجهة نظر معينة تجاه مجموعة من الحقائق .
2-    نظام القيم الاجتماعية :
أن سلوك الفرد يتأثر بنظام القيم الاجتماعية لدى الفرد نفسه والذي تتفاعل عدة عوامل في تكوينه , وهذه العوامل منها ما يتعلق بثقافة الفرد أو البيئة الاجتماعية أو الحضارية أو جماعة العمل , فمن طريقها يكتسب الخبرة وتظهر لديه قابلية التعليم ومن ثم الانصهار في إطار نظام القيم الاجتماعية للجماعة والذي ينعكس في الأطر العامة لأخلاق العمل التي عن طريقها تتم عملية اغناء روح الانتماء للجماعة .
مصادر الأخلاقيات في الإدارة :-
أولا : المصدر الديني :-
    " تأمر الأديان السماوية الإنسان بالتقوى وطاعة الله وحسن المعاملة والاستقامة في التعامل بين المسؤول وأفراد المجتمع , ومعاملة الجميع معاملة حسنة لأنهم يقفون أمام القانون المستمد من الشريعة السماوية سواء , وعليهم الانصياع لأوامر الله يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر , وهذا ينعكس بطبيعة الحال على أخلاقيات أي موظف في مجال عمله وإخلاصه فيه واستقامته مع أفراد مجتمعه "[8]

    " تعتبر الأديان السماوية أهم مصادر الأخلاق للإنسان حيث يستقي منها جميع تصرفاته وسلوكه ومنهجه في الحياة , وفي العالم الإسلامي نجد أن الشريعة الإسلامية السمحة وما تحمله من سمو في المبادئ والقيم مصدر أساسي مهم للأخلاق يستمد منه الإداري المسلم جميع تصرفاته ولسلوكياته في العمل المناط به , وسوف نوضح مصادر الأخلاق في الدين الإسلامي والتي تعتبر أهم مصادر الأخلاق للإداري والموظف المسلم وهي : القران الكريم , السنة الشريفة , الخلفاء الراشدون . " [9]
ثانيا : البيئة الاجتماعية :-
    " إن بيئة المجتمع الذي تسوده قيم سياسية أو اجتماعية أو عقائدية متناغمة لابد وان ينقل أفراده هذه القيم إلى التنظيم , وتنعكس عليهم في ممارستهم لوظائفهم " [10]
    " تعتبر البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها المرء , أو يتنقل بين شعوبها وقطاعات المجتمع الذي يتمازج مع بعضه ويتزاوج ويختلط صباح مساء , بما في هذه البيئة من عادات وتقاليد واعرف وقيم , تعتبر من أهم مصادر الأخلاقيات التي تؤثر في الإدارة , وفي المستوى التعامل بين الموظفين والمواطنين من جهة , وبين الموظفين أنفسهم من جهة أخرى . " [11]
    " أن أي مجتمع لا يخلو من العادات والتقاليد الحسنة والمرغوب فيها والتقاليد والعادات السيئة وغير المرغوب فيها , فعلى سبيل المثال نجد البيئة العربية قبل الإسلام تمتاز بتقاليد وعادات وأعراف ومثل عليا كالكرم والمروءة والحلم والصبر والعفو عند المقدرة وإغاثة الملهوف ونصرة الجار , إن هذه التقاليد والعادات لها أثرها الكبير في تكوين الموظف المسلم وأخلاقياته في البيئة الإسلامية " [12]
ثالثا : تشريعات الخدمة المدنية :-
    " إن اللوائح والأنظمة والقوانين التي تصدرها إدارات الخدمة المدنية ومكاتب العمل في دول العالم تشكل مصدرا مهما من مصادر الأخلاق في العمل الوظيفي وذلك من خلال الضوابط الأخلاقية والقوانين التي تحدد عمل الموظف وسلوكه وحثه على التمسك بالأخلاق الفاضلة والعمل على الارتقاء بالعمل الوظيفي وتقديم خدمة جليلة للمواطنين " [13]
    " وتعتبر التشريعات من أهم المصادر التي تتحكم في تسيير الإدارة في الوظيفة العامة وتصريف المعاملات وتنفيذ الأوامر , والمقصود بالتشريعات دستور الدولة وكافة القوانين المنبثقة عنه , ونظام الخدمة المدنية , والأنظمة واللوائح الأخرى على مختلف أنواعها , التي تبحث في أخلاقيات العمل من حيث الانتظام بالدوام مثلا , والتقيد بقواعد الجدارة والاستحقاق , وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وعدم قبول الرشوة ونحوها " [14] .
العوامل التي تؤثر على أخلاقيات العمل :-
        " هناك العديد من العوامل والمتغيرات – التي يصعب حصرها – في تأثير وتكوين هذه الأخلاقيات لدى الفرد , ولعل من أهم العوامل المؤثرة التي تساعد في  تكوين الاتجاهات محو سلوك معين " [15]
ويمكن عرضها كالتالي :
1-    البيئة الاجتماعية :
    يمكن تعريف البيئة الاجتماعية بأنها البيئة التي تجمع بين المنزل والحي والعمل والمجتمع الذي يعيش فيه الفرد , وما يسودها من تقاليد وعادات ومعتقدات وأحوال اقتصادية واجتماعية وسياسية , والتي تساهم مساهمة كبير في تشكيل سلوك الفرد وتكوين اتجاهاته , إذ تنمو هذه الاتجاهات والممارسات السلوكية وتتطور بتطور مراحل النمو التي يمر بها الفرد .
2-    البيئة الاقتصادية :
    تلعب الأوضاع الاقتصادية في المجتمع الذي يعيش فيه الموظف – من غنى وفقر وارتفاع مستوى المعيشة مقابل تدني مستوى الرواتب والأجور – دورا كبيرا في تكوين أخلاقيات الوظيفة من مبادئ واتجاهات وسلوك .كما أنها تؤدي إلى نشوء طبقات اقتصادية متعددة داخل المجتمع الواحد الأمر الذي يؤدي بأن تعتنق كل جماعة مجموعة من المبادئ والاتجاهات حول الجماعة الأخرى ونوع السلوك الذي يجب اتخاذه حيال كل طبقة .
3-    البيئة السياسية :
    لا شك في أن البيئة السياسية التي يعيش الموظف العام في ظلها تعلب دورا مهما في تكوين اتجاهاته وأنماط سلوكياته . إذ أن نمط سلوكه – أخلاقيا أو لا أخلاقيا – يتأثر بدون شك بطبيعة وخصائص تلك البيئة السياسية السائدة ومدى فعالية الرقابة على أنماط السلوك الإداري للموظف العام بحيث تحفز السلوك الإداري الأخلاقي وتردع او تعاقب السلوك الإداري اللاأخلاقي .
   وفي عنوان (( أثر العقوبات على أخلاقيات العمل )) فد قال زكي غوشة بأن " نرى انه من الضروري أن تتضمن أنظمة الخدمة المدنية الإشارة إلى البدائل الموجودة في الإجراءات والعقوبات المسلكية في أثناء مراحل خدمته وان تطبع في ( دليل الموظف ) لكي يعلم الموظف ماله من حقوق وما عليه من واجبات , ولا شك أن بإمكان الموظف الذي يطلع على مزايا السلوك الايجابي والانضباطية في العمل , وحسن المعاملة من قبل الموظف لزملائه ولأفراد الجمهور , وعلى النتائج السلبية التي تنعكس عليه عند ارتكابه المخالفات أو تقصيره في العمل , أن يختار بلا شك النزوع إلى الخير والفضيلة ويتجنب ارتكاب المخالفات التي تؤدي به إلى العقوبة والعاقبة الوخيمة " [16]

المبحث الرابع : الصفات الحميدة في أخلاقيات الموظف :-
أ‌-       أخلاقيات وظيفية  :
    " إن العمل وأداء الواجبات الوظيفية بكل دقة وإخلاص يعتبر في منهاج الإدارة الإسلامية أمانة في عنق الموظف , وعلى جميع المستويات الإدارية من رئاسة مطلقة أو جزئية , أو مسؤولية مطلقة أو محدودة , إلى العمل البسيط يكون في نطاق مسؤولية الموظف " [17]
    " وفي مجالات الأمانة والإخلاص عند الموظف المسؤول , فأنها تتركز على المعاملات في المنظمة مثل : إسناد الوظائف العامة إلى الأكفاء , الموضوعية في القرار , حفظ المال العام , حفظ الحواس والجوارح , حفظ الودائع , حفظ أسرار المجالس والاجتماعات إلا ما يضر الصالح العام  "[18]
ب‌-  أخلاقيات سلوكية :
    " إن الأخلاق وحسن السيرة والسلوك من أهم الأمور التي أكد عليها نظام الخدمة المدنية في المملكة , كشرط لتعيين الموظفين في الدولة . حيث نصت المادة الرابعة منه على انه (( يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف أن يكون حسن السيرة والأخلاق وأن يكون غير محكوما عليه بحد شرعي أو بالسجن في جريمة مخلة بالشرف والأمانة , حتى يمضي على انتهاء تنفي الحد أو بالسجن ثلاثة سنوات على الأقل , وان يكون غير مفصول من خدمة الدولة لأسباب تأديبية ما لم يمضي على صدور قرار الفصل ثلاث سنوات على الأقل " [19]
    " يشترط فيمن يتولى الوظيفة العامة أن يكون صالحا من الناحية الأخلاقية أو الأدبية للقيام بأعبائها وممارسة سلطاتها , فالأخلاق الحميدة وحسن السمعة شرط ضروري وهام لسلامة ممارسة السلطة العامة وتحقيق الصالح العام " [20]

المبحث الخامس : الصفات الذميمة في أخلاقيات الموظف :
 أ‌-       عدم المحافظة على سرية العمل :
    " يقصد بها المحافظة على عدم إفشاء الإسرار الوظيفية وما تتضمنها من معلومات وبيانات ووثائق , أتيحت للموظف بحكم منصبه ووظيفته الاطلاع عليها , والتي ليس بمقدوره الاطلاع عليها لولا مركزه الوظيفي الذي يشغله , وضرورة المحافظة على سرية العمل لا تقتصر فقط أثناء تأدية الخدمة , بل تتعداها إلى ما بعد تركه العمل " [21]
ب‌-  الرشوة  :
   " الرشوة تعتبر أم الفساد الإداري ومن أعظم الجرائم المتفشية في العالم وبخاصة في مجتمعات العالم الثالث , وتزداد خطورتها كلما احتل المرتشي منصبا قياديا كبيرا , لأنه بفساده يفسد من تحته من المرءوسين ومن يليهم أيضا " [22]
    " وتعتبر الرشوة من اخطر الجرائم ومن أسوأ الانحرافات الإدارية التي يجب محاربتها بكل قوة والقضاء عليها وذلك لما يترتب من أضرار وأخطار تهدد المجتمعات , وعن طريقها تفسد ذمم الناس وضمائرهم , ويضيع الحق وينتشر الظلم والفساد , وتسود روح الإتكالية والنفعية على روح الواجب "[23]
ج- المحسوبية :
    " أن من الأسباب التي تؤدي إلى انخفاض مستوى الكفاءة في الإدارة الحكومية هو ان كثيرا من القرارات الإدارية , أو الإجراءات تقوم على الواسطات , والتي تعتبر بمثابة اعتداء وهضم لحقوق الآخرين , فالواسطة تخل بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين في الحصول على الخدمات الحكومية , فهي تعد بحق انحرافا في السلطة تجب المساءلة والعقاب "[24]

    " صحيح أن هناك أنظمة تتصدى لمثل هذه المخالفات الشنيعة , ألا أنها تعمل بالمزاج وحسب الظروف والمكانة الاجتماعية للمخالف ومرتبته الوظيفية وموقعه في سلم الهيكل التنظيمي " [25].


المبحث السادس : نماذج من أخلاقيات العمل في الفكر الاسلامي :
من أخلاقيات العمل ألا يكون بالسخرة: وهو يعني جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض عنوة على أي شخص تحت التهديد بأي عقاب، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع بأدائها بمحض اختياره.
انظر الاتفاقية الخاصة بالسخرة (رقم 29) التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته الرابعة عشرة، يوم 28 حزيران/ يونيه 1930 المادة 2 فقرة (1).
وتشغيل العامل سخرة يتنافى مع حرية الإنسان التي أتت بها الشريعة الإسلامية كما تتنافى مع كرامته يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70].
بل حرم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذه المعاملة حتى مع المملوكين من العبيد فما بالكم بالعمال الأحرار؟
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالمملُوكِيْنَ خيرا ويقول: أطعِموهم مما تأكلون وألبِسُوهُم من لَبُوسِكُم ولا تُعَذبوا خلق الله عز وجل» [كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري رقم [188) وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (470)].
وعَنْ الْمَعْرُورِ وهو ابن سويد قَالَ: «لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» [صحيح البخاري (1/ 34)].

فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم السباب للغلمان والمملوكين من أمر الجاهلية ووجه هذا الخطاب لأبي ذر الصحابي الجليل الزاهد أصدق الناس لهجة ليثبت دعائم الأخلاق في التعامل، وِليعلّم أصحابه ليس فقط إنصاف الخدم والمملوكين بل إكرامهم بإلباسهم مما يلبس المالك وإطعامهم مما يطعم.
ألا يكون العمل محرماً لذاته كعمل الربا لأن الله حرم الربا كما هو معلوم، وألا يكون محرماً لغيره وإن كان حلالا في ذاته، كالبيع المفوت لصلاة الجمعة أثناء صلاة الجمعة، لاشتماله على المخالفة الشرعية لأن هذا معصية لله تعالى وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل» [مسند أحمد بن حنبل (1/ 131) رقم (1095) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين].
من أخلاقيات العمال:
1- أن يلتزم حسن السلوك والأخلاق أثناء العمل.
حسن السلوك بالالتزام بما اقتضاه العمل أو العقد لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] ويدخل في ذلك لوائح العمل المبينة للعمال وطاعة المسئول.
2- عدم إفشاء الأسرار التي تحفظ بطبيعتها أو بموجب تعليمات في العمل مناف للأمانة.
ومما ينافي حفظ السر أن يحتفظ العامل لنفسه بأصل أي ورقة من الأوراق الرسمية، أو ينزع هذا الأصل من الملف المخصص لحفظه ولو كانت خاصة بعمل كلف به شخصياً.[26]
وقد أمر الله بحفظ الأمانات فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58].
فإذا ترتب على إفشاء الأسرار الإضرار بمصلحة صاحب العمل كان هذا أشد تحريماً لما هو معلوم من القاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار، وقد يترتب عليه التعويض عن الضرر، والتعرض للعقوبة تعزيرا.
من أخلاقيات أصحاب الأعمال:
سرعة تسديد العمال أجورهم على اختلاف أنواع أعمالهم.
وقد جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ» [صحيح البخاري (5/ 545) رقم (2270)]

نعوذ بالله من أن يكون الله خصيمنا!
في هذا الحديث بيان متى يلزم تسليم أجرة العامل، وذلك بعد استيفاء العمل، فمن أخر الأجرة بعد ذلك فقد وقع في المحظور، فإذا نص العقد على تسليم شيء في زمن معين كآخر الشهر أو الأسبوع فقد استوفى صاحب العمل حقه، ولا يجوز له التأخير من جهة الوفاء بالعقد ومن جهة استيفاء العمل المحدد بعمل شهر.
وهذا امتثال للشريعة الإسلامية، وعلى صاحب العمل أن يحذر من أن يتخذ القضاء حيلة للمماطلة فإن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وأما كون الأجر بالعملة الرسمية فلأنه العرف الذي يقضى به، فإن حددت العملة في العقد بغير ذلك لزم ما هو محدد لما تقدم من وجوب الوفاء بالعقود.
أما إذا لم ينص على الأجر فالرجوع إلى المثلي ثم العرف ثم المبادئ العامة للعدالة والمقاصد الشرعية مما أتت به الشريعة في النفقة وأجرة الرضاع والمهور كما هو قول غير واحد من العلماء.
إما تفسيراً لآيات من كتاب الله كقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 233].
وقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6].
أو نصاً في السنة النبوية فعن عبد الله بن عتبة بن مسعود: «أن عبد الله بن مسعود أتي في رجل بهذا الخبر قال فاختلفوا إليه شهرا أو قال مرات قال فإني أقول فيها إن لها صداقاً كصداق نسائها لا وكس ولا شطط وإن لها الميراث وعليها العدة فإن يك صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان فقام ناس من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان فقالوا: يا ابن مسعود! نحن نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاها فينا في بروع بنت واشق وإن زوجها هلال بن مرة الأشجعي كما قضيت. قال ففرح بها عبد الله بن مسعود فرحا شديدا حين وافق قضاؤه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم» [سنن أبي داود (1/ 643) رقم: (2116) قال الشيخ الألباني: صحيح].
التزام صاحب العمل بحسن الأخلاق وقد كان هذا خلقه العملي صلى الله عليه وآله وسلم مع من يخدمه من الأحرار وغيرهم فقد قَالَ أَنَسٌ: «وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ -يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم- تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَىْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا أَوْ لِشَىْءٍ تَرَكْتُهُ هَلاَّ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا» [صحيح مسلم (7/ 74) رقم (6156)].
وهو قدوتنا صلى الله عليه وآله وسلم كما قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: 21].

  


المبحث السادس : نماذج من أخلاقيات مهنة رجل الشرطة في الفكر الاسلامي :

أولاً: آداب عامة:
·   عليك أن تتحلى بدماثة الخلق وعليك الاعتراف بمسؤولياتك كخادم للشعب، والإصغاء بكل اهتمام للجماهير الذين يطلبون العون أو المعلومات أو الذين يرغبون في تقديم الشكاوى أو الإدلاء بالشهادة.
·       عليك تقبل مسؤولياتك إزاء الجمهور بالمواظبة على مواعيد عملك والمهام التي تكلف بها في أثناء تأدية عملك.
·       عليك أن تعد عملك أمانة عامة وأن تضع نصب عينيك في أثناء تأدية وظيفتك التزامك الأساسي نحو خدمة الجمهور وبشكل فعال.
·   عليك تنفيذ القانون بعدل، وبلا محاباة، وبطريقة معقولة وتجنب معاملة البعض معاملة خاصة مغايرة لتلك التي تعامل بها البعض الآخر، عليك إدراك حدود سلطاتك، والامتناع عن استخدام السلطة الممنوحة لمصلحتك الخاصة في أي وقت من الأوقات.
·   عليك الإخلاص لالتزامك بوصفك حارساً على الممتلكات العامة، ويجب أن تتذكر دائماً أن إساءة استعمال الممتلكات العامة أو الإضرار بها يتساوى في المسؤولية مع تبديد الأوراق النقدية من وجهة نظر الخزانة العامة.
·   اجتناب التهاون في أداء عملك بقبول المنح أو الهدايا أو الهبات من الجمهور أو الجهات التي قد تكون تربطك بهم علاقة خاصة أو مصلحة ما.
·   التعاون تعاوناً تاماً مع جميع الموظفين العموميين الآخرين في كل ما يرمى إلى تأمين سلامة الجمهور ورفاهيته، ويجب أن لا تسمح للغيرة أو الاختلافات الشخصية بالتأثير على تعاونك مع الجهات الأخرى.
·   عليك رفع مستوى كفايتك بالمثابرة على الدراسة والاهتمام بتهذيب النفس بإخلاص وانتهازك كل فرصة تسنح لك لنشر المعلومات العلمية النافعة التي تتصل بسلامة الجمهور ورفاهيته.
·   عليك أن تسلك في حياتك الخاصة والعامة منهاجاً يدفع الجمهور إلى النظر إليك كمثل للاستقرار والإخلاص والخلق القويم فلا يحق لك أن تمضي في حياتك الخاصة منساقاً وراء نزواتك بل يجب أن تكون مثلاً يحتذى في الخلق القويم وأن تبذل جهداً مضاعفاً للابتعاد بنفسك عن مواطن الشبهات والزلل.
·   عليك الإخلاص لحكومتك ومهنتك وقبول مسؤولياتك باعتبارها التزامات مقدسة وتنفيذ ما يصدر من أوامر وبذل الجهد في الارتقاء بمستوى التنفيذ دون مناقشة طبيعة هذه الأوامر.

ثانياً: آداب خاصة:
·   ضع نصب عينك في أثناء أداء واجبك أن واجبك ينبغي أن يؤدى في الحدود التي لا تعرقل سير العمل في المكان الذي تقوم فيه بعملك حتى لا تسبب مشكلات.
·       اهتم بصحتك ولياقتك البدنية حتى يمكن لك أن تؤدي واجبك على الوجه الأكمل.
·       لا تلبس الزي الرسمي وتضع يديك في جيبك وحافظ على المظهر العام كرجل شرطة.
·       ضع نصب عينيك أنك عضو في وحدة هامة وذات شرف.
·       اعرف عملك جيداً وانتهز كل فرصة لزيادة ثقافتك.
·   اهتم بالتدريب في جميع النواحي الفنية والتخصصية التي تفيدك في عملك، إضافة إلى التدريب على إطلاق النار والمصارعة اليابانية واللياقة البدنية والعلاقات العامة التي تزيد من الثقة والاعتداد بالنفس.
·   اجعل أخلاقك وتصرفاتك دائماً فوق مستوى الشبهات وكن أميناً في معلوماتك مخلصاً وصادقاً في حديثك، مطيعاً لكل الأوامر، حريصاً على أداء واجبك كحرصك على المحافظة على كرامتك.
·       لا تعمل خارج وحدتك ولا في مصلحة غيرها وابذل قصارى جهدك في خدمتها بأداء واجبك كاملاً.
·       عامل إخوانك كما تحب أن يعاملوك واحرص على المحافظة على كرامتهم وحياتهم كحرصك على حياتك وكرامتك.
·       أطع رؤساءك، واجعل من واجبك أداء العمل الذي يؤكد ثقتهم فيك وفي عملك.
·       لا تعد بوعد لا تستطيع الوفاء به.
·       جعل شعارك دائماً مساعدة الآخرين.
·       لا تجعل من يتعاملون معك يحسون بسلطاتك وسطوتك، فهذا يولد كراهيتهم لك ويجعلهم لا يحبون التعاون معك.
·       احترم الأقدم وقدم له التحية العسكرية عن طيب نفس.
·       تصرف دائماً بحزم مصحوبٍ بالهدوء.
·       اشرح دائماً فكرتك بأسلوب ميسر سهل واضح ولا تنفعل.
·       حافظ على نظافة ملابسك وراعِ دائماً أن تكون مكوية.
·       عامل الجنس الآخر بلباقة ولطف واحترام.
·       تكلم بشيء نافع دائماً عن نفسك وغيرك وإلا فكن صامتاً فذلك أفضل.
·   أُحكم عواطفك وشعورك مهما اعترضك من مواقف، وقبل أن تجبر الغير على احترامك، احترم نفسك أولاً فهذا هو الطريق السهل لاحترام غيرك لك.
·   لا تغضب فإنه إذا غضبت لن تستطيع الحكم على الأمور بدقة، وسيصدر منك في أثناء غضبك كلام أو أفعال ستندم وتحاسب عليها فيما بعد.
·       لا تتحيز حتى لا تفقد هيبتك وتصبح ضعيفاً كأحد الخصوم.
·       لا تكن عبوساً أثناء تأدية عملك فالابتسامة لا تكلف شيئاً، ولكن أثرها كبير في نفس من تعامله.
·       لا تتدخل في عمل غيرك.
·   كن نشيطاً دائماً ولا تكن كسولاً، فالمجرم الذي يفكر في ارتكاب جريمة يعرف الكسول من رجال الشرطة ويميزه من غيره ويختاره لارتكاب جرمه من طريقه، ويرهب المجرم ويخاف من رجل الشرطة النشط اليقظ ويعرفه جيداً أيضاً، فيجب أن يكون دائماً أداؤك إرهاباً للمجرم لا وسيلة يستخدمها في يده.
·       لا تفشِ الأسرار التي حصلت عليها بصفتك الوظيفية.
·       لا تقدم بيانات غير صحيحة.
·       لا تخفِ أوراقاً أو مستندات أو أموالاً كان يجب تقديم بيان عنها أو تسليمها .
·       كن حريصاً فلا تترك أوراقاً هامة أو سرية في سيارتك أثناء تركها أو في مكان عام.
·    كن حازماً هادئاً مع مرؤوسيك ولا تغضب فمن يغضب لا يصلح أن يصدر تعليمات أو أن يكون رئيساً، كما أنك تُعتبر بالنسبة لمن هم أقل منك رتبة أستاذاً، يهتدون بهديك ويسيرون على خطاك، فهم يتعلمون من طريقتك فعلمهم الصواب ولا تعلمهم الخطأ، فلو رأيت مرؤوسك مخطئاً في تنفيذ التعليمات والأوامر فلا تغضب، واعلم دائماً أن الأوامر والتعليمات تتولد نتيجة الخطأ في العمل نفسه، فيجب أن تُفهم مرؤوسيك خطأهم وتعلمهم الطريق الصواب.
·   أصدر أوامرك إلى مرؤوسيك بحزم ووضوح بشرط أن تكون واجبة الطاعة وهي تكون كذلك لو كانت في حدود حسن أداء العمل ونظامه فلا تطلب من مرؤوسيك شيئاً مخالفاً للنظم والتعليمات حتى لا يخالفوا ويعصوا أوامرك، فالسلطة الممنوحة لك لإصدار الأوامر والتعليمات ليست راجعة لشخصك بل منحتها لك وظيفتك ومركزك في العمل.
·       اعلم أن طاعة المرؤوس لك عن فهم خير ألف مرة من الطاعة العمياء، فعليك أن تعود مرؤوسيك ذلك من البداية.
·   عليك أن تراقب مرؤوسيك جيداً وتلاحظ أخطاءهم وتحاول أن تصلحها مثل:
أ ـ التأخر في الحضور للخدمة: ويتم إصلاح ذلك باللين أولاً ثم بالجزاء ثانياً.
ب ـ العمل الروتيني: بعد مرور الوقت في العمل نجد أن الرتابة تبدأ لدى المرؤوس فيتم العمل طبقاً للتعليمات ولكن بوجود قدر كبير من التكاسل الذي قد يكون مصدر خطر في كثير من الأحيان خاصة لمن يقومون بأعمال الحراسة ويتم معالجة ذلك بالتنبيه وتصحيح الأخطاء باستمرار.
ج ـ الحديث بلا داع: الأمر الذي يشغل الفرد الذي يعتاد عليه عن حسن أداء واجبه ويتم علاج ذلك بالتنبيه المستمر ومتابعة ما تم تنفيذه من أعمال.
د ـ الجلوس في الخدمة لمن يحتاج عملهم الوقوف مثل أعمال الحراسة وهذا يتم علاجه بالمرور المفاجئ والتنبيه.
هـ ـ الجهل بواجبات الوظيفة أثناء المهمة التي يؤديها وهذا يتم علاجه بالحرص الدائم على مناقشة المرؤوس خاصة المستجد في واجبات الوظيفة ويفهمه دائماً ما خفي عليه ويجعله دائماً عارفاً قارئاً لمذكرة تعليمات واجبات الوظيفة.
و ـ تلقي التعليمات، وممن يتلقاها ويجب أن يفهم المرؤوس دائماً المصدر الذي يتلقى منه التعليمات فلا تأخذه الهيبة أمام الرتب التي تعلوه وينفذ ما يتلقاه من أوامر. كما أنه يجوز أن تكون هناك حالات انتحال صفة رجل الشرطة.
زـ ظاهرة تجمع المرؤوسين قرب انتهاء وقت العمل ويتم معالجة ذلك بتعويد المرؤوس على الاستمرار في خدمته لآخر لحظة وحتى يحضر من يحل محله في الخدمة، بشرط أن يعرف من سيستلم الخدمة بدلاً منه معرفة شخصية وأن يتأكد كذلك من أنه هو المعين لهذه الخدمة خوفاً من أن يقع ضحية لعملية خداع ويتسلم منه الخدمة شخص غير مسؤول بقصد ارتكاب جريمة.

·   ادفع الناس لحبك وقبولهم لك، وذلك بذكر الناس دائماً بالخير، فتجد من تذكره بالخير إذا سمع ذلك ملكه حبك، والشخص الذي يستمع ذلك منك سيحبك لأنه يعلم أنه في يوم قريب ستتكلم عنه مثل ما قلته عن الآخرين.
·       اجعل شعارك دائماً كسب صديق جديد كل يوم فما أكثر فائدة الأصدقاء.
·       أظهر في عملك الإخلاص والأمانة والثقة والسرعة فالناس الذين يرون ذلك منك سيتكلمون عن ذلك كثيراً بعد أن يتركوك.
·       اجعل الناس يصدقونك ويثقون بك عن طريق الخدمات التي تقدمها لهم.
·       برهن للجمهور الذي يتعامل معك دائماً أن ما تفعله لمصلحتهم.
·       أحسن معاملة زملائك والجمهور الذي يقابلك، حتى ولو وجدت صعوبة كبيرة مع بعضهم.
·       اترك أثراً طيباً في نفس من تقابلهم.
·   لا تظهر الشك في قول من يحدثك، فمعنى إظهارك الشك في قوله أنه غير صادق، ولكن حاول دائماً أن تسمع كل ما يقوله وتشعره دائماً بأنك تثق بكل كلمة يقولها، وبعد سماعك لحديثه ابحث عن مدى صحة ما قاله حتى تتأكد تماماً من صدقه وصحته.
·   افهم أن رئيسك مسؤول أمام غيره من الرؤساء عن حسن أداء العمل وانتظامه فلو أحسنت أداء عملك فأنت تحسن إلى رئيسك وتساعده ولذا سيقدرك، وإذا كنت لا تؤدي عملك بدقة وكفاية فلا يمكن لرئيسك أن يتعاون معك أو يقدرك.
·   اعلم أن مرور رئيسك عليك في خدمتك ليس معناه عدم الثقة بك، بل أداء لتكليف ولواجب مكلف به وهو التأكد من حسن انتظام العمل ومعرفة كل شيء عنه لأنه مطالب بتلك المعرفة وسيسأل عنها.
·       افهم عملك جيداً، فالرئيس يقدر ويعاون المرؤوس الذي يفهم واجباته ويؤديها بكفاية لأنك بذلك ستوفر عليه الكثير من الجهد.
·   اعلم أن الرئيس يحب منك عندما ترى مشكلة أن تفكر في حلول عدة لها، وعند عرض المشكلة عليه اعرض الحلول التي تقترحها فذلك سيساعده كثيراً في اختيار الحل المناسب للمشكلة التي تعترضك.
·   اعلم أن الرئيس يحب سماع الثناء على مرؤوسيه ويحب أن يسمع كلام باقي الرؤساء عن حسن انتظام عمل رجاله وأنت تستطيع أن تقدم له دائماً هذا الإحساس وتسمعه هذا الثناء.




الخاتمة


خلاصة القول: إن جوهر الوظيفة الأمنية للشرطة خدمة المواطن كما أن الشعور بالمسؤولية والوعي بأهمية دور المواطن في استقرار المجتمع هما الخطوة الهامة المتصلة بالعمل الأمني لسلامة المجتمع، فعلى المواطن دور كبير وهام في دعم ومساندة جهود الدولة ورجال الأمن للوقوف جنباً إلى جنب مع الذين ضحوا بأنفسهم وأرواحهم فداء لهذا الوطن و عليه فإن قمة نجاح هذا التعاون تكون بتخطي هذه المعوقات ، و تتم كذلك حين يدرب المواطنون المتعاونون مع رجال الشرطة و الأمن بوجه عام ، تدريباً مشتركاً على إجراءات أمنية محددة، تضمن وحدة المفاهيم، وتمكن الجميع من القدرة على الوصف والتخاطب بأساليب اتصال معتمدة ومحددة.

من بديهيات الأمور أن أي موظف يعمل ضمن حقل معين يعرف ماذا تعني وظيفته وما هي الأسس التي تقوم عليها تلك الوظيفة وألا أصبح عمل ذلك الموظف عملا عشوائيا لا يستند إلى فهم صحيح .. 
والعسكرية بشكل عام مهنة لا يحترفها ألا من امن بجملة من المبادئ أولها حب الوطن وحب الشعب والإيمان بان لا كرامة للإنسان ألا بمقدار ما يقدمه لبلده .. وبهذا المعنى فأن وظيفة رجل الشرطة كوظيفة عسكريه ترتبط بمعاني ودلالات يفتخر ويعتز بها كل من انضوى تحت لواء هذا السلك العريق.

إن حسنُ الأخلاق هو كلُّ قولٍ طيّب، وكلّ عملٍ طيّب، فإذا تمكنت من هذا وذاك طاب عيشك وأحسست بالسعادة، ومالت نفسُك للأنس والراحة، فمن حَسنُ خُلقه كثُر محبّوه وأنست النفوسُ به، ومحبةُ الناسِ لكَ سعادة، ولذلك فإنّ من الأمراض النفسيّة الحادّة هو "سوء الخلق" أو الطباع الخشنة، أو السلوك المنافي للآداب، حيث أن "مَن ساءَ خلقه عذَّب نفسه". و"مَن ضاقت ساحتهُ قلّت راحتُه"! والعذاب النفسيّ هو أقسى العذابات، فالُمسيء لغيره لا يعذِّب غيره فقط، بل يعذِّب نفسه أيضاً، لأنّه يشعر أنّه مكروه ومُقرف ومنبوذ، فكيف يجدُ لذّةً من هذا هو شعوره.



إنَّ أهم النتائج في أخلاقيَّات العمل هي:
1.    أنَّ الإسلام دين الأخلاق القويمة، وأنَّ محمدَ بن عبدالله رسولَ الله وخاتم النبيين بُعِثَ لإتمام مكارم الأخلاق.

2.  أن الأخلاق الإسلامية كلُّ عمل وقولٍ يحبُّه الله - تعالى - ويَرضاه وَرَدَ في الكتاب والسُّنَّة؛ من أداء الأمانة، وإتقان العمل، والتعاوُن على البرِّ والتقوى، وحُسن معاملة الناس.

3.    أنَّ الملتَزِم بالأخلاق الإسلاميَّة له حياةٌ طيِّبة في الدُّنيا، وفوزٌ برِضوان الله في الآخِرة.

4.    أنَّ العمل في الإسلام هو كلُّ جُهدٍ مشروع مادي أو معنوي، أو مُؤلَّف منهما معًا.

5.    تقومُ أخلاقيَّات العمل في الإسلام على القوَّة والأمانة.

6.  وأنَّ أخلاقيَّات العمل الإيجابيَّة هي: تأدية الواجبات، مُراعاة المسلك القَوِيم في العمل وخارجه، ومع الرُّؤَساء والزُّمَلاء والناس، وطاعة الله ورسوله، ثم طاعة الرُّؤساء في غير معصية الله، ثم الأنظمة المرعيَّة.

7.  وأنَّ أخلاقيَّات العمل السلبيَّة هي: نقد أو لوم الحكومة، وإساءة استِعمال السلطة واستغلال نفوذها، وإفشاء أسرار العمل، والاشتغال بالتجارة، أو الجمع بين العمل وآخَر يَتعارَضُ معه دون أذنٍ من ولي الأمر.

وآخرُ دَعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.






توصيات


من اجل ترجمة حقيقية لهذه المثل والمبادئ وطالما نحن بصدد البحث في أخلاقيات ومثل وقواعد سلوك رجال الأمن والشرطة فإننا نختم بحثنا بعدد من التوصيات والمقترحات نضعها أمام المسؤولين عن اعداد وتأهيل الشرطة, لأن الألتزام بقواعد الأخلاقيات المهنية شرط لازم لكسب ثقة الجمهور ونجاح رجل الشرطة في أداء مسؤولياته القانونية والاجتماعية:
1- العناية في انتقاء العاملين في المجالات الأمنية وبخاصة ذات الصلة المباشرة بالناس, ومراعاة توافر المواصفات السلوكية والأخلاقية والنفسية.
2- الاهتمام بتقنين أخلاقيات مهنة الشرطة وفق ضوابط وأدوات تشريعية وتنظيمية ملزمة مع وضع الجزاءات على منتهكيها.
3- الاهتمام بتثقيف رجال الشرطة بالعلوم والمعارف القانونية والسلوكية, ومبادئ وأسس العلاقات العامة وكيفية كسب ثقة الناس ومحبتهم.
 4- حث الضباط القادة ان يكونوا قدوة حسنة لتابعيهم, إذ لا قيمة للتوجيهات والأوامر والضوابط إن كانت تخرق من قبل الآمرين, وخير النماذج المؤثرة هي القدوات الصالحة.
5- الاهتمام من خلال الدورات التأهيلية والندوات والبرامج لتطوير المهارات السلوكية لرجال الأمن, وإجراء الفحوصات والاختبارات للتيقن من مدى إتقانها وسلوكها.
6- الاهتمام بالمراقبة والمتابعة والتفتيش وملاحظة تصرفات العاملين والعمل على تقويم السلوك غير المنضبط, وتطوير صيغ المراقبة, وفسح المجال لتلقي شكاوى المواطنين وملاحظات الإعلام  أزاء التصرفات السلبية من لدن رجال الأمن.
7- تطوير أساليب الترغيب والترهيب والحث على السلوك القويم من خلال المكافأة للمجدين والمحاسبة للمقصرين في الأداء, فالجيدون لابد أن يثابوا ويكافأوا وينشر هذا التكريم, وكذا المتقاعسون والمقصرون يحاسبون ويوجهون مع تعميم تلك العقوبات لتكون عبرة وعظة ودروسا للغير.
8- الأهتمام بالجانب الروحي في الأعمال الشرطوية, وذلك من خلال تعيين المرشدين والوعاظ للتوعية والإرشاد وإلقاء الدروس والمحاضرات التوجيهية, وضرورة ربط رجل الأمن بمخافة الله واستشعار رقابته عز وجل والخوف من حسابه.



المصادر والمراجع


1.  الأخلاق؛ للدكتور أبو زيد العجمي، ضمن الموسوعة الإسلامية العالمية، بإشراف أ.د محمود حمدي زقزوق، القاهرة، وزارة الأوقاف، 1422هـ - 2001م.

2.  أخلاق العمل وسلوك العاملين في الخدمة العامة والرقابة عليها من منظور إسلامي؛ د. فؤاد عبدالله العمر، بحث رقم 25، السعودية - البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، ط1، 1419هـ - 1999م.

3.    الأخلاق ومعيارها بين الوضعية والدين؛ الدكتور حمدي عبدالعال، الكويت - دار القلم، ط 3، 1405هـ - 1985م.

4.  أدب الدنيا والدين؛ لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي، بيروت - المكتبة العصرية، ط 1، 1427هـ - 2006م.

5.  أركان حقوق الإنسان، بحث مقارن في الشريعة الإسلاميَّة والقوانين الحديثة؛ د. صبحي المحمصاني بيروت - دار العلم للملايين ط 1، مارس 1979م.

6.    أصول الأخلاق الإسلامية؛ د. بدر عبدالرازق الماص، الكويت: الهيئة العامَّة للتعليم التطبيقي والترتيب، 1416هـ - 1996م.

7.  بعض المبادئ التي تحكم الإدارة العامة في الإسلام؛ د: محمد رأفت عثمان، بحث في كتاب الإدارة في الإسلام التابع للمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، السعودية - البنك الإسلامي للتنمية، ندوة رقم 31.

8.  التعليق على السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ الشيخ محمد بن صالح بن العثيمين، الرياض - دار الوطن للنشر، ط 1، 1427هـ.

9.  حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والفكر القانوني الغربي؛ الدكتور محمد فتحي عثمان، بيروت - دار الشروق، ط 1، 1402هـ - 1982م.

10.         حقوق الإنسان في الإسلام، دراسة مقارنة مع الإعلان العالمي والإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان، أ.د محمد الزحيلي، دمشق - دار الكلم الطيب، ط 3، 1424هـ - 2003م.

11.                       حقوق الإنسان في الإسلام؛ د. راوية الظهار، جدة - دار المحمدي، ط1، 1424هـ - 2003م.

12.         حقوق الإنسان في القرآن والسنة وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية؛ أ.د محمد بن أحمد صالح الصالح، ط1، 1403هـ - 2002م.

13.         الخدمة المدنية على ضوء الشريعة الإسلامية، مدخل لنظرية؛ د. محمد عبدالله الشباني، الرياض - دار عالم الكتب للنشر والتوزيع، ط 2، 1410هـ - 1990م.

14.         حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي؛ د. صالح بن عبدالله الراجحي، الرياض - مكتبة العبيكان، ط1، 1425هـ - 2004م.

15.         الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية، دراسة تحليلية للأنظمة واللوائح التنفيذية من واقع تطبيقي؛ سليمان محمد الجريش، الرياض - مطبعة سفير، ط 1، 1418هـ.

16.         الذريعة إلى مكارم الشريعة؛ لأبي القاسم الحسين بن محمد بن المفضل المعروف بالراغب الأصفهاني المتوفى 502هـ؛ تحقيق: د.أبو اليزيد العجمي، المنصورة - دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2، 1408هـ، 1987م.

17.         لائحة الواجبات الوظيفية، منشور في مجلة العدل، المملكة العربية السعودية، العدد 34 ربيع الآخر، 1428هـ السنة التاسعة.

18.         مبادئ الإدارة العامة والنظام الإداري في الإسلام مع بَيان التطبيق في المملكة العربية السعودية؛ د. فؤاد عبدالمنعم أحمد، الإسكندرية - مؤسسة شباب الجامعة، 1411هـ - 1991م.

19.         مبادئ الخدمة المدنية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية؛ عبدالله بن راشد السنيدي، مطابع الحميضي، ط9، 1422م، 2001م.

20.                       مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام؛ د. يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، ط5، 1406هـ - 1986م.

21.                       المعجم الوسيط؛ إبراهيم مصطفى، أحمد حسن زيات وآخرين، إستنبول - المكتبة الإسلامية، معجم اللغة العربية.

22.                       القانون الإداري السعودي؛ أ.د السيد خليل هيكل، الرياض - دار الزهراء، ط 1، 2009م.

23.         القانون الإداري في المملكة العربية السعودية؛ د. جابر سعيد حسن محمد، الرياض - دار المؤيد، ط 1، 1421هـ - 2000م.

24.         العثيمين , فهد سعود . أخلاقيات الإدارة في الوظيفة العامة وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية . مكتبة التوبة . الرياض 1993م .
25.         الصواف , محمد ماهر . أخلاقيات الوظيفة العامة والعوامل الإدارية المؤثرة في مخالفتها بالتطبيق على المملكة العربية السعودية . الإدارة العامة . الرياض . العدد 82 . 1414 هـ

26.                       الأشعري , أحمد داود . الوجيز في أخلاقيات العمل . خوارزم العلمية للنشر والتوزيع . الرياض 2008م

27.                       الصباغ , زهير . البعد الأخلاقي في الخدمة العامة . الإدارة العامة . العدد : 47 . الرياض 1406 م

28.         إل كوبر , تيري . الإداري المسئول "مدخل أخلاقي للدور الإداري" . النشر العلمي والمطابع – جامعة الملك سعود . الرياض 2001 م

29.                       نصر , خالد أحمد . أخلاقيات العاملين في مهنة الشراء . الإدارة العامة , العدد : 36 . الرياض 1403 هـ

30.                       ياغي , محمد عبد الفتاح . الأخلاقيات في الإدارة . جميع الحقوق محفوظة  للمؤلف . الأردن . 1995 م

31.         العمر , فؤاد عبد الله . الإعداد الأخلاقي وأهميته في الإدارة الحكومية في الكويت ودول الخليج العربية . مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية . العدد : 83 . الكويت .  1996 م

32.         دسوقي , كمال . سيكولوجية الإدارة العامة وأخلاقيات الخدمة المدنية ., مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية . مصر . 2000 م

33.         رسلان , أنور احمد . الصلاحية الأخلاقية "شرط تولي الوظيفة العامة بمصر ودول مجلس التعاون الخليجي" : دراسة مقارنة , الإدارة العامة  . العدد : 65 , الرياض . 1410 هـ

34.                       نجم , عبود نجم . أخلاقيات الإدارة في عالم متغير . المنظمة العربية للتنمية الإدارية . القاهرة . 2000 م




[1] - عبد الرحمن الوابلي ،  منظومة أخلاقيات لا منظومة أخلاق - إيلاف - الوطن السعودية - تاريخ النشر 30 أكتوبر-2009
[2] - د. أكرم عبدالرزاق المشهداني ، أخلاقيات العمل الأمني ، 14/08/2010
[3] -  الأخلاق ومعيارها بين الوضعية والدين؛ الدكتور حمدي عبدالعال، الكويت - دار القلم، ط 3، 1405هـ - 1985م, ص18  .
[4] - ياغي , محمد عبد الفتاح . الأخلاقيات في الإدارة . جميع الحقوق محفوظة  للمؤلف . الأردن . 1995 م,ص27
[5] - أخلاق العمل وسلوك العاملين في الخدمة العامة والرقابة عليها من منظور إسلامي؛ د. فؤاد عبدالله العمر، بحث رقم 25، السعودية - البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، ط1، 1999م., ص83
[6] - - الأخلاق؛ للدكتور أبو زيد العجمي، ضمن الموسوعة الإسلامية العالمية، بإشراف أ.د محمود حمدي زقزوق، القاهرة، وزارة الأوقاف، 1422هـ - 2001م.
[7] - ياغي , 1995م , ص145
[8] - غوشه , 83م,ص46
[9] - التعليق على السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ الشيخ محمد بن صالح بن العثيمين، الرياض - دار الوطن للنشر، ط 1، 1427هـ ، ص57 .
[10] - ياغي , 1995م , ص43
[11] - غوشة , 1983م , ص49
[12] - عيسى , 1988م , ص140
[13] - العثيمين , 1993م , ص 60
[14] - غوشه , 1938 , ص59
[15] - ياغي ، 1995 م ، ص 56 .
[16] - غوشة , 1983م , ص 101
[17] - العثيمين , 1993م , ص70
[18] - الأشعري , أحمد داود . الوجيز في أخلاقيات العمل . خوارزم العلمية للنشر والتوزيع . الرياض 2008م , ص182 .
[19] - العثيمين , 1993م , ص 76
[20] - رسلان , 1990م , ص 216
[21] - العثيمين , 1993م , ص 106
[22] - الأشعري , 2008م , ص202
[23] - العثيمين , 93م, ص138
[24] - العثيمين , 1993م , ص160
[25] - الأشعري , 2008م , ص201
[26] - انظر أخلاقيات الإدارة في الوظيفة العامة وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية لفهد بن سعود العثيمين ص 106-107 بتصرف.


التعليقات



إتصل بنا

CopyRights

النجباء

2019